كان صديقي قد ابلغني انه سيغادر الى احدى المدن ولكنه لا يعرف احدا فيها فاعطيته عنوان احد معارفي الذي يمكن ان يبيت معه ليلته، وبالفعل كان له ما اراد وحينما عاد فاجأني ان الشخص الذي ذهب اليه لم يقم بالواجب وبدأ يسرد لي في تفاصيل ما قدم له وما نام عليه حتى الملاءة التي على السرير لم تسلم من لسان قوله ،ومن دون شعور كان ردي له (ما تبقى شناف) وانتبهت الى هذه المفردة التي نتداولها خاصة في الوسط النسائي وتشتهر بها بعضهن مما جعل الكثيرين يهابون من تطلق عليه او اشتهر بسلوكها.وسألت المصحح اللغوي الاستاذ الحاج محمد عبد الوهاب عن فصحى الكلمة ان وجدت في اللغة فأجابني انها ضمن العامية السودانية ولا صحيح لها في اللغة.. وتجولت بين الكثيرين وبين الزميلات التي روت لي عن احداهن وهي امرأة عرفت انها من كوكبة (الشنافين) التي لا تترك شيئا ان كان صحيحا او غير صحيح الا وادخلت عليه صفات وان زارت بيتا تبدأ في نعت اهله ب(البشتنة) من كباية الماء الى حلة الملاح وعدم الترتيب والنظام.. مما جعل اهل الحي يتخذون حيالها الحيطة والحذر عند قدومها او سماعهم انها ستأتي اليهم.ولكن مريم الشريف قالت ان الشناف لا يخلو من الحسد فهنالك نساء يحسدن ما يرينه في احداهن من لبس وترتيب في البيت وايضا غيرة والرجال غيارون ايضا .. بينما يرى صلاح محمد ان الشناف نوع من تبخيس الناس اشياءهم وهو ما نهى عنه الدين نصا وشرعا.ويقول طارق مبارك : الشنافون مصابون بمرض وهو نقل اخبار بيوت الناس وما يجدونه فيها ومهما كان الموجود تجد المصاب بالمرض يعكس لك الصورة بما رآه عبر حمى هذا المرض النفسي.ويرى محمد علي ان هذه العادة مثلها و(الشمارات) لها اصحابها ومن يجيدونها وهو ذات مرة ارجع زوجته الى بيت اهلها لانها اخبرته بما رأت في بيت احدى جاراتها وكانت هذه الجارة تمر بظروف طارئة اهملت معها لفترة ترتيب منزلها.. وكنت دائما احذرها من عادة (الشناف).البعض ممن نعرف واحيانا نحن ايضا نمارس الشناف في الاحساس بالجمال فنقول هذه جميلة وتلك غير جميلة وهذا لبسه (ما مهندم) وبيت فلان ما جميل وان كان التقييم يحتمل وجهات النظر والاختلاف، لكن عادة الشنافين لا تحتمل الا واحدة وهي ما قالوه صحيح وهو الحقيقة التي تجمع بين الغيرة والحسد .