هؤلاء الزعماء مطلوبون للجنائية الدولية.. لكنهم مازالوا طلقاء    ولاية الخرطوم تشرع في إعادة البناء والتعمير    شاهد بالصورة والفيديو.. سائق "أوبر" مصري يطرب حسناء سودانية بأغنيات إيمان الشريف وعلي الشيخ الموجودة على جهاز سيارته والحسناء تتجاوب مع تصرفه اللطيف بالضحكات والرقصات    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تشعل مواقع التواصل بوصلة رقص مثيرة وهي تدخن "الشيشة" على أنغام (مالو الليلة) والجمهور يتغزل: (خالات سبب الدمار والشجر الكبار فيه الصمغ)    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الثلاثاء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تشعل مواقع التواصل بوصلة رقص مثيرة وهي تدخن "الشيشة" على أنغام (مالو الليلة) والجمهور يتغزل: (خالات سبب الدمار والشجر الكبار فيه الصمغ)    شاهد بالفيديو.. الناشطة السودانية الشهيرة (خديجة أمريكا) ترتدي "كاكي" الجيش وتقدم فواصل من الرقص المثير على أنغام أغنية "الإنصرافي"    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني في السوق الموازي ليوم الثلاثاء    مصر.. وفيات بغرق حافلة في الجيزة    قادة عالميون يخططون لاتفاق جديد بشأن الذكاء الاصطناعي    صلاح ينهي الجدل حول مستقبله.. هل قرر البقاء مع ليفربول أم اختار الدوري السعودي؟    عائشة الماجدي: (أغضب يالفريق البرهان)    رئيس لجنة المنتخبات الوطنية يشيد بزيارة الرئيس لمعسكر صقور الجديان    إجتماعٌ مُهمٌ لمجلس إدارة الاتّحاد السوداني اليوم بجدة برئاسة معتصم جعفر    معتصم جعفر:الاتحاد السعودي وافق على مشاركته الحكام السودانيين في إدارة منافساته ابتداءً من الموسم الجديد    احاديث الحرب والخيانة.. محمد صديق وعقدة أولو!!    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    عضو مجلس السيادة مساعد القائد العام الفريق أول ركن ياسر العطا يستقبل الأستاذ أبو عركي البخيت    سعر الجنيه المصري مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    موعد تشييع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه    البرهان ينعي وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي    علي باقري يتولى مهام وزير الخارجية في إيران    الحقيقة تُحزن    شاهد بالفيديو هدف الزمالك المصري "بطل الكونفدرالية" في مرمى نهضة بركان المغربي    مانشستر سيتي يدخل التاريخ بإحرازه لقب البريميرليغ للمرة الرابعة تواليا    الجنرال في ورطة    إخضاع الملك سلمان ل"برنامج علاجي"    السودان ولبنان وسوريا.. صراعات وأزمات إنسانية مُهملة بسبب الحرب فى غزة    الطيب علي فرح يكتب: *كيف خاضت المليشيا حربها اسفيرياً*    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة الإنسيابية.. المرحلة الثانية
الحزب الإتحادي الديمقراطي نحو أفق جديد «1-2»
نشر في الرأي العام يوم 30 - 09 - 2009

