«4»أعوام يقبع «حمدنا الله أبوكساوي» خلف قضبان السجون السعودية بجدة دون أي اتهام وجه له أو أية بادرة لمحاكمته.. تاركاً خلفه أسرته وزوجته وأبناءه.. والداه جفت عيونهم من كثرة البكاء وزوجته الصابرة تترقب الفرج وتتحرق شوقاً لعودته.. وأبناؤه بعيون حيرى يتساءلون: «أين أبي؟؟» وأهل منطقته يعتصرهم الألم لكربته .. ف«حمدنا الله» عُرف وسط قريته بجوده وكرمه ونجدة الملهوف.. طرقت أسرته أبواب الخارجية السودانية وما من شيء.. وتعيد الطرق على أفئدة السلطات السعودية لتفرج عن ابنها. ---------- حالة اشتباه حمدنا الله أبوكساوي محمد نور من مواليد العام 1974م بفتيح العقليين جنوبالخرطوم، متزوج وأب لثلاثة أطفال «محمد» و«سلوى» و«آصف» الثالث والأخير في ترتيب أشقائه -اعتقلته السلطات السعودية من داخل الطائرة في مطار الرياض وهو قادم اليها من سوريا دون توجيه تهمة رسمية له.. سوى الاشتباه بانتمائه لاحدى المنظمات الارهابية.. ولم يقدم للمحاكمة حتى الآن. حالة والده بالفعل يُرثى لها من تراكمات الحزن على غياب ابنه ل «4» أعوام خلف قضبان السجون السعودية.. ابنه الذي خرج باحثاً عن التجارة الى سوريا ومنها نوى التوجه إلى الحرمين الشريفين للعمرة إلا أن السلطات السعودية لسبب مجهول ألقت القبض عليه قبل ان تطأ قدماه أرض مطار «الرياض».. «الرأي العام» زارت أسرة الشاب حمدنا الله أبوكساوي محمد نور ذي ال «34» عاماً بمنزله بمنطقة فتيح العقليين جنوبالخرطوم الذي غاب فجأة عن عيون أسرته وأطفاله لمدة «4» أعوام.. والتي من جانبها يئست من الركض خلف معرفة أسباب اعتقاله من السلطات السودانية والسعودية.. وتتوسل بدموعها للسلطات السودانية للبحث عن ابنها ومعرفة حقيقة اعتقاله والسلطات السعودية بتوضيح ملابسات سجنه. رواية تراجيدية وتجيء تفاصيل الرواية التراجيدية عن اختفاء حمدنا الله أبوكساوي بسفره الى الإمارات ومنها الى سوريا وهو يعمل تاجراً بين هذه الدول. وقرر السفر الى السعودية لأداء العمرة واتصل بذويه بأنه على مشارف الإقلاع الى السعودية وسيتصل عليهم بمجرد هبوطه مطار «الرياض».. ولكن. مرت الساعات.. والأيام.. والشهور ولم يسمع من ينتظرون اتصاله صوتاً له.. ويقول والده أبوكساوي.. كنت أشعر بأن ابني قد أصابه مكروه.. ويواصل والغصة تمنعه من الحديث انه الشخص الذي نعتمد عليه في معاشنا.. ومرت «سبعة أشهر» على وعده بالاتصال كأنها سبعة قرون لم نذق خلالها النوم وقلبي يحدثني بأنني سأسمع صوته قريبا.. واحياناً كنت أتخيل شخصاً يدخل علىَّ ويقول لي بأن حمدنا الله اتصل.. توقف برهة وهو يمسح دموعه.. وواصل قائلاً: أكاد أصاب بالعمى من كثرة البكاء. وبحق هذا الشهر الفضيل أناشد الرئيس عمر البشير ان يسعى لفك اسر ابني.. أناشده حتى أرى ابني قبل أن أموت.. «وراح في نوبة بكاء عنيفة». (4) أعوام ويواصل أحد أقاربه بأنه بعد سبعة أشهر من تاريخ القبض عليه داخل الطائرة اتصل بنا أحد المواطنين السعوديين بأن حمدنا الله كلفه أن يعلمنا بأمر سجنه عندما ذهب لزيارة شقيقه بسجن المباحث السعودية في المدينةالمنورة.. وبعده اتصل بنا أحد معارفنا من السعودية بأنه زار حمدنا الله وانه سيتصل بنا قريبا.. وبعد مضي أيام اتصل بنا وأخبرنا بأن السلطات السعودية القت القبض عليه داخل الطائرة بتهمة الاشتباه بانتمائه للمنظمات الارهابية.. وكان يتصل بنا بصورة منتظمة الى العام 2006م ومنذ ذلك التاريخ لم نسمع صوته.. وعلمنا بأن السلطات نقلته الى سجن في جدة. والدته الحاجة زهراء عبد المهيمن قالت: «أنا انتظر ولدي.. أريد أن أراه.. نسأل الناس عن سبب سجنه يقولوا ما عارفين أنا خايفة يكونوا داسين علينا حاجة.. ولدي ما عمل حاجة أنا متأكدة ويا ناس الخير خلوني أشوفو.. أنا ما قادرة أنوم يا ناس من عرفت إنو مسجون».. توسلات والدته والدموع تنهمر من عينيها تقطع نياط القلوب. لا إتهام سجن حمدنا الله في العام 2004 وكانت زوجته حاملاً في ذلك الوقت ب «آصف» الذي لم ير والده والآن عمره «4» سنوات يسأل عن والده كما يقول خاله: «آصف» يسألني احياناً يا خالو إنت أبوي؟.. فأقول له: لا.. أبوك مسافر وحيجي قريب وكل مرة يسألني ما جا ليه؟ ويواصل: الحيرة تكاد تفتك بنا.. حسب معلوماتنا السلطات السعودية لم توجه له أي اتهام حتى الآن.. وحاولنا من وزارة الخارجية السودانية معرفة أسباب سجنه ولكن تأتينا الإجابة لم تأت ردود شافية.. ومنذ «4» سنوات نعاود الخارجية ويقولون بأنهم سيسعون لمعرفة مشكلته ولكن حتى الآن لم يحدث أي شيء. زوجته «تهاني محمد نور» قالت: زوجي ليس لديه أي نشاط سوى النشاط التجاري وكان كثير السفر الى سوريا ودبي بغرض التجارة. ونناشد السلطات السعودية الإفراج عنه وإذا كان مذنباً في أية جريمة يقدموه للمحاكمة ونحن نكون مطمئنين على ما سيكون عليه.. وأكرر المناشدة لوزارة الخارجية السودانية بالسعي لمعرفة ما يدور لزوجي.. استطردت وهي تمسح دموعها نحن نحتاج اليه.. وأبناؤنا يسألونني عنه كل مرة. ابنه محمد حمدنا الله «10» سنوات.. الوحيد بين أطفاله الذي يعي ما جرى لوالده من كثرة الحديث عنه قال: إنا داير أشوف أبوي وبس.. الأولاد كلهم في المدرسة يقولوا ليهم جيبوا أولياء أموركم فيأتون بآبائهم أنا بسوق معاي عمي وللاّ خالي. بينما ظل «آصف» يحدق بنا بحيرة شديدة ورفض الحديث وهو ممسك بطرف ثوب والدته كأنه يقول «هذه أمي وأبي».