وكيل الحكم الاتحادى يشيد بتجربةمحلية بحرى في خدمة المواطنين    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    مليشيا التمرد تواجه نقصاً حاداً في الوقود في مواقعها حول مدينة الفاشر    ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية    شاهد بالفيديو.. شاعرة سودانية ترد على فتيات الدعم السريع وتقود "تاتشر" للجيش: (سودانا جاري في الوريد وجيشنا صامد جيش حديد دبل ليهو في يوم العيد قول ليهو نقطة سطر جديد)        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القرضاوي: القرآن يكرم الإنسان لذاته وآدميته وليس فقط لإيمانه..الصحابة هم شهود الوحي والأقرب لتفسير القرآن
مشددًا على أن العبرة بالتدبر وليس فقط بالتلاوة
نشر في الرأي العام يوم 27 - 08 - 2009

شدد العلامة الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين على أن القرآن الكريم يكرم الإنسان باعتباره إنسانًا قبل أن يكرمه لكونه مسلمًا أو مؤمنًا، كما اعتبر أن تكريم القرآن للمرأة رد لها الاعتبار بعدما ظلمتها الحضارات والثقافات الأخرى.جاء ذلك في حلقة الأمس من برنامج «فقه الحياة» الذي يبث يوميا طوال شهر رمضان على قناة «أنا» الفضائية» ( التردد 12226 نايل سات ) ويقدمه أكرم كساب، حيث تناولت الحلقة كيفية فهم القرآن الكريم، والتعامل معه، وأهم المقاصد التي ينشدها، إضافة إلى المبادئ الواجب التزامها عند تفسيره. ----- تصحيح العقائد اعتبره العلامة القرضاوي أول مقاصد القرآن الكريم، وذلك لعلاج ما اعترى الأديان السماوية الأخرى من تحريف وتبديل، موضحًا كذلك أن تكريم الإنسان وتكريم المرأة وتكوين الأسرة يعد أيضا من مقاصد الشرع الحكيم. وأوضح القرضاوي أن تلاوة القرآن يجب أن تشتمل على التدبر والتجاوب، كي لا تصبح مجرد قراءة للحروف، مبديًا تحفظه تجاه التركيز على عدد مرات ختم القرآن على حساب تدبر معانيه. وعن مبادئ التفسير، أشار القرضاوي إلى أن القرآن يفسر بداية بالقرآن ثم بعد ذلك اعتمادًا على السنة الصحيحة، فإن لم نجد ننتقل إلى أقوال الصحابة، مشددًا على أنه لا يمكن لأي شخص أن يقدم على تفسير القرآن دون الإلمام التام باللغة العربية وقواعدها . ** لكم فضيلة الشيخ في الدراسات القرآنية إسهامات كثيرة، وعلى وجه الخصوص كتابكم «كيف نتعامل مع القرآن العظيم».. نود في عجالة سريعة أن نتعرف على أهم خصائص القرآن؟ بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا وإمامنا وأسوتنا، وحبيبنا، ومعلمنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه. وبعد... فإن القرآن الكريم هو عمدة الملة، وأساس العقيدة، وينبوع الشريعة، ومرتكز الأخلاق، وهو الذي يقوم عليه وجود الأمة الإسلامية كلها، هو دليل الأدلة ومصدر المصادر، ونحن نقول القرآن والسنة ولكن نستدل على حجية السنة بالقرآن، وعلى حجية الإجماع بالقرآن، وعلى حجية القياس بالقرآن. ومن خصائص هذا القرآن، أولاً: أنه كتاب ميسر للفهم، وللذكر، يقرؤه العامي والمثقف، فيأخذ كل منهم حسب واديه و(سَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا) والله تعالى يقول: (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ) . وهو كتاب مبين، سواء فسرنا الإبانة بأنه بين في نفسه، أو مبين لغيره، كذلك سمي «نورًا» (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً) (وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا) وما