أن تكون سودانياً فهذا واقع وشعور يملؤك فخراً وإعزازاً، وأن تكون اتحادياً يتبادر إلى ذهنك المقولة المشهورة ان الحزب هو الوطن مصغراً وأن الوطن هو الحزب مكبراً، وهذا شعور كل اتحادي غيور على الوطن والحزب.. وعندما تختل هذه المعادلة وذلك التسلسل يخلق فراغا يفضي إلى خلخلة وتشرذم ثم تعقبه وقفة مع النفس للمراجعة وتصحيح المسار. وبما أن غالبية الاتحاديين لا تحيد عن هذا الطريق فإنها في مواجهة دائمة مع الأنظمة الشمولية والسلطوية وبالتالي تنحاز تلقائياً لصف المعارضة الوطنية أنَّى كانت الأجندة الوطنية هي الغالبة. وأصدق مثال لذلك ما عاشه الإتحاديون منذ نهاية الستينات عندما إصطفوا معارضين للنظم الشمولية طيلة «3» عقود تحت غطاء الجبهات الوطنية. وبالرغم من الصعاب التي واجهها أعضاء الحزب طيلة هذه المدة لم تمت جذوة مباديء الحزب في أنفسهم وفي كل مرة يتعرض فيها الحزب لكبوة في مسيرته الظافرة يخرج منها وهو أشد قوة ومنعة. وفي هذا السياق إبتكر الإتحاديون ما يسمى بالثورة الإنسيابية التي طور أساليبها الشريف زين العابدين الهندي0 رحمة الله عليه- وكان قد سبقه بها زعيم الحزب السيد إسماعيل الازهري - رحمه الله - عندما نزل للجماهير مستفتياً لها في أمر إستقلال السودان عن مصر أو الوحدة معها. وعندما فشل الحزب في تلبية طموحات جماهيره التي ناضلت ضد نظام نميري «61» سنة إستقال الشريف زين العابدين الهندي - رحمه الله - من مهامه التنفيذية مبقياً مسئوليته الدستورية كأمين للحزب، وأعلن بكلمات بسيطة كبيرة المعنى والدلالة عن موقفه وموقف الحزب عما يجري في الساحة السياسية آنذاك عندما قال: «خرج الحزب الإتحادي الديمقراطي وأنا ذاهب لأبحث عنه في صدور عارفيه أو أهلك دونه». ومن ثم بدأ تفعيل مبدأي الديمقراطية والمؤسسية اللذين غيبا عندما بدأ ملحمة بناء اللجان القاعدية لوضع الحزب في مساره الصحيح.. بل واستمر في هذا النهج الثوري الإنسيابي وتمت المفاصلة بين تياري الحزب الليبرالي والطائفي في مؤتمري الإسكندرية الأول والثاني عامي 19 و 2991م، حيث أدخلت مباديء حرية الفرد وديمقراطية التنظيم وحكم المؤسسة التي أصبحت ثقافة عامة لكل الإتحاديين بمختلف مشاربهم. وإستعداداً للمرحلة القادمة من إصلاح الحزب التي تتطلب الجهد الفكري والعلمي بدأ الحزب في اعداد بناء هياكله النظرية والتنظيمية وكان نتاجها سلسلة الأفق الجديد التي تحوي الحزب الإتحادي التأهيل والتأصيل.. وموجهات فلسفة البناء الفكري والتنظيمي.. وأربعينية الإستقلال وآخر الكلم وكثير غيرها. وعندما أحدقت المخاطر بالوطن رأي الحزب أن هم الوطن فوق الهم الحزبي. وان السلام وحل مشاكل الوطن بالتراضي المعهود بيننا هو السبيل الأوحد للخروج من هذه الأزمة.. وكانت مبادرة الحوار الشعبي الشامل التي أسست لخروج التفكير السياسي من «التوجه الحضاري - العروبي الإسلامي - الى المشروع النهضوي الوطني حيث دولة المواطنة وأساس الحق والواجب» ومشاركة الحزب في حكومة برنامج العمل الوطني. ومن الناحية الحزبية كان الغرض من هذه الخطوة أيضاً تفويت الفرصة على أعداء الوطن بسد