في منتصف ثمانينات القرن الماضي كانت احلام (هيفاء) ذات السبع سنوات ان تتزين بالذهب وتتجمل بجدلة اولاد ابومرين اوان حلول موعد عرسها وان ترقص كما رقصت خالتها (رشا) يوم فرحها ويتم بضم «رحطها» بكم غير قليل من قطع الحلوى وتغنى في صبحيتها (حنان بلوبلو)، ويشاركها الجميع الفرحة ويكرمونها بتناول فطور العريس، كانت تلك امنيات (هيفاء) الوردية التي رسمتها ايام طفولتها ليوم فرحها. وكبرت هيفاء وكبرت معها احلامها العريضة وتتهيأ الآن للاعداد لفرحها الموعود ايام العيد، غير انه اي من هاتيك الامنيات التي تنظر لها ولن تتحقق بفعل الفاصل الزمني ما بين تصورها لطقوس ومراسم الاحتفال الذي شهدته في سنوات طفولتها الاولى وواقعها المعاش الآن وهي مقبلة على ذات التجربة لكن بتفاصيل جد مختلفة، فقد ذهبت تلك المراسم طي النسيان ولم يبق منها غير طلقات الرصاص التي تزخم الفضاء عقب عقد القران. فلائحة الترتيبات لدى (هيفاء) تتصدرها تجهيزات الفساتين فستان الخطوبة والحناء والزفاف بعد ان اكتفت بانتقاء حاجتها من الملبوسات بدلا عن الشيلة الكاملة وتبدأ الاحتفالات كما رتب لها بحفل غنائي مشهود بحضور الصديقات قبل يوم من عقد القران وهو ما يعرف الآن (بيوم الحناء) الذي اختارت له لبسة الساري الهندي بذات الطريقة التقليدية التي ترتديها به الهنديات اثناء طقوس احتفالات عرسهن وكلفت ذلك باكسسواراتها ومكياجها المليون ونصف المليون من الجنيهات ووقع اختيارها على نقوش الحناء الملونة تبعا لالوان الثوب الرسمي الذي سترتديه ليلة العرس، فما عادت الحناء السوداء فرضاً وضرورة لزينة العروس بعد ان زحمت اقلام الحناء الملونة واجهة المعروضات. وبعد التشاور مع صديقاتها وقع الاختيار على مغنٍ يجيد عزف الزفة الدمياطيه.. ليزفها بها وفي البال ان ترافقها صاحباتها اللائي يطلقن الزغاريد على طريقة المصريين، بدلاً عن اغنيات السيرة والدلوكة. السيدة ام هيفاء رغم فرحها العارم بالعرس الا انها قالت: (بهذه الطريقة هو عرس وليس فرحاً بكامل رونقه)، وحكت انها حين تزوجت وقبل ان تتآكل ملامح الفرح السوداني هكذا وتنهار امام احتفالات افراح الآخرين كان مشاط العروس اهم ما تبدأ احتفالات العرس ويتم في سبعة ايام ودق الريحة- وخبائز العقد وخت الحناء وفطور العريس والسيرة للبحر، كلها تفاصيل ذابت الآن، ورفعت ام هيفاء حاجبها من فوق رأسها حين طلبت هيفاء منها ان ترسل خروفاً مشوياً وزغني لاطعام اهل العريس بدلاً عن فطور العريس المترع بملاح الروب والتقلية.