تفيد وتمتع كتابات الدكتور «عمر شاع الدين» عن اللغة وخاصة مباحثه في اللغة العامية.. وضمن ما قرأت له أخيراً عبارة «عكاز الكلام» وهو من الأمثال التي تناولها الشيخ الفذ «بابكر بدري» ومؤداه: أن الأميرة «نصرت بت المك عدلان» أمرت كاتباً أن يكتب لها جواباً لأخيها.. وأخذت تمليه وبعد كل جملة تقول له: اسمعني النكلمك فيكتبها الكاتب ضمن الجواب.. فلما قرأ لها في النهاية الخطاب وجدته يكتب في رأس كل جملة: «اسمعني النكلمك فقالت له: «أنت تكتب عكاز الكلام». - ونحن نسميها «لازمة» أو «تيمة» وهي ظاهرة في حديث معظمنا.. حتى نكاد نجزم بأن لكل سوداني «لازمة» أو «تيمة» أو «عكاز كلام» وقد أورد أستاذنا «شاع الدين» ان للراحل المقيم دكتور عون الشريف عكاز كلام في قوله «شفت كيف». - ومن عكاز الكلام لدى معظمنا والتي تبدو جارحة.. كضاب أو كضابة.. أو أصلي ما بصدق وأشهر العكاكيز «مُش؟!» أو «يعني» أو «عارف» أو «أسمعني» أو «فهمتني» وهناك لازمة مسجوعة استخدمتها كثيراً فراجت وهي «يا شاب يا جذاب». وقد تسربت عكازة الكلام الى الكتابات الساخرة وللاستاذة منى سلمان لازمة تكتبها دائماً: عاد ده كلام- وللدكتور فتح العليم عبدالله لازمة «شايف كيف». وعندما كنا في الجامعة كان صديقنا الشاعر ودارس الفلسفة اتخذ لازمة له جارحة هي وين يا تافه- وكنا قد قبلناها منه إلا أنها كلفته «بونية» حين قالها لأحد الزملاء من الإسلاميين الملتزمين. ومن عكاكيز كلام المدرسين أذكر لأستاذ الجغرافيا عبارة «يتعذر ويتعسر ولا يتيسر» يقولها بمناسبة وبدون مناسبة- واستاذ الإنجليزي كانت له لازمة «ستنق ساكت»، أما وكيل المدرسة فكانت له لازمة «يا كرور». ولدى الزميل الحبوب «العراقي» لازمة هي عبارة يا جميل يستخدمها أيضاً الاستاذ صلاح عيسى الكاتب ورئىس تحرير صحيفة القاهرة يقولها في الهاتف وللجميع. وكانت تعجبني لازمة لأحد أعمامنا في الحي هي «أوعه بالك» وللمعلق الرياضي الرشيد بدوي لازمة أصبحت شهيرة ألا وهي «هو والقون». وكثيراً ما يقول لي محدثي في الهاتف: عاين.. فأقول له: أعاين كيف في التلفون! وللنساء عكازات كلام كثيرة وبليغة مثل: «أجي».. أو «سجمي سجمي» أو «كُر». وبعض اللوازم محرجة مثل المذيع المعتق الذي كان يستخدم كلمة «برافو».. ويقال والعهدة على الراوي أنه قابل مواطناً يريد إذاعة نعي لوالده المتوفى.. فسأله دفنتو فقال له: نعم.. فقال له: «برافو» حيث كان هنالك قرار بعدم إذاعة نعي المتوفى في النشرة الرئيسية إذا كان الدفن قد تم.. لذلك يتحايل الناس كي يُذاع خبر الوفاة في النشرة الرئيسية.. فيذكرون أن الدفن يكون الساعة «كذا» بينما يكون المتوفى قد دُفن. وهناك لازمة حركية مثل: برم الشعر.. أو حك الأنف.. أو طرقعة الأصابع وبعضها ينم عن توتر مثل تحريك القدمين في عصبية أو تقليب القلم في اليد أو قضم الأظافر أو الشخبطة في الأوراق برسم أشكال معينة. وعكاكيز الكلام كثيرة مثل: (أمك).. أو (أبوالزفت).. أو (بالغت).. وفي السينما العربية اشتهرت الممثلة نادية الجندي بإطلاق عكاكيز كلام مثل في فيلم الباطنية «سلملي على الباذنجان» أو ما أحبكش وانت كده.. وللممثل اللطيف جمال عبدالرحمن لازمة «نهائي» مع حك الرأس.. ولا ننسى لازمة الزين بطل عبقري الرواية العربية الطيب صالح في رواية عرس الزين ألا وهي: «أوروروك.. أنا مكتول في حوش العُمدة!».