?من بعده لقامة السرو، زهر البرتقال، صحوة الزنبق، بسملة الندى، غابات السنديان نوار اللوز، دمع العنب، دم الياسمين، وجع الصفصاف، آهة البنفسج...؟! ? من بعده لتنهيدة السفرجل، رموش الحنطة، عبق الحبق، طعم الزعتر، صلابة الكستناء، معاطف الاقحوان، شجر الزنزلخت، حاكورة الزيتون ورحيق القهوة؟! ?محمود درويش ارض اللغة، لغة الارض وعطر الكلام ... لطالما حاور الموت وساجله وهادنده احياناً.. يتحداه صائلاً باجنحة خرافية تنفض عنها رماد العدم وتنبعث من جديد كل مرة. ويلين ليستعطفه احياناً ان يمهله بعض وقت من عمر سرقت جله الاحزان والمنافي: ولكن كلما مرت خطاي على طريق فرت الطرق البعيدة والقريبة كلما اخيت عاصمة، رمتني بالحقيبة فالتجآت الى رصيف الحلم والاشعار كم امشي الى حلمي فتسبقني الخناجر.... ? ويظل درويش تماماً كمغني قصيدة الارض في ديوانه اعراس «7791»: قد فتشوا صدره فلم يجدوا غير قلبه وقد فتشوا قلبه فلم يجدوا غير شعبه وقد فتشوا صوته فلم يجدوا غير حزنه ?يعشق عمره ليحيا به غيره: اعشق عمري لأني اذا مت... آخجل من دمع أمي! ? يرجو ان تمهله الحتوف المتربصة ليفيض شعراً: سأسألكم ان تكونوا بطيئين ان تقتلوني رويداًرويداً لاكتب شعراً اخيراً لزوجة قلبي ? يخاطب قلبه المعطوب يلومه على استسلامه للوهن ويرجوه ان يصمد لبعض وقت: يا أيها القلب.. كيف كذبت على واوقعتني عن صهيلي؟! لدينا الكثير من الوقت، يا قلب فأصمد ليأتيك من ارض بلقيس هدهد بعثنا الرسائل.... قطعنا ثلاثين بحراً وستين ساحل ومازال في العمر وقت لنشرد ? وفي حجرة العناية الفائقة يصحو من غيبوبته الهشة ليخبرهم كيف امتدت امام حواسه مفازات الموت المخاتلة، وكيف خطا على بياض بساطه الممتد على المدى: شعرت بمليون ناي يمزق صدري تصببت ثلجاً وشاهدت قبري على راحتي ........... ومت ..صحت قبل الوفاة القصيرة اني احبك، هل ادخل الموت من قدميك؟ ومت.. مت تماماً لو لا بكاؤك! فما اهدأ الموت لو لا بكاؤك!! يتسلى عن حزنه الغائر بان يحصي الموتى يموتون أكثر من مرة في الحياة يعيشون بعد الممات وموتى يربون وحش الحضارات موتاً وموتى يموتون كي يحملوا الارض فوق الرفات ? ويحصي القبور: قبر لباريس، لندن، روما، نيويورك، موسكو وقبر لبغداد، هل كان من حقها ان تصدق ماضيها المرتقب؟ وقبر لايتاكة الدرب والهدف الصعب، قبر ليافا، وقبر لهومير ايضاً وللبحتري وقبر هو الشعر قبر من الريح..يا حجر الروح يا صمتنا!! ? يهادن موته ليوصي عدوه: عم مساء ! وسلم على بئرنا وعلى جهة التين، وامشي الهويني على ظلنا في حقول الشعير وسلم على سرونا في الاعالي.. ولا تنس بوابة البيت مفتوحة ? يكسر درويش صولجان الموت قاذفاً وجهه بحكمة سياتل زعيم دواميش، التي طالما رددها درويش وصدر بها ضفاف قصائده: هل قلت موتى؟ لا موت هنالك هناك فقط تبديل عوالم -انتهى