فى حوار مع مجلة (الرأي الدولي) يقول الأستاذ الكبير محجوب محمد صالح (يعترف الدستور بالتعددية السياسية , لكن التعددية التي تحتاج إلى إدارة ناضجة هي التعدد و التنوع في السودان من النواحي الثقافية و الاثنية , و هو ما فشلت النخب السياسية في إدارته حتى تحول حكم الأغلبية في الأنظمة التعددية إلى دكتاتورية الأغلبية . و استفحل الأمر في عهد الإنقاذ ببعث القبلية , و الاستجابة في كل مرة لمطلب بولاية جديدة , و قد يكون بهذه الطريقة لكل قبيلة ولاية , و نكون قد انتكسنا و أعدنا الوطن إلى تركيبته الأولية التقليدية بدلاً عن الدفع به إلى وحدة وطنية ). استحضرت هذه الرؤية بعد أن شجر الخلاف بين قبيلتي الحمر و المسيرية فور الإعلان عن إعادة ولاية غرب كردفان , حيث تحاول كل قبيلة الاستئثار برئاسة الولاية , و هو سلوك قبلي بحت يسعى للفخار , و لو كانت رئاسة الولاية شكلاً فارغاً للأبهة لا تتبعه أية منفعة . و هو ما حدث بعد تطبيق الحكم الفيدرالي حيث صار لكل ولاية والٍ من ابنائها و مجلس تشريعي بدون أن ينعكس ذلك في مزيد من الحقوق أو في رد مظالم ظن المنادون باللامركزية أنها تحل بهذا البديل فور تطبيقه . لا يختلف اثنان أن السودان بسعته و تعدديته يناسبه الحكم اللامركزي , لكن لا بد من الوعي بمزالق في هذا النظام يجب التحسب لها , منها إثارة النعرات القبلية و الجهوية , فاللامركزية ليست حلاً سحرياً يخلف مركزية كارثية , بل لقد كان للمركزية إيجابياتها و لا تعني مطلقاً حجب الأطراف تماماً عن المركز كما يصور و يتصور البعض . و بهذا الفهم الهادئ نقدم على اللامركزية على أساس التفوق النسبي ل للامركزية في السودان , لكن و كما أشار الأستاذ محجوب وظفت اللامركزية لخدمة هدف سياسي ضيق بجعل الوحدات الإدارية الأدنى أوعية للقبيلة . كان الوطنيون الرواد على درجة عالية من الوعي بأسباب تقوية النسيج القومي السوداني و بخطر القبلية عليه فرفض البطل علي عبد اللطيف الانتماء للقبيلة , و نبذ شعراؤنا الكبار إبراهيم العبادي و يوسف التني القبلية في أشعارهم الوطنية . و هي إشارة إلى أن نبذ القبلية مرتبط بدرجة الوعي أكثر من ارتباطها بنظام إداري دون الآخر . و لو أرادت الإنقاذ تصحيح أخطاء التطبيق كان عليها العمل لتعايش كل مكونات جنوب كردفان علها تعيد القوة للنسيج الاجتماعي بدلاً عن التوغل في التقسيم الشكلي لسلطة بلا ثروة , و علها تعيد بعض ملامح القومية لوطن كان الحزب فيه يجمع بين عبد الله الطيب جدو من الفاشر و محمد جبارة العوض من كسلا.