ثغرات التنوع والتعدد والعمل على جعلها مصدر منعة لا ثغرات ينفذ منها أعداء البلاد، إضافة إلى تمكين الحزب من بناء لجانه القاعدية واستكمال هياكله التنظيمية إستعداداً لمرحلة الديمقراطية الرابعة. مرحلة نقل الإطار النظري إلى حيز التنفيذ: إن عملية التقييم والمتابعة عملية مستمرة على إمتداد تاريخ الحزب وأصبحت من الضروريات الكبرى عندما بدأ الحزب نشاطه الداخلي في العام 7991م. وهذه العملية تتلخص ببساطة في مدى نجاح الحزب في التصدي للتحديات الحزبية والقومية والعالمية. وهنالك أسئلة ملحة تندرج تحت هذا الإطار. وهي: هل إستجاب الحزب لمتطلبات جماهيره المعيشية والتنظيمية.. هل طبق الحزب مباديء الحرية والشفافية والديمقراطية والمؤسسية في كل أموره ومنها إختيار التنفيذيين أو من يمثلونه في اللجان القومية.. هل بذل الحزب جهداً في بناء لجانه القاعدية.. وأين وصل هذا الجهد بعد «31» سنة من العمل الداخلي.. هل أقام الحزب مؤتمراته القاعدية حسب ماهو مخطط لها في الدستور او في الصدور؟ فلنبدأ بالسؤال الاول.. هل إستجاب الحزب لمتطلبات جماهيره المعيشية والتنظيمية للإجابة عن هذا السؤال لابد من عملية تواصل بين القيادة والجماهير كي تتفاعل معها وتستجيب لطلباتها الممكنة والتفاكر في حل المؤجل أو غير الممكن منها. من الناحية المعيشية العامة ما ينطبق على الإتحاديين ينطبق على بقية أفراد الشعب السوداني.. ولكن من ناحية خاصة ماذا فعل الحزب للزراع الذين فقدوا أراضيهم.. واعلم أن هناك «008» مزارع اتحادي بمنطقة القضارف وحدها بقى منهم أقل من «53» مزارعاً.. وقس على ذلك في المناطق الأخرى. وماذا فعل الحزب لأصحاب الصناعات الصغيرة والخفيفة علماً بأن «08%» منهم قد توقفت مصانعهم بالكامل وأصبحت مخازن أو مطاعم.. وماذا عن الرعاة الذين أثقلت كاهلهم الجبايات.. وأصحاب المهن هذه يمثلون القاعدة العريضة للحزب الإتحادي الديمقراطي. إن من أهم أركاب المؤسسية هو بناء اللجان القاعدية.. هل قام القادة بعملية التواصل بينهم وبين جماهيرهم لبناء هذه اللجان.. فحسب علمي ليست هنالك عملية تواصل بين الجانبين مما أوجد فراغاً هائلاً بين القمة والقاعدة.. قد يقول قائل إن عملية التواصل هذه تتطلب جهداًِ مادياً كبيراً لا قبل للحزب به.. وأقول لهم إن هذا قول مردود.. لأنه عندما طلب الشريف زين العابدين الهندي - رحمه الله - ان يشارك شخصي والاخ د. مضوي الترابي في إحتفالات الحزب بعيد الإستقلال في ولاية النيل الازرق في يناير 5002م.. إلتقينا بجماهيرنا في ندوتي الدمازين والروصيرص.. وكانت ناجحة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى حتى أطلق عليها الشريف - رحمة الله عليه - الشرارة. فقد ألهبت حس الجماهير الإتحادية ودب الدم في عروقها وبكت بدموع الرجال مستذكرين ماض تليد ومستشرفين غدٍ سعيد. فإن كل موارد هذا اللقاء المهم والناجح هو عربة الاخ الوزير الشقيق معاوية إبراهيم حمد وإستضافته لنا و عدد كبير من إتحاديي النيل الأزرق في منزله العامر طيلة