شهد الاسبوع الماضي هطول امطار غزيرة في ولاية النيل الابيض بلغت اعلى معدلاتها 85 ملم، واعادت الامطار التي يتوقع ان تزيد معدلاتها في شهري اغسطس وسبتمبر للاذهان ما حدث في خريف عام 2007م حيث مسحت السيول حي الرواشدة بربك من خارطة الولاية، وفي خريف هذا العام لم تترك السيول من قرية الرقيق على الطريق القومي الخرطومكوستي سوى اطلال بيوت الجالوص، ولم يتبق من القرية سوى المسجد والمدرسة التي شيدت حديثا ولافتة حديدية كتب عليها (الرقيق)، وفي كوستي وربك والدويم وتندلتي والسلام التي ما زالت الامطار والسيول تهدد بعض قراها انهار اكثر من (700) منزل ومدرسة فيما لا يزال حصر الخسائر جاريا حيث يتوقع ان يبلغ العدد حوالي (1000) في غضون الاسابيع القادمة اذا استمر هطول الامطار بالمعدلات الراهنة، من جهته اعلن رئيس اللجنة العليا للطوارئ بالولاية منطقة الرقيق منطقة منكوبة من الدرجة الاولى وناشد المركز والمنظمات التدخل لان المهددات تفوق طاقة الولاية، فيما أكدت وزارة الصحة بالولاية ان الوضع تحت السيطرة على الاقل حتى الان حيث يتوقع حدوث كارثة بيئية تفوق طاقة المخزون الدوائي الجيد، ( الرأي العام) تجولت بالمناطق المتأثرة ورصدت الاوضاع بالصورة والقلم ، التفاصيل التالية تحكي و تكشف جانبا من الواقع الذي جرفت بعضه السيول في حين ما زالت احياء وقرى محاصرة بالمياه حصارا محكما : بكل المقاييس بكل المقاييس كشفت الامطار الغزيرة التي هطلت مؤخرا بولاية النيل الأبيض عن قدرات الولاية المحدودة في مواجهة مخاطر الخريف في حال ارتفعت معدلات هطول الامطار أو تدفقت السيول الهادرة من الجبال الشرقية التي تحيط بحاضرة الولاية ، وفي تندلتي لا يزال خور ابو حبل يشكل خطرا على المدينة رغم السد الترابي وسد الاعوج الذي يكفي لتخرين مليون متر مكعب، وفي محلية السلام كانت قرى السبعة ومحبوبة تواجه المخاطر في خريف كل عام حيث لا يعرف متى تأتي السيول الهادرة التي الحقت خسائر كبيرة بالقرى المذكورة في خريف عام 2007م، وفي محلية كوستي كبرى محليات الولاية تعاني الاحياء التي تواجه مشاكل في التصريف في أي خريف من تراكم المياه في المواقع المنخفضة، وتشهد بقية مدن الولاية وقراها مهددات حقيقية تجلت في خريف هذا العام. اختفاء الرقيق في كوستي انهار 220 منزلا عندما ارتفع معدل هطول الامطار في الاسبوع الماضي، 75% منها انهارت انهيارا كليا في الاحياء الطرفية التي تعاني من مشاكل في التصريف، فيما تسببت الامطار التي هطلت في مطلع اغسطس واستمرت لاكثر من ست ساعات في انهيار 115 منزلا بقرية بونيس المسلمية، وقضى شخصان تحت انقاض منزليهما في تندلتي فيما لقى ثلاثة اشخاص حتفهم في مناطق متفرقة بينهم طفل في الثامنة من عمره جراء صعقة كهربائية قوية تلقاها من سلك كهربائي مرمي على الارض في احد احياء كوستي، وكما في قرية ( الرقيق) التي مسحتها السيول من خارطة الولاية حيث اغلق السكان هناك الطريق القومي الخرطومكوستي لساعتين، انتقد سكان قرية بونيس المسلمية غياب السلطات المحلية ومغادرة المعتمد لربك في ثاني يوم لهطول الامطار الغزيرة التي ما زالت تهدد منازل ومدارس في تندلتي المدينة، وفي ربك حاضرة الولاية انهار 189 منزلا منها 129 انهيارا جزئيا ، وفي الدويم حيث بدأت تأثيرات هطول الامطار الغزيرة تظهر للمرة الاولى تستعد السلطات المحلية لتوقع ماهو في مقبل الايام. كانت هنا..!! في الثاني من اغسطس، وفي تمام التاسعة صباحا، اجتاحت قرية (الرقيق) السيول ولم تبقِ على شئ قائم فيها سوى اطلال الجالوص، ويقف المسجد والمدرسة التي شيدت حديثا شاهدين على حجم الدمار الذي خلفته السيول التي غطت شارع الخرطومكوستي على طول 3 كيلومترات، وفي اليوم الثاني ارتفع عدد المنازل التي انهارت كليا حوالي 500 منزل، وطوال ساعتين اغلق السكان هناك الطريق القومي لساعتين وطالبوا بحضور الوالي، ويقول السكان في الرقيق ان السيول التي غمرت المكان في غضون دقائق من خور جريس وخور ام برد من الجبال الشرقية، وغمرت السيول الهادرة الطريق القومي