يقال بشأن أن القرآن حمال أوجه هذا ليس بصحيح على إطلاقه، فهناك آيات معينة تحمل أوجهًا، إنما معظم القرآن آيات محكمات (هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ). ومن خصائصه أيضا الخلود والحفظ، لأن الله عز وجل تولى حفظه بنفسه وقال (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) وفي هذا تأكيد للجملة الاسمية ب»إن»، وكما تم تأكيد الخبر باللام، لحافظون، كما قال تعالى: (لاَ يَأْتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ). ومن خصائصه كذلك الإعجاز فهو كتاب معجز، أعجز العرب أن يأتوا بمثله، (فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ)، (قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ) عجزوا حتى أن يأتوا بسورة مثله، وحق عليهم قوله: (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا القُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً). أيضًا من خصائصه الشمول، وهو كتاب شامل، ويقول تعالى: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ). ** نود فضيلتكم أن نتوقف ولو في إشارات سريعة عند عدد من مقاصد القرآن الكريم؟ الشيخ رشيد رضا ذكر عشرة مقاصد للقرآن في كتابه «الوحي المحمدي» واعتبرها من دلائل الإعجاز، وذلك غير الإعجاز البياني والأدبي، الذي كان يركز عليه العلماء الأقدمون، وقال إن منها: الإعجاز الإصلاحي والتشريعي الذي جاء به القرآن. وأنا ذكرت سبعة مقاصد أساسية، أولها: تصحيح العقيدة، حيث إن العقائد السماوية والكتب السماوية، حرفت للأسف، فلم تعد عقيدة توحيدية، ونحن نعلم أن الأنبياء والرسل جميعًا أنبأوا بعقيدة التوحيد، وكل نبي قال لقومه (يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ)، ولكن للأسف دخل في اليهودية التشبيه، حيث شبهوا الخالق بالمخلوق، وعلى عكسهم النصارى شبهوا المخلوق بالخالق، ودخل التثليث في النصرانية (الأب والابن والروح القدس)، ودخلت عدد من العقائد الوثنية في النصرانية، خصوصًا بعد دخول الملك قسطنطين إمبراطور الروم في المسيحية، فبعضهم قال إن المسيحية كسبت كدولة وخسرت كدين. كما قال القاضي عبد الجبار: «إن روما لم تتنصر، ولكن النصرانية ترومت»، فهكذا حرفت العقائد، فكان لا بد من أن يأتي الإسلام ليعيد العقائد الدينية والسماوية إلى فطرتها وإلى أصالتها، ويزيح منها الشوائب التي أدخلت فيها عناصر وثنية، وليعيد لعقيدة التوحيد صفاءها من كل شائبة من شوائب الشرك والوثنية. تكريم الإنسان ** تذكرون فضيلة الشيخ بأنه من مقاصد القرآن تكريم الإنسان، فهل تكريم الإنسان كإنسان بغض النظر عن جنسه، عن عرقه، عن لغته، أم هو الإنسان المسلم فقط الذي يتعبد لله عز وجل؟ القرآن جاء يكرم الإنسان باعتباره إنسانًا، الله تعالى يقول (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ) يعني لم يذكر كرمنا المسلمين، فالإنسان يكرم بحكم آدميته وانتسابه إلى هذا الجنس البشري، الذي خلقه الله، وجعل لخلقه موكبًا حافلاً، احتفلت به الملائكة، وسجدوا له، وسواه الله ونفخ فيه من روحه، وقبل أن يخلقه استشار الملائكة (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً). فهذا الإنسان بحكم إنسانيته مكرم، وهناك تكريم آخر لإيمانه، لكنه قبل ذلك هو إنسان، سخر الله له ما في السماوات وما في الأرض (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً) هذا للإنسان، كل الإنسان، تسخير الشمس والقمر والليل والنهار، وهذه الأشياء كلها لبني الإنسان بصفة عامة. ولذلك الرسول عليه الصلاة والسلام حينما مروا عليه بجنازة، فقام لها واقفًا، فقالوا يا رسول الله: إنها جنازة يهودي، فقال وما أروع ما قال: أليست نفسًا، بلى، ولكل نفس في الإسلام منزلة ومكانه، فما أروع الموقف وما أروع التعليل أيضًا. ** إذن لماذا ذكرتم أن من مقاصد القرآن تكريم الإنسان، ثم عدتم بعد ذلك وقلتم إن من مقاصد القرآن أيضًا تكوين الأسرة وتكريم المرأة، أليس تكريم الإنسان هو في حد ذاته تكريمًا للمرأة؟ نعم تكريم المرأة من تكريم الإنسان، ولكن هذا كما يقول علماء اللغة العربية: تخصيص بعد تعميم، بسبب أن بعض الناس ممكن أن يؤمن بتكريم الإنسان، ولكنه ينزل المرأة منزلة دونية من الرجل، كأن الإنسان هو الرجل وليس المرأة، ولذلك ظلمت المرأة في الحضارات المختلفة، وبعضها اعتبرها جسمًا بلا روح، وبعضهم اعتبرها ليست من أهل الجنة، وليست من أهل التكاليف، وبعض الأديان لا تكلفها إلا بعد بلوغ أربعين سنة، فجاء الإسلام وكرم المرأة كما كرم الرجل، وقال (بَعْضُكُم مِّنْ بَعْضٍ). نصير المرأة ** فضيلة الشيخ، هل تعتبرون أنفسكم نصيرًا للمرأة؟ وهل يسعني إلا ذلك، إذا كان الإسلام ينصر المرأة ويكرمها، كرم الإسلام المرأة إنسانًا، وكرمها أنثى، وكرمها بنتًا، وكرمها زوجة، وكرمها أمًا، وكرمها عضوًا في المجتمع، فهل يسعني أن أقف ضد اتجاه الإسلام؟ كل عالم مسلم يحسن فهم الإسلام لا بد أن يكون نصيرًا للمرأة، وخصوصًا إذا ظلمت من المجتمع، فالمسلم من شأنه أن ينصر كل ضعيف، وكل مظلوم، وكل مستضعف، المرأة كثيرًا ما أُخذت حقوقها، ولم تعط هذه الحقوق، ومن أجل هذا ننصر قضية المرأة أمام ظالميها. ** كيف تكون تلاوة القرآن؟ قالوا في تعريف القرآن إنه هو المتعبد بتلاوته، وهناك نصوص كثيرة، لا يتعبد بتلاوتها، إنما القرآن هو الذي يتعبد به، ويمكن أن تختم القرآن في أيام معينة، ثم تعود إليه، وكلما تلوته، كان هذا رصيدًا لك، محسوبًا في ميزان حسناتك. ** بعض الناس أحيانًا يكون همه عند التلاوة هو الوصول إلى آخر السورة، فهل هناك طريقة معينة للتلاوة؟ التلاوة المطلوبة من المسلم هي التلاوة بترتيل كما قال (وَرَتِّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلاً) وتكون أيضًا بتدبر، (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ). ** ما مفهوم التدبر: التدبر يعني التأمل في معاني القرآن، أي أن لا يكون فقط همه أنه يقرأ الحروف، دون أن يفهم للقرآن معنى، فالقرآن يقول: (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)، (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) ولذلك كان كثير من الصحابة يهمه التدبر، ولا يهمه أنه ينتهي إلى آخر السورة، كان بعضهم يقف عند عشر آيات يقرؤها ويحفظها، ويفهمها، ويحاول أن يطبقها، ثم إذا انتهى منها انتقل إلى العشر الأخرى بعدها. تدبر وتجاوب ** تقولون فضيلة الشيخ إن من لوازم التدبر التجاوب، فما معنى التجاوب، كيف أتجاوب مع القرآن؟ يتجاوب بمشاعره مع القرآن الكريم، عند الوعد يستبشر، وعند الوعيد يوجل قلبه ويخاف، كما قال الله تعالى: (إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً) هو يتجاوب مع القرآن الكريم، كما كان يفعل الصحابة، فبعض الصحابة لما سمع قول الله تعالى: (لَن تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) قال يا رسول الله عندى حديقة كذا وكذا هي لله عز وجل والنساء حينما نزل قوله (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) ذهبن لكي يغطين رءوسهن بما تيسر، فلبسن أشياء سوداء، حتى أصبحن كأنهن الغربان من كثرة السواد، هذا كله امتثال، ومسارعة إلى امتثال الأوامر. والله تعالى يقول: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِراًّ وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ) فهو يتاجر مع الله عز وجل ويحاول أن يفهم ماذا تريد الآية، هل تريد أمرًا؟ فيأتمر، أم تريد نهيًا فينتهي. ** وفي كم يختم الإنسان القرآن؟ الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يجوز أن يختمه في أقل من ثلاث ليال. ** وماذا نفعل فيما ورد أن عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه كان يختم القرآن في ركعة؟ هذا ما جاءت به الأحاديث، مما قاله النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو والجماعة الذين كانوا يغالون في التعبد، وفي القراءة، وفي الصيام، وفي القيام، يضع لهم به حدًا في التلاوة، وحدًا في الصيام: «أحب الصيام إلى الله صيام داود كان يصوم يومًا ويفطر يومًا»، وفي القيام «ينام بعض الليل، ويقوم بعض الليل». ولكن هناك بعض الصحابة، ربما وجدوا أن الرسول كان يفعل ذلك مخافة عليهم، وهم يستطيعون أكثر من هذا، فمنهم من قال إنه يصلي القرآن في ركعة، وأنا الحقيقة أعجب كيف يصلي الإنسان في ركعة بالقرآن كاملا. ** إذن أنتم ترون أن التمسك بحديث النبي صلى الله عليه وسلم أولى من صنيع الصحابة والصالحين. أنا أرى أن هذا أولى، الإنسان لا يختم في أقل من ثلاثة أيام، وفي أسبوع ممكن، وفي عشرة أيام، كل إنسان ما تيسر له. كي لا تزل أقدام ** فضيلة الشيخ نترك الآن جانب التلاوة، وننطلق إلى جانب التفسير، وهذا الجانب زلت فيه أقدام وأفهام، فما الطريقة المثلى لتفسير كتاب الله تعالى؟ الطريقة المثلى للتفسير لها عدة مبادئ، المبدأ الأول: أن نفسر القرآن بالقرآن، فما أجمل في
موضع فصل في موضع آخر، وما أطلق هنا قيد في آخر، وما عمم هنا خصص هناك، فلا بد أن نأخذ القرآن متكاملاً، فيصدق بعضه بعضًا، ويفسر بعضه بعضًا، كما قال (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)، فيمكن أن تقرأ قوله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ) فتسأل: وما رب العالمين؟ فتجد الإجابة في حوار موسى وفرعون، (قَالَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ)، وبذلك نعرف أن العالمين تعني: السماوات والأرض وما بينهما، ومن فيهن. فنستطيع أن نفسر القرآن بعضه ببعض، والنبي عليه الصلاة والسلام هو الذي وضع هذه القاعدة، حينما سأله الصحابة عن قوله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ)، حيث إن «يلبسوا إيمانهم بظلم» هذه نكرة في سياق النفي، يعني أي ظلم، وأي منا لا يظلم نفسه، فأزعجتهم الآية ، فقال لهم النبي: ليس كما فهمتم، أما سمعتم قول العبد الصالح (يَا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) فالمقصود بالظلم هنا الشرك، وهو المناسب للآية، كذلك في الآية التي جاءت على لسان سيدنا إبراهيم: (وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ) ثم جاءت الإجابة في قوله (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ) يعني لم يخلطوا توحيدهم بشرك. السنة والصحابة ** إذن هذا أول شيء في تفسير القرآن، أن يفسر القرآن بالقرآن، الخطوة التالية أعتقد أنها ستكون تفسير القرآن بالسنة، فكيف ذلك؟ إذا لم نجد في القرآن ما يفسر القرآن، فلا بد أن نلجأ إلى السنة، باعتبارها المبينة للقرآن، وباعتبار أن النبي صلى الله عليه وسلم هو المكلف ببيان القرآن (وأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) وأعتقد ليس هناك من هو أجدر على فهم كتاب الله ممن أنزل عليه هذا الكتاب، فالرسول هو الذي يبين، يخصص العموميات، ويقيد المطلقات، ويبين المهملات.. إلى آخره. كما في كثير من الآيات التي خصص النبي عليه الصلاة والسلام عمومها، وقيد إطلاقها، فمثلًا أنه في الميتة استثنى السمك والجراد، واستثنى الكبد والطحال من الدم، كما بين لنا تفصيل الأحكام التي جاءت في القرآن، في الزكاة والصلاة والحج. **هل هناك اعتبار لأقوال الصحابة في التفسير على اعتبار أنهم شهود لنزول الوحي؟ هذه المرتبة الثالثة في التفسير، فبعد أن نلجأ إلى السنة، وإذا لم نجد فيها ما يشفي علتنا، نلجأ إلى الصحابة، لأنهم هم الذين شاهدوا نزول القرآن، وحضروا مجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعوا تفسيرات القرآن، وهم عرب خلص وأصحاب فطرة سليمة، وبصائر نيرة، وهم أقرب إلى أن يهدوا إلى الصواب في تفسير القرآن، فما أجمعوا عليه أخذناه، وما اختلفوا فيه نستطيع أن نرجح. وهناك من الصحابة من له مزية أكثر من غيره، مثل ابن عباس الذين دعا له النبي صلى الله عليه وسلم الله سبحانه وتعالى أن يعلمه التأويل، ويستطيع العالم أن يرجح بين أقوال الصحابة بعضهم وبعض، وذلك إذا صح القول عن الصحابة؛ لأن كثيرًا ما تأتي الروايات عن الصحابة ولكنها لم تصل إلى درجة الصحة، وكثيرًا ما تأتي عن الصحابي الواحد، فمثلا ابن عباس الذي يسمى «ترجمان القرآن» تجد روايات متناقضة عنه في تفسير الآية، بعضها صحيح وبعضها غير صحيح، وفي حالة الصحيح وعدم الصحيح نعتمد الصحيح، وإذا كان الكل ضعيفًا أو الكل صحيحًا، تأتي هنا مرجحات أخرى. العربية أساس التفسير **الحق سبحانه وتعالى يقول عن القرآن إنه (بلسان عربي مبين) فهل اللغة العربية تعتمد كذلك في الطريقة المثلى لتفسير القرآن؟ أساس التفسير هو اللغة العربية، ولابد لمن يفسر القرآن أن يكون متمكنًا من اللغة العربية، من حقيقتها ومجازها، وصريحها وكنياتها، ويفرق بين خاصها وعامها، ومنطوقها ومفهومها، وإشاراتها وعباراتها، ومن لا يعرف ذلك لا يستطيع أن يفسر القرآن. وبعضهم الآن يريد أن يفسر القرآن في إطار علوم اللسانيات، ويأتي بأشياء من خارج القرآن، وخارج اللغة، وخارج اللسان، ليفسر بها القرآن، أو بفلسفة معينة، أو في ضوء النظرية الماركسية، أو النظرية الاجتماعية لدور كايم، وفي هذا خروج بالقرآن عن القرآنية، فيجب أن يفسر القرآن على أنه كتاب الله، أي نفسر كلام الله، وليس كلام أي أحد عادي، وأنه كتاب الزمن كله، وليس كتاب جاء لمرحلة معينة، وأنه كتاب الإنسان كله، الإنسان بعقله وعاطفته، وجسمه وروحه وضميره، والإنسان فردًا ومجتمعًا، وكتاب الحياة كلها. ** البعض ربما يسأل أي التفسير ترونه مناسبًا، ولو أخذناه كدرجات، الإنسان العام أي غير المتخصص، ماذا يقرأ من كتب التفسير؟ التفاسير يقسمونها إلى تفسير مأثور، وتفسير بالرأي، وتفسير بالرواية، وتفسير بالدراية، والتفاسير التي بالرأي أو بالدراية تختلف وتتنوع، بتنوع ثقافة المفسر، فمفسر مثل الزمخشري هو رجل من رجال البلاغة ومن أساطين اللغة، بين البلاغة والبيان، وهو أيضًا معتزلي، فتجد فيه الأفكار المعتزلة، وأحيانًا كما يقول بعضهم: لا تستطيع أن تجدها إلا بالمنقاش، يعني تدس الأفكار المعتزلية وسط التفسير، ومفسر آخر مثل الإمام فخر الدين الرازي، هو رجل متكلم فيلسوف، وفقيه أصولي، فيظهر أثر علم الكلام وعلم الأصول في تفسيره، حتى زعم بعضهم أنه قال فيه كل شيء إلا التفسير، ولكن هذا في الحقيقة ظلم للكتاب، الكتاب فيه لفتات تفسيرية عظيمة، من غير شك. «ابن كثير» الأبسط ** هل التفسير بالرأي يتعارض مع قول النبي صلى الله عليه وسلم «من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده في النار». لا، لا يتعارض إذا فهمنا معنى فسر القرآن برأيه، أي بما يراه وليس بهواه، بمعنى أنه يحاول تنزيل القرآن على ما يراه، المعتزلي يجعل القرآن معتزليًا، والأشعري يجعل القرآن أشعريًا، والفيلسوف يجعل القرآن فلسفة، والحنفي يجعله حنفيًا. وأنا أذكر كلمة لأحد علماء الهند، أو لوالد الشيخ محمد تقي العثماني، كان يحدث تلاميذه ويقول لهم: أبنائي لكم أن تأخذوا برأي أبو حنيفة، أو رأي أبو يوسف، أو رأي كذا ورجحوا ما ترجحوا، ولكن إياكم أن تجعلوا الحديث حنفيًا، وإذا كان هذا بشأن الحديث ، فأكثر منه أن نقول إياكم إن تجعلوا القرآن حنفيًًا، القرآن أوسع من المذاهب، وأوسع من ثقافات المفسرين. الشاهد أن كل تفسير يتأثر بثقافة المفسر، فمثلاً القرطبي، لأنه مفسر فقيه، فكتابه سماه «الجامع لأحكام القرآن» وأفرغ فيه أحكام القرآن لابن العربي. وحينما نشرح كتابًا للمسلم، لابد أن نراعي ثقافته، هل هو عالم متخصص، فنقول له اقرأ أكثر من كتاب، أو شخص يريد أن يقرأ، نقول له اقرأ تفسير ابن كثير، فأنا أرى أن تفسير ابن كثير هو تفسير بالرأي، وتفسير بالأثر، لأنه يذكر رأيه، ويستدل بالأحاديث وبأقوال الصحابة وبغير ذلك، ويضعف ويرجح الحديث، ويمكن لبعض الناس أن تكتفي بمختصر ابن كثير، والشيخ أحمد شاكر ألف «عمدة التفسير من تفسير ابن كثير»، وكذلك الشيخ الصابوني، وبعض المعاصرين اختصروا ابن كثير، فيمكن لبعض الناس أن يكتفي بمختصر ابن كثير. ** فضيلة الشيخ أنتم عاصرتم كتابات الأستاذ سيد قطب رحمة الله عليه وخصوصًا كتابه «في ظلال القرآن» هذا الكتاب غالى البعض فيه، فارتفعوا به إلى السماء، والبعض حاول أن يحطم من قيمة الرجل الأدبية، وقالوا إن هذا ليس بتفسير للقرآن الكريم، فهل ترون أن هذا الكتاب يدخل من ضمن كتب التفسير. كتاب في ظلال القرآن الأجزاء الأولى في طبعته الأولى، كان كما سماه، في ظلال القرآن، لم يرد أن يكون تفسيرًا للقرآن، إنما وقفات أديب وداعية ومفكر، ينظر في آيات القرآن، ويطل عليها من خلال هذا النظرة، فكان لا يدخل في التفسير، ولكن بعدما دخل في الموضوع وفي الأجزاء الأخيرة بدأ يدخل في التفسير. أنا أقول إنه أفرغ تفسير ابن كثير في الطبعة الثانية في الظلال، ولما أعاد أيضًا الأجزاء الأولى من الظلال أفرغ فيها ابن كثير، فأصبحت تفسيرًا بالفعل، وهو تفسير في الحقيقة يتميز بروعة البيان، وبإشراقة الروح، فالرجل كتبه في حالة صفاء نفسي، ومعظمه كتبه في السجن؛ لأنه بدأ فيه قبل أن يدخل السجن، ثم دخل السجن وبدأ يكتب وهو في السجن.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.