اليومين التي مكثناها في الولاية فله جزيل الشكر. إن قصور القادة في التواصل مع القاعدة الجماهيرية أقعد جماهير الحزب عن تكوين لجانها القاعدية بإستثناء ولايتي القضارف وكسلا حيث قام الأخوة الأستاذ بشير سهل ود. أمين البيلي بجهد مقدر في بناء تلك القواعد. إضافة إلى الجهد المبذول في الجزيرة وشمال وغرب دارفور وكذلك جنوب كردفان.. وخلاصة القول ان جهد القادة في بناء اللجان القاعدية بعد «31» سنة هو أقرب للعدم.. وما تم منها تم بجهد خاص ومبادرات فردية. الأمر الذي أقعد الحزب عن أداء واجباته نحو جماهيره وجماهير الوطن عامة. وربما عجل ذلك برحيل رئيسه الشريف زين العابدين - رحمة الله عليه - مصاباً بالاحباط وموت حلمه بأيدي من توسم فيهم مواصلة المسيرة. غياب الديمقراطية والمؤسسية: كان المأمول من القادة الشباب وكوادر الحزب الذين خلفوا الراحل العظيم الشريف زين العابدين الهندي أن يستنهضوا الهمم وأن يقوموا بتطوير وبناء الحزب على الأسس التي إرتضتها جماهيره من حرية للفرد وديمقراطية التنظيم وحكم المؤسسة وان يكونوا حريصين كل الحرص على تلك المباديء ولا ينقص الحزب في هذا الجانب البرنامج الجاذب والأدبيات التي تعبر عن تطلعات الجماهير وأحلامها، وفيما كتب الشريف زين العابدين الهندي والاخ الدكتور مضوي الترابي من أدبيات تمثلت في مؤتمري الإسكندرية 19/29، وميثاق دمشق، وبرنامج العمل الوطني والإعلان السياسي والميثاق السياسي، وموجهات فلسفة البناء الفكري والنظري. وأصبح ذلك رصيداً ثراً وإنجيلا للحركة السياسية السودانية كلها. كان الأمل في تصحيح بعض الخلل الذي شاب تطبيق هذه المباديء وتلك الادبيات حتى في عهد رئيسه الراحل الشريف زين العابدين الهندي.. فإن من ضمن هذا الخلل هو تغييب مبدأ الديمقراطية والشفافية في إختيار التنفيذيين الذين يمثلون الحزب في مؤسسات الدولة (وأصبح موضوع إختيارهم بموجب دستور أجيز على عجل في مؤتمر الحزب اليتيم العام 3002م. وأصبح واضحاً بعد مرور هذه السنوات الست أنه لا يتماشى ومباديء الحزب وأهدافه.. بل وأصبح معوقاً لمسيرة الحزب الظافرة. وعلى ضوء ذلك آلت الأمور الى ما آلت اليه الآن من تفكك.. وتدهور.. واحباط وتململ وسط جماهير الحزب. لم تكن الكفاءة والإلتزام الحزبي أحد الشروط التي تمت بها اختيار التنفيذيين مما أوجد الكثير من علامات الإستفهام.. فإذا تجاوزنا هذه النقطة، فالسؤال الذي يفرض نفسه.. ماهي مساهمة من تم إختيارهم من الدستوريين في عملية بناء الحزب وماذا قدموا لجماهيره من عمل وخلافه، بل ما هي مساهمتهم في عملية بناء وبلورة هذا التيار من الحركة الإتحادية.. للأسف الحصيلة النهائية هي صفر.. لأنهم لم يتمكنوا من الاتحاد مع بعضهم البعض وتكوين كتلة مؤثرة داخل الحكومة لأنهم شتات لا رابط بينهم - وهم الشريك الأول - حتى يتمكنوا من فرض وجودهم وبالتالي رأيهم لتحقيق رغبات جماهيرهم من حيث إيجاد فرص عمل وحل مشاكل جماهير الحزب المعيشية والمهنية بل وللأسف أصبح الجهاز التنفيذي للحزب عبارة عن أفراد