لمسافة 3 كيلومترات وعطلت حركة السير الى ان حضر وفد من حكومة الولاية وقوة من الشرطة نصبت خيمتها بالقرب من الموقع واعادت تنظيم حركة السير، في حين عملت الشاحنات التابعة للشرطة على نقل ما تبقى من اثاث المنازل المنهارة، وعدا اللافتة التي تشير الى قرية الرقيق والمسجد والمدرسة التي شيدت حديثا، فان الرقيق صارت من الماضي. في انتظار الدعم من جهته قال محمد احمد بابكر شنيبو رئيس اللجنة العليا للطوارئ بالولاية ووزير التخطيط العمراني ان كمية الامطار التي هطلت في الولاية في اليومين الماضيين بلغت حوالي 85 ملم، واكد ان تأثيرات هطول الامطار بدأت في محلية الدويم الاسبوع الماضي وتندلتي وقراها التي توفى فيها شخصان تحت انقاض المنازل، واشار الى ان محلية السلام تشهد هطول امطار غزيرة تأثرت منها قريتا السبعة ومحبوبة بالإضافة للمقينص والراوات ، وأضاف : ( بعض الاحياء في كوستي وحاضرة الولاية انهارت فيها المنازل وبعض المدارس)، وقال شنيبو ان قرية الرقيق اجتاحتها السيول التي غطت الطريق القومي الخرطومكوستي لمسافة 3 كيلو الامر الذي ادى لانهيار كل منازل القرية عدا المسجد والمدرسة المحاصرين بالمياه، واكد ان حكومة الولاية واللجنة العليا للطوارئ ظلت في حالة انعقاد دائمة وعملت على توزيع المعينات والمواد الغذائية للمتأثرين في الرقيق وترحيل جزء من الاهالي لمنطقة اخرى لحين اعادة توطينهم في احياء جديدة، وناشد المركز والجهات المختلفة بدعم الولاية لتجاوز مخاطر الخريف. كان مختلفا ..!! وفي ذات السياق اكد العقيد شرطة ابوعبيدة العراقي معتمد محلية ربك ان التقديرات الاولية اشارت الى انهيار ما لا يقل عن 500 منزل في قرية الرقيق، وقال ان اللجنة العليا للطوارئ بالولاية قامت بترحيل ما لا يقل عن 250 اسرة الى المنطقة الشمالية من الرقيق، وقال ان جهود الدفاع المدني ووزارة الصحة الاتحادية ووزارة الصحة بالولاية تضافرت لتوفير عيادة متحركة وادوية وكادر طبي، واشار الى ان شرطة المرور عملت على تسيير حركة المرور بعد اقناع الاهالي بفتح الطريق القومي الذي اغلق لمدة ساعتين، وواضح ان عمليات الترحيل للاسر مستمرة لاقامة قريتين بدلا من قرية الرقيق التي ازيلت من الوجود ، وأشاد العقيد العراقي بالدور الذي قامت به الغرفة التجارية والتجار في كوستي وربك الذين قدموا مواد اغاثة عاجلة للسكان في الرقيق، وقال ان المنطقة تعرضت لذات النكبة في عام 1995م حيث صدر قرار بترحليها ولكن السكان رفضوا، الامر الذي تكرر في خريف عام 2007م، واضاف: ( ولكن خريف هذا العام كان مختلفا كليا والسكان وصلوا لقناعة بضرورة الرحيل، واكد ان المحلية ستشرع في اجراءات تخطيط قريتين في مواقع جاهزة في منطقة الحويطة حيث كان يفترض ترحيل السكان اليها، واشار الى قدرات وإمكانات المحلية والولاية الضعيفة مقارنة بمعدلات الامطار والسيول وناشد المركز التدخل باعجل ما تيسر لاسيما ان الخريف في بداياته. مراقبة الموقف عن كثب وفي سياق ذي صلة اكد د. الطيب المهتدي الوسيلة المدير العام لوزارة الصحة بالولاية ان الوزارة ظلت في حالة استنفار منذ ان بدأت معدلات الامطار في الارتفاع خلال الاسبوع الماضي، وقال ان ما حدث في قرية (الرقيق) فاق كل التوقعات، واشار الى ان الوزارة ارسلت فريقا من الاطباء وتقنيي المعامل وسيارة ( موبايل كلينك) محملة بكل الادوية من المخزون الاولي الذي وصل الولاية قبل فترة في اطار التحوطات اللازمة، وابان ان الموقف الصحي مطمئن حتى اللحظة حيث لم تظهر أية حالات وبائية ، وأضاف : ( سنسحب اسعاف الجزيرة ابا للرقيق تحسبا لاي طارئ مع توفير اسعاف اخر)، وقال د. الطيب ان الوزارة حذرت السلطات من ان لايقرب السكان المياه الراكدة في الرقيق، واكد: ( نحن نراقب الموقف عن كثب وسنتدخل بالسرعة المطلوبة)، واشار الى انه لابد من وجود مراحيض مؤقتة في المناطق التي هاجر اليها سكان (الرقيق)، واضاف: ( على مستوى الولاية لاتوجد حالات اسهالات مقلقة)، وقال ان المخزون الدوائي للولاية في حالات الطوارئ يكفي لاكثر من 40,000 نسمة.