عندما اعلن مطلع اكتوبر الماضى عن فوز الكاتب الفرنسى جون مارى جوستاف لوكليزيو بجائزة نوبل للآداب، نشرت الخبر عبر هذه الصفحة نقلا عن وكالات الانباء التى تناقلته بكثرة، والتقطت اشارة وردت فى متن الخبر بانه كاتب ادب اطفال، وركزت عليها فى ثنايا الخبر، ولكن الشاعر محجوب كبلو لفت انتباهى الى وقوعى فى فخ وكالات الانباء وقال ان الكاتب ربما كانت له بعض مؤلفات عن الاطفال، ولكن ادب الاطفال لا يشكل ملمحاً رئيسياً فى تجربته، دفعنى هذا التصحيح الذى اشكر عليه الاستاذ محجوب الى تقصى سيرة ومسيرة هذا الكاتب وسوف اسرد خلاصة هذا التقصى لفائدة الجميع ولا ادعى اكثر من فضل البحث عبر الشبكة الدولية والنقل احياناً الى اللغة العربية. وبما ان سيرة الكاتب عامرة بالانجازات الادبية الكبيرة ولكننى ولاسباب ربما شخصية اسلط الضوء على ملمحين، اهتمامه بافريقيا ومعاداته للصهيونية، التى ظهرت من خلال روايته (نجمة تائهة) التى حملت اشارات واضحة على رفضه الاستعمار الاسرائيلى وتعاطفه مع مأساة الفلسطينيين ووصفت الاوساط الاسرائيلية الرواية بأنها معادية للسامية. علاقته بافريقيا بدأت منذ ان صاحب والدته فى رحلة الى افريقيا يتعقبان فيها خطى والده الذى جاء الى الكاميرون ونيجيريا فى مهمة استعمارية ، واختزنت ذاكرة الطفل الصغير مشاهد عشق للقارة السمراء افصح عنها من خلال روايته (اونيتشا) التى صدرت فى العام 1991م وكتاب سردى صدر في العام 2004 م وحمل عنوان (الافريقى- زئبق فرنسا)، وارتباطه بافريقيا لم يتوقف عند حدود الكتابة الادبية، بل توسع الى علاقات انسانية، فزوجته الحالية جيميا والدة ابنته الثانية (آنا) إفريقية من الصحراء الغربية. لوكليزيو اديب انساني سعى من خلال كتاباته الوقوف مع المهمشين اينما وجدوا وحارب غول الرأسمالية، وتعاطف مع الفلسطينيين ومع الهنود الحمر الذين نقل ادبهم الى اللغة الفرنسية، وجاء اختياره لهذه الجائزة الكونية الرفيعة للقيمة الانسانية لاعماله الادبية، وربما لهذا السبب لم ترتفع الاصوات فى البلاد العربية احتجاجا على اختيارات نوبل التى تتهم بتتويج الادب الذى يدور فى فلك الصهيونية العالمية .