خدمة مدنية يعمل لتلبية طلبات الحكومة والبحث عن مستحقاته الشخصية دون الإلتفات لمتطلبات الحزب وجماهيره.. وبالتالي أقعد الحزب عن القيام بدوره الريادي والقيادي في التصدي لمشاكل الوطن وحلها.. كان يجب أن يتم تقييم أدائهم ومحاسبتهم في مؤتمر الحزب العام الأول والأخير الذي أقيم في يونيو، 3002 ومؤتمرات التقويم اللاحقة ، ولكن لم يتم ذلك.. أو المؤتمر العام الثاني الذي لم يقم أصلاً أو هكذا خطط له منذ قيام مؤتمر 3002م.. وهذا ما أثبتته الايام.. فنحن الآن تفصلنا «6» سنوات من قيام المؤتمر اليتيم وليست هنالك اشارة أو دعوة من القيادة لقيام المؤتمر العام الثاني.. حتى تحركت جماهير الحزب لتصحيح هذه الاخطاء القاتلة.. فكانت مطالبتها باجتماع اللجنة المركزية لتقييم مسار الحزب ومن ثم تحديد موعد للمؤتمر العام الثاني.. وأرجو أن أذكر الأخوة الدستوريين بأننا عندما جئنا بالمبادرة وعرض علينا أهل النظام آنذاك المشاركة في الحكم رد الشريف زين العابدين - رحمة الله عليه - بأننا لم نأت لهذا. ولكن عندما قدمنا برنامج العمل الوطني كرؤية واضحة نحو حل مشاكل الوطن وإحلال السلام وإحقاق حقوق مواطنيه.. قبلنا بالمشاركة في الحكومة لتطبيق هذه المباديء السامية والدفع بالوطن خطوات نحو الديمقراطية والعدالة والمساواة.. ولكن للأسف تحولت هذه المباديء من هدف حزبي قومي مجمع عليه من قبل جماهير الحزب وقيادته الى هدف شخصي وهو المشاركة في الحكم من أجل المشاركة للمنفعة الشخصية. قد يقول قائل ان هيمنة المؤتمر الوطني على الساحة السياسية تحول دون حركة قيادة الحزب وسط جماهيرها.. وأقول لهم إن هذا قول مردود.. فقد حاول المؤتمر الوطني أو قل الحكومة دعم الحزب وإعادته لسابق عهده بإعتباره حزب الوسط العريض والأكثر فعالية فيه.. لملء الفراغ الكبير في الوسط السوداني حتى يحسم بذلك كثيراً من المشاكل والصعوبات التي تواجه الوطن.. مستثمراً وجود الشريف زين العابدين الهندي - رحمه الله - على رأسه .. ولكن التراخي في تطبيق مباديء الحزب وعدم فعالية أجهزته أقعدته عن بلوغ هذا الأمل وأصبح دون مستوى آمال المؤتمر الوطني.. دعك عن جماهيره الصامدة الصابرة. غياب المؤسسية والمحاسبة حتى تتم متابعة وتقييم برنامج الحزب لمعرفة ما تم منها وما لم يتم لابد من تحكيم مبدأ المؤسسية والشفافية التي تتم في أجمل صورها عند قيام المؤتمر العام للحزب كل سنتين.. أو في الإجتماعات الراتبة للجنة المركزية لأنها تقوم مقام المؤتمر في غيابه، وفي غياب ذلك تتم الململة وسط جماهير الحزب، وقد يعقبها حراك خارج الأطر الحزبية وبالتالي قد تتطور الى ثورة تطالب بالتمسك بالمباديء.. فإن ما نراه الآن من فعل ورد فعل على الساحة الحزبية هو رد فعل طبيعي لغياب المؤسسية والديمقراطية.. قد يقول قائل إن الحزب موجود بهيكله ومؤسساته فلماذا لا تطرح هذه الآراء داخلها.. نقول نعم إن المؤسسات موجودة داخل الحزب ولكنها جُمدت وأفرغت من محتواها بل وتداخلت اختصاصاتها.. ولا أحد يعرف إلى متى سوف تجمد..
