«عمر إنساني» يتأرجح بين الكهولة و التقدم في السن، أو «حفنة من الوقت» بحسابات أزلية التاريخ، هو قياس تلك السنوات التي مرت على إعلان التعديل الدستوري الذي منح المواطنين السود حق التصويت في الانتخابات العامة الأمريكية ! .. «عمر إنسان» أو «حفنة من وقت التاريخ» هو حساب تلك السنوات التي أعقبت تغيير «روزا باركس» لمجري نهر التمييز العنصري في أمريكا، عندما رفضت أن تتنازل عن مقعدها في المواصلات العامة لرجل أبيض ! .. «عمر إنساني» أو «حفنة من الوقت» هو قياس تلك السنوات التي مرت قبل أن يتحقق أكثر أحلام «مارتن لوثر كينغ « جرأة و جسارة : أن يصبح ساكن البيض الأبيض رجل أسود ! .. بفوز (أوباما) على (ماكين) بفارق أصوات كاسح (349) مقابل (162) تفوق الأمريكي الأسود على نفسه .. وبفوزه أعاد التاريخ نفسه وجددت أمريكا دماءها باختيار أغلبيتها لرئيس شاب بمقاييس العمر السياسي له كاريزما شبيهة بكاريزما الرئيس الذي بات راحلاً قبل أن يصبح سابقاً (جون كينيدي) .. اليوم وبعد أن تخلصت أمريكا من شرور الفكر العنصري (رسمياً)، و بعد أن غسلت عن ثوبها عاره، بمواقف رمزية على غرار تكريم الرئيس السابق (يا للوقع المريح لكلمة سابق هذه !) «جورج بوش» لذكرى «مارتن لوثر كينغ» و ل «روزا باركس» في العام (2006) .. وبعد أن أصبحت الحافلة التي كانت مسرحاً لحادثة تمرد سيدة ملونة على عنصرية رجل أبيض أثراً من آثار متحف «هنري فورد» .. اليوم أعلنت أمريكا بفارق أصوات كبير اكتمال تعافيها الرسمي و(الشعبي) من (سندروم) التميز العنصري ! .. .. بعد واحد و عشرين شهر من الجهد والجذب الشد : وقف أول رئيس أمريكي أسود أمام المنصة و اقتبس في أول خطاب رسمي رئاسي جملة (ابراهام لنكولن) : « .. نحن لسنا أعداء بل أصدقاء ..» ودعا شعبه إلى تحقيق و حدته عبر التنوع.. قال عن نفسه : إنه نتاج ثورة الغضب التي عاشتها أمريكا في الستينات .. وتحدث عن بزوغ فجر جديد للسياسة الأمريكية ينهض على القوة المستمدة من القيمة الأخلاقية قبل الثروة المادية .. وأشار إلى أن الدرس الذي يجب على أمريكا أن تعيه من أحدث الأزمة المالية هو أن لا تسمح للتطرف الطبقي بالعودة من جديد .. وأن تعمل على تحقيق الموازنة التي تقوم على ازدهار الطبقة المتوسطة .. وبما أنه (أمريكي) على السِّكين لم ينس بالطبع أن يعلن لابنتيه عن عزمه على تحقيق رغبتهما في اقتناء كلب صغير يرافقهم إلى البيت الأبيض ! .. حديث الرئيس الأمريكي الجديد جاء يحمل إلى العالم رسالة مفادها أن عصر التمييز العنصري قد ولَّى .. وأن هذا عهد جديد .. لا يتفاضل فيه الناس بلون (الجلد) بل يتبارون على أساس لون (الفعل) .. طيب .. سهر الشعب الأمريكي و وقوفه بالساعات في صفوف الاقتراع .. و ذهابهم في صباح اليوم التالي إلى أعمالهم بعيون محمرة و أجفان منتفخة (بارد في بطونهم) لأنهم قد تعبوا و سهروا من أجل تقرير مصيرهم السياسي و مستقبل أبناءهم ! .. أما سهر وتعب بقية شعوب العالم الثالث ف (حشف وسوء كيل) لأن لون الرئيس الأمريكي الجديد لن يطغى على ثبات موقف السياسات الخارجية الأمريكية من معظم قضاياهم العالقة التي ينتظرون تغيير مصائرها ! .. عزاءهم الوحيد هو أن يستثمروا انتخاب أول رئيس أمريكي أسود في رفع معنوياتهم بقوة الإلهام المتمثلة في البعد الإنساني للمسألة ! .. عودة إلى التأمل في لحظات المجد التي عاشتها أسرة (أوباما) .. وإلى أناقة إطلالة السيدة الأمريكية الأولى .. بصراحة : فستان (ميشيل) كان مباااالغة !