المرحلة الأخيرة من حياة الرئيس الراحل صدام حسين تكاثرت حولها الروايات، لكونها شهدت أحداثاً جسيمة تعاقبت على المشهدين العراقي والعربي بسرعة حبست الأنفاس وأثارت إنفعالات متناقضة، منذ بدء المعارك، مروراً بسقوط بغداد، وإنتهاء بمشهد إعدام الرئيس صدام صبيحة عيد الأضحي، وكان الأستاذ خليل الدليمي رئيس هيئة الدفاع عن صدام حسين قريباً جداً من الرئيس أثناء مرحلة إعتقاله بحكم توليه مهمة الدفاع عنه وكونه المحامي الوحيد الذي حظى بلقاءات خاصة منفردة مع الراحل، وألتقت به (الرأى العام) ليحدثنا عن كيفية القبض على صدام، وقصة (الحفرة) التي قالت أمريكا إنهم وجدوه فيها، وخفايا تلك المحاكمة الشهيرة، واللحظات الأخيرة للرئيس الراحل، وموقفه من الزعماء العرب، ومعاملة الأمريكيين له داخل المعتقل، وعن مصير أموال العراق وعلمائه، والحياة السياسية بعد الإحتلال. ----------------------------------------------------------------------------------------------- س: هل شعرت أن الرئيس كان نادماً على أي قرار اتخذه؟ مسيرة دامت خمسة وثلاثين عاماً لا تخلو بالطبع من الأخطاء، حدث أثناء اللقاءات تداول الكثير من القضايا، وكان يقول إنه حاول جهده أن لا يخطيء وأن لا يقع عراقي ضحية خطأ، لكن كما تعرف في السياسة يحدث كل شيء. س: هل فوجيء بقضايا طرحت في المحكمة لم يكن يعلم بها؟ هو لم يتفاجأ إلا بحجم التزوير. س: هل هناك حديث عن أسرار لم تنشر بعد؟ لكل مرحلة ما يقال فيها، ولا نستطيع أن نقول كل شيء الآن، ليس كل ما يعرف يقال لأنه قد يؤثر على واقع الحال ولكننا بعد تحرير العراق وهو يوم ليس ببعيد سنقول كل ما سمعناه وعرفناه من الرئيس صدام حسين. س: كيف تنظر إلى مستقبل العراق؟ مرهون بإخلاص أبنائه وبمقدار وفاء الدول العربية للعراق. س: دعوة المالكي للبعثيين وقادة الجيش القديم للعودة للبلاد، هل هي حقيقية أم محاولة للاصطياد؟ اعتقد أنها محاولة للاصطياد..بل أجزم. س: الانتخابات الأخيرة كيف تمت؟ هل زورت كما يقال؟ زورت، ورغم التزوير لم يشارك فيها إلا (30%) من العراقيين، وأفرزت أن العراقيين لا يصوتون لمن ولاؤه خارج العراق والدليل سقوط التيار الذي يقوده الفارسي عبد العزيز الحكيم. س: هل تتوقع مزيداً من الإعدامات للقيادات العراقية؟ الأحكام الموجودة في العراق نتيجة لصفقات ما بين المحتل والمالكي. س: هل تتوقع إطلاق سراح طارق عزيز؟ هناك ضغط في هذا الاتجاه...لكن كل شيء متوقع.. س: وسلطان هاشم وزير الدفاع السابق؟ الأمريكان وحكومة الاحتلال وجدوا أن سلطان أو بقية قادة المؤسسة العسكرية لا يجوز اعتقالهم فهم أسرى حرب ويفترض أن يطلق سراحهم، فهم لم يعبروا المحيطات ليغزوا الولاياتالمتحدة، بل هم من فعل ذلك. س: إخوة الرئيس صدام؟ موجودون في المعتقل,, س: هل تتوقع إعدامهم.. أتوقع إعدام سبعاوي لشجاعته..وكونه احتمل الضغوط للاعتراف ضد الرئيس أو خيانة البلد لكنه أبى. س: وعبد حمود؟ لا أريد التعليق على هذا الرجل.. س: وبقية المعتقلين؟ أتمنى أن يرعوي المحتل وأن يطلق سراح الجميع.. س: عاد سجن أبو غريب من جديد، هل عاد بذات سيرته السابقة؟ ما اقترفه الأمريكان في العراق لن يمحي لعشرات الأجيال، ما ارتكبوه في سجن أبو غريب من قتل واغتصاب وذبح. س: كيف يعيش شعب العراق الآن في ظل الاحتلال؟ ساعد الله هذا الشعب، شعبا أبياً صابراً بطلاً صامداً محتسباً ومقاوماً، وها هم الأمريكان يعلنون انسحابهم، لقد استطاعوا بصمودهم كسر هيبة الجيش الأمريكي. س: بنات الرئيس..وأمهم؟ يعشن في الأردن وقطر تحت رعاية واهتمام الملك عبد الله الثاني وأمير قطر... س: استقبلك عدد من رؤساء الدول العربية، ماذا كان يدور بينك وبينهم وما هي انطباعاتهم عما يحدث في العراق؟ كل ما يهم العراق دار بيني وبينهم وكانت وجهات نظرنا تتطابق إلى حد بعيد. س: هل كانوا نادمين على تفريطهم في العراق؟ نعم كانوا نادمين. س: هل يتوقعون أن الدور سيأتيهم؟ بعضهم يتوقع ذلك والغالبية عرفوا أن محاكمة صدام حسين هي رسالة لهم، ووجدتهم يتابعون المحاكمة تفصيلياً. س: الحياة السياسية في العراق، هل هي متاحة للمليشيات وقياداتها أم هي متاحة لكل الناس؟ لا حرية سياسية، الدولة مسلوبة الإرادة والعراق محتل. س: قانون إجتثاث البعث إلى اين وصل؟ يحاولون تزويق هذا القانون ما بين فترة واخرى لكن الهدف الخفي أكبر من التسميات المعلنة. س: نعود لقصي وعدي، يقال إنهما قاوما القوة التي هاجمتهما مقاومة عنيفة.؟ هذا ما أعترف به المحتل نفسه. س: هل حاولت اسرة صدام (كريماته) زيارته في الأسر؟ الرئيس كان يرفض الفكرة والمحتل لم يسمح لأحد سوى المحامين بزيارته. س: ماذا كتب عن عدي وقصي في يومياته؟ لم أحدثه بهذا الخصوص ولكنه تحدث عن مشاعره حين تلقي الخبر برباطة جاش. س: صدر عدد كبير من الكتب التي تشوه صورة الرئيس، هل إطلعت عليها؟ لا علم لي إلا بكتاب واحد لمؤلفه توفيق ربيع، وهو كتاب مزور يضع صورتي على الغلاف كأني من ألفته، وطالبته بسحبه من المكتبات واسير في خطوات مقاضاته الآن. س: هناك كتاب يقول إن صدام حسين لم يعدم؟ ذلك من أجل الكسب المادي.. س: ماذا عن قصة الشبيه؟ خرافة لا يصدقها إلا الساذجون. س: رأيك كقانوني في قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس البشير؟ القرار سياسي وجائر، والتكييف القانوني لهذا القرار لا ينطبق على السودان وهو غير ملزم به لأنه غير مصادق على المحكمة، وفي كل الأحوال يمس القرار بسيادة السودان واستقراره وعلى العرب أن يقفوا مع السودان بعمقه القومي والتاريخي والبشري ولا يضيعوه كما ضيعوا العراق، وأنصح كل الأطراف أن لا تستقوي بعصا الأجنبي التي لا ترحم، ولقد كان لنا في العراق درس بليغ عندما ضرب الأجنبي بعصاه حتى الذين جاءوا على ظهر دباباته، على السوداني أن يستقوي بأخيه السوداني، وأنا رأيت الديمقراطية في السودان، هذه زيارتي الثانية، وتأتي في إطار التضامن مع السودان والرئيس البشير، وأرى أن الديمقراطية في السودان تثلج صدور العرب وتجربة فريدة لم أر مثلها إلا في موريتانيا، والأمريكان وراء القرار الذي لا يستهدف الرئيس البشير بل يستهدف وحدة السودان وكرامته. س: هل ترى للقرار مستقبلاً؟ القرار ولد ميتاً رغم خطورته، وسيقبر قريباً، الاتحاد الأفريقي ضده، ونتمنى أن ترتقي جامعة الدول العربية لترتقي بالكرامة العربية التي اهينت في العراق وكثير من المحافل الدولية، أن لا يقبل الزعماء العرب بمحاكمة زعيم عربي أو أن تطلق مذكرات اعتقال، وهي سابقة خطيرة في القانون الدولي، على السودانيين أن يلتفوا حول قيادتهم، ومن يرد أن يغير فعليه بالداخل والطرق السلمية والسياسية، والامريكان لديهم أطماع في دارفور ويستغلون بعض الثغرات، وأدعوا السودانيين لافشال مخططاتهم، وبهذه المناسبة أضع هيئة الدفاع البالغة أكثر من خمسة آلاف محامي تحت تصرف السودان لإفشال هذه المؤامرة، وهذا جزء من الوفاء لدين هذا البلد وهذا الشعب في أعناق العراقيين. س: كيف كان الرئيس صدام ينظر إلى السودان؟ كان الرئيس صدام يرى أن في السودان قيادة حكيمة ويتنبأ بأن المؤامرات والدسائس ستطال الجميع. س: هل كان له آراء سلبية في قادة آخرين خذلوه؟ الموقف العربي مخجل ولا أريد الخوض في التفاصيل، ولكن العراق طوال تاريخه قدم المواقف القومية وضحى أبناء العراق في فلسطين والأردن وسوريا، وكان الرئيس صدام حسين عاتباً على إخوانه العرب الذين تركوا العراق للولايات المتحدة. س: كم عدد ضحايا الاحتلال من شهداء وجرحي ومشردين خارج حدود الوطن؟ لا توجد أرقام دقيقة ولكن هناك أكثر من مليوني شهيد قتلهم الاحتلال والمليشيات ناهيك عن الأطفال الذين قتلوا في الحصار، وتحاول حكومة الاحتلال والاحتلال إخفاء عدد العراقيين المهجرين في الخارج ويناهز سبعة ملايين عراقي في سوريا وبقية الدول العربية، أكثر من أربعة ملايين أرملة، وسبعة ملايين طفل يتيم، وثلاثة ملايين معاق، الحالة يرثى لها.