اللجنة المركزية أو ما بقى منها إجتمعت مرة واحدة مع المكتب السياسي بعد رحيل الشريف زين العابدين- رحمة الله عليه - اما المكتب السياسي ومنذ رحيل رئيس الحزب إجتمع عدة مرات وبإنتظام.. نعم ليناقش في «7» اجتماعات وعلى مدى سبعة أشهر خطاب الامين العام في ذكرى رحيل رئيس الحزب، (والكل يعلم أن خطاب لينين في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الذي أسس لقيام النظام الإشتراكي في العالم تمت مناقشته واجازته خلال «4» ساعات عمل..) وبعدها جمد نشاط المكتب السياسي عملياً وأصبحت إجتماعاته كل «7» أشهر مرة واحدة. إذا تجاوزنا كل ذلك فالسؤال الذي يطرح نفسه ماهي القرارات التي اتخذها المكتب السياسي في سبيل معالجة التحديات التي تواجه الحزب وجماهيره والإستعداد للمرحلة القادمة بكل تعقيداتها الداخلية والخارجية. علماً بأن جماهير الحزب مازالت حائرة وتتساءل هل سيدخل الحزب الإنتخابات ام لا؟! وإذا قرر الحزب خوض هذه الإنتخابات.. ما مدى استعداده لها؟! علماً بأنه أصبحت تفصلنا عنها عدة شهور فقط. والمعروف ان الإنتخابات تتطلب جهداً فكرياً ومعنوياً ومادياً وتنظيمياً كبيراً.. فأين نحن من ذلك الحدث الكبير؟! أم ستستمر عملية تجميد الحزب والإتيان بأعذار واهية لتخدير جماهيره؟! لقد تم تجميد اللجنة المركزية لمدة عامين منذ رحيل رئيس الحزب عن دنيانا الفانية، ومضت أربع دورات لم تجتمع فيها إذ أن هذا الدستور الكارثة حدد إجتماعاتها بمرة كل ستة أشهر ولم يتم الالتزام بذلك. وكما ذكرنا أصبح المكتب السياسي يجتمع مرة كل «7» أشهر بدلاً من مرة كل شهر ولم تجتمع الامانة العامة كجهاز منذ سنة ونصف السنة رغم أنها جهاز تنفيذي يقوده أمين عام الحزب نفسه، ومات إلى رحمة مولاه رئيسنا الراحل المقيم وليس لنا نائب رئيس أو جهاز يقوم بأعباء الرئيس حتى إشعار آخر أو قيام مؤتمر عام، ومن ثم أختزلت كل مناصب الحزب الدستورية في يد الأمين العام وتحولت قيادة الحزب من قيادة جماعية إلِى قيادة فردية. الامر الذي يتنافى كلياً مع مباديء الحزب وأهدافه. كل هذا .. وتعيش في ذاكرتنا اننا حزب الحركة الوطنية.. واننا السودان مصغراً.. فأين نحن الآن من الأحداث الكبرى التي يمر بها الوطن.. فإن جماهير حزبنا الصامدة.. الصابرة تنتظر في شوق القيادة الملهمة التي تخرج بها من هذا الجمود وذلك التقوقع.. ونحن نعلم ان حواء الحزب ولادة وأن جماهيره تعرف كيف تختار قيادتها متى سنحت لها الفرصة المناسبة.. وأكثر من ذلك فهي قادرة على خلق هذه الفرصة دون منّة من أحد.. فقد أثبت كثير من جنود هذا الحزب العملاق فيادتهم الرشيدة في مجال عملهم وخدمة مواطنيهم حتى نالوا أرفع الأوسمة تقديراً وعرفاناً لجهدهم هذا. وأخيراً.. ان الحزب قادر على تقديم قيادات جديدة تفرضها الضرورة المؤسسية والتاريخية وما يمر به الوطن والمواطنون من محن وتحديات خطيرة.. قيادة تلبى طموحات جماهيره العريضة.. فهذا الرأي ليس موجهاً ضد أحد بل هو نتاج مبدأ إختطه الراحل المقيم الشريف زين العابدين الهندي - رحمه الله - منذ منتصف الثمانينات.. وهو الثورة الإنسيابية- التي لا تستأذن أحداًِ ولا تحدها الضوابط البيروقراطية - المتمثلة في مبدأ التجديد.. والحوار الديمقراطي والمحاسبة المؤسسية.. وجماهير الحزب موعودة دون شك بأفق وفجر جديدين. رئيس الحزب الإتحادي الديمقراطي بالولايات المتحدة أستاذ الدراسات الافريقية? جامعة مدينة نيويورك «هنتر»

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.