الرياضة تصلح ما تفسده السياسة، هذه المقولة يبدو ان اولمبياد بكين - التي تنطلق في الثامن من الشهر القادم - تنطبق عليها رغم الانتقادات والاحتجاجات التي واجهتها من قبل الدول الكبرى وجماعات حقوق الانسان والمهتمين بقضايا البيئة وظهر ذلك جلياً في الصعوبات التي واجهتها الشعلة الاولمبية عبر مرورها سيما في لندن وباريس، لكن الحكومة الصينية متفائلة بأن الدورة ستحقق نجاحاً كبيراً على المستويات كافة سياسياً ورياضياً واقتصادياً وعلى مستوى البيئة. ومبعث تفاؤل الصين يأتي من اعلان نصف قمة دول الثماني امريكا وفرنسا واليابانوروسيا المشاركة في حفل الافتتاح على مستوى القادة بينما تشارك المانيا بوفد رفيع المستوى، وأكدت انجيلا ميركل المستشارة انها لن تحضر حفل الافتتاح وحذا حذوها الرئيس كولر، وموقف الحكومة الالمانية ربما انه متأثر بعض الشيء من موقف الحكومة الصينية التي لم تكن راضية عن زيارة قام بها الدلاي لاما الزعيم الروحي لاقليم التبت لبرلين أخيراً واعلن فيه رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون عدم حضوره الافتتاح، لكنه أكد انه سيعوض ذلك بحضور حفل الختام، واعلن الرئيس الامريكي جورج بوش مشاركته في حفل الافتتاح بصحبة زوجته في إطار جولة يقوم بها لشرق آسيا رغم معارضة باراك اوباما مرشح الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية وهيلاري كلينتون على خلفية احداث التبت وذهب بوش ابعد من ذلك حين فوض وزيرة خارجيته كونداليزا رايس لرئاسة الوفد الامريكي الرسمي لحضور حفل الختام. أما الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أكد على هامش اجتماعات قمة دول الثماني باليابان أخيراً انه سيكون هناك وانه حصل على تأييد الدول ال (28) المكونة للاتحاد الاوروبي التي تشغل بلاده حالياً رئاستها الدورية رغم الاحتجاجات التي اجتاحت العاصمة الفرنسية باريس عند مرور الشعلة الاولمبية بها. أما ايطاليا فانها تمثل بسكرتير مجلس النواب روكو كريمي كما صرح بذلك فرانكو فراتيني وزير الخارجية، حيث قال إن التمثيل الايطالي سيكون حاضراً، ففضلاً عن سكرتير مجلس النواب سيكون هناك رئيس الاتحاد الرياضي وغيرهما ممن سيقرر الذهاب، وأضاف وزير الخارجية ساخراً: لن اتمكن من المشاركة لان لوزير الخارجية حقوقه الانسانية ايضاً ومن بينها الحق في التمتع بعطلته الصيفية، أما اليابان فانها ستشارك على مستوى رئيس الوزراء ياسو فوكودا الذي اعلن ذلك خلال اجتماعات قمة دول الثماني الذي اقيمت أخيراً ببلاده، أما روسيا الحليف الأكبر للصين فانها ستكون حاضرة بالتأكيد حيث أعلن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ببكين بعد محادثات مع نظيره الصيني يانغ جه تشي أن رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين سيحضر مراسم افتتاح أولمبياد بكين. وبمثلما ان الرياضة تصلح ما افسدته السياسة فان العكس دائماً هو الصحيح ويظهر ذلك في تدخل الحكومة العراقية في عمل اللجنة الاولمبية العراقية وحلها في مايو الماضي بسبب نزاع حول كيفية تشكيلها مما حدا باللجنة الاولمبية الدولية إلى استبعاد العراق من المشاركة رغم المهلة التي حددتها الدولية لاعادة المسؤولين التي اقالتهم الحكومة العراقية من مناصبهم، لكن الاخيرة لم تتراجع عن قرارها، ولم تشفع لهم تلك المبادرات التي قام بها منظمو الدورة واعلانهم عن تعاطفهم مع الرياضيين العراقيين. وفيما بعد وافقت اللجنة الأولمبية الدولية على رفع الحظر عن مشاركة العراق في اتفاق تم التوصل إليه في اللحظات الأخيرة لإنهاء خلال مع الحكومة العراقية بعد زيارة وفد حكومي عراقي برئاسة الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ الى مقر اللجنة الأولمبية في سويسرا. ويدعو الاتفاق الى إجراء انتخابات جدية تتسم بالشفافية والنزاهة للجنة أولمبية عراقية جديدة ومستقلة في نهاية نوفمبر على أقصى تقدير. على الجانب الاقتصادي تعول الصين كثيراً على هذه الدورة، فبعد الكسب السياسي المتمثل في مشاركة قادة الدول الكبرى فانها تطمح الى تحقيق ربح اقتصادي كبير، حيث تشير التقديرات الى ان الحكومة الصينية ستجني ارباحاً تقارب المليار دولار من استضافة الاولمبياد متفوقة على اولمبياد لوس انجلوس التي بلغت ارباحها «220» مليون دولار، هذه النقطة بالذات اثارت غيرة الحكومة الامريكية. أما فيما يتعلق بأوضاع حقوق الانسان فيبدو انه الوتر الذي تضرب عليه منظمات حقوق الانسان فبمجرد الاعلان عن استضافة بكين للدورة اعلنت الحرب عليها لافشالها لكنها لم تحقق نجاحاً يذكر حتى جاءت احداث التبت الدامية التي ألقت بظلالها السالبة فاستغلتها المنظمات أسوأ استغلال بيد ان المستشار القانوني للجنة الاولمبية الدولية يدافع عن سجل الصين في مجال حقوق الانسان بقوله: «إن الاستضافة ستسهم في الارتقاء بأوضاع حقوق الانسان وقال إن التركيز الاعلامي يجبر الحكومة الصينية على صيانة سمعتها الدولية واضاف: لو لم تمنح الصين شرف استضافة الالعاب لما تقدم وضع حقوق الانسان فيها، مستطرداً ان الحملات التي تتعرض لها الصين يقف وراءها أناس لهم اجندات أخرى احترمها ولكن لا اتفق معها. تبقت أيام قليلة وينطلق الحدث الأكبر رغم انف المنتقدين والمحتجين ومنظمات حقوق الانسان التي ارادت ان تلج بالسياسة في هذا المحفل الرياضي أو ما يعرف بتسييس الرياضة.