كانت مفاجأة لم يتنبأ بها حتى العالمون ببواطن الامور داخل المؤتمر الوطني: ان يختار مجلس شورى الحزب السيد ابوعلي مجذوب ابوعلي الرجل المعروف في شرق السودان كرئيس للمجلس. عنصر المفاجأة ليس واحدا ولكنها مجموعة عناصر منها ان ابوعلي توارى عن المشهد السياسي لفترة اعتقد البعض انها ستطول، واكتفى ابوعلي خلالها برئاسة مجلس ادارة هيئة الموانيء البحرية، ومنها ان الدائرة الاولى في مجلس شورى المؤتمر الوطني تضم اسلاميين اصحاب تجربة راسخة في الحركة الاسلامية منذ النشأة مروراً بسنوات الطلب وحتى الراهن، وبالتالي فهم الاقرب الى المنصب، بدلاً عن رجل لم تكن له سابقة في هذا المضمار كما قال هو عن نفسه. لكن ابوعلي قلب التوقعات وتبوأ موقعه كرئيس مجلس شورى المؤتمر الوطنين وهو الجسم الثاني من حيث الاهمية داخل الحزب الكبير. عن ما حدث، وعن تاريخ السيد ابوعلي مجذوب ابوعلي، وعن كيفية المزاوجة بين ذلك التاريخ وهذا الواقع كانت تساؤلات الرأي العام واجابات الرجل. ------------------------------------------------------------------------------------- ? رغم انك كنت والياًعلى البحر الاحمر وعضواً في البرلمان، لكن الكثيرين لا يعرفون ما قبل ذلك، اين درست ونشأت؟ - انا من مواليد طوكر 1942، وربما تستغرب اذا قلت لك انني درست في مدرسة كمبوني بالخرطوم وبورتسودان، وسبب دراستي في الخرطوم هو ان والدي كان عضوا في اول برلمان 1954 ورأى الوالد ادخالي في مدارس كمبوني بالخرطوم، ودرست الثانوي في كمبوني ببورتسودان. ? هل توقفت في الدراسة عند المرحلة الثانوية؟ - توقفت عن الدراسة لأن الوالد توفي العام 1960 وانا كبير الاسرة، فتركت الدراسة للاشراف على اعمال الاسرة التجارية..لكن بعد ذلك درست علوماً شرعية. ? أين ذلك؟ - درستها في الشرق على يد بعض الشيوخ، ثم التحقت بالازهر وتخصصت في علوم الحديث والتفسير، واشتغلت بالدعوة منذ العام 1970 ولدي مسجد في سنكات، ولم اشتغل بالسياسة كثيرا، بل اشتغلت بالدعوة. ? لكن من المعروف انك كنت وجهاً معروفاً في الحزب الاتحادي الديمقراطي؟ - نعم، (لكن جبروني ودخلوني الانتخابات العام 1986 وكنت نائباً عن دائرة طوكر). ? الاسرة معروف انها من الاسر الاتحادية؟ - نعم.. نحن ختمية. ? هل انت ختمي الطريقة؟ - ايوه نعم، انا خليفة في الطريقة. ? هل ما زلت حتى هذه اللحظة خليفة في الطريقة؟ - نعم انا عندي خلافة كبرى من السيد علي الميرغني رضي الله عنه، وانا ختمي الى ان ألقى الله عز وجل واسأل الله ان يثبتني على ذلك. ? ما هو المشترك بين هذه الاشياء: كنت عضوا في الحزب الاتحادي، ثم انت في نفس الوقت خليفة كبير في الطريقة الختمية وفي ذات الوقت رئيس شورى المؤتمر الوطني؟ - ما في اي تناقض، انا اختلفت مع الحزب الاتحادي في موضوع الشريعة الاسلامية خلال الديمقراطية الثالثة. ? وكيف هي علاقتك الآن مع السيد محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي ومرشد الطريقة الختمية؟ اجاب باقتضاب - احسن علاقة، فهو شيخ الطريقة ونحن مريدوه. ? ألا ترى اية صعوبة في الجمع بين موقعك كرئيس لشورى المؤتمر الوطني وكخليفة كبير في الطريقة الختمية؟ - ما في اي تناقض، ناس المؤتمر الوطني ذاتهم اولاد ختمية. ? هل كنت تتوقع ان تكون رئيس الشورى؟ - لم اكن اتوقع، كانت مفاجأة. ? من الذي رشحك؟ - قيادات داخل مجلس الشورى. ? من هم؟ - لا داعي لذكر اسمائهم. ? ألم يخطروك بأنه سيتم ترشيحك للمنصب؟ - ابدا.. النظام داخل المؤتمر الوطني انو يكلفوك وتقوم بالمهمة، انا لم اكن حريصا على المنصب ولكني خضعت لرأي الجماعة. ? هل تعتقد ان مهمتك سهلة؟ - ممكن تكون سهلة من ناحية ادارية، ولكنها صعبة من الناحية التنظيمية. ? هل ترى انك قادر على التنسيق مع نوابك؟ - سيحدث ذلك ان شاء الله. ? بعض الاسلاميين اشتكوا منكم كوافدين استطعتم الحصول على مواقع متقدمة في الحزب، ومنهم من ردد المثل الشهير(جدادة الخلا الطردت جدادة البيت)؟ - انا افتكر ان ما حدث هو نجاح للحركة الاسلامية كونها استطاعت ان تستقطب الناس الى صفوفها، العمل السياسي من الافضل الا يركز على فئة معينة، لأن عملية الاستيعاب تعتبر جيدة. ? الحديث ليس عن الاستيعاب فقط ولكن عن شغلكم لمناصب عليا؟ - من الممكن ان اكون رئيس الشورى ما المانع في هذا!، المناصب ليس فيها شيء اسمه الحكر..ناس الحركة الاسلامية ذاتهم بقولوا كدا. وعشان كدا فتحوا المجال، والناس جوهم، وكمان الناس ما جوا ساكت لكن عشان شافوا فيهم مصداقية. ? هذا ما رأيته انت منهم، فما هو الذي رأوه منك حتى تصير رئيسا لمجلس الشورى؟ - اسألهم هم..بالمناسبة انا دخلت الانقاذ من اول يوم. ما دخلتها الآن. ? من اول يوم؟ - عندما حدث انقلاب الانقاذ تم اعتقالي لمدة ثلاثة اشهر، وبعد انتهاء فترة الاعتقال، وجهت لي حكومة الانقاذ الدعوة لأول مؤتمر نظمته وهو مؤتمر الحوار الوطني حول قضايا السلام. ? لم تكن لك صلة بالحكومة قبل ذلك؟ - ابدا ليس لي بهم صلة قبل ذلك، واساسا لم اكن جبهة اسلامية، ولكن عندما جئت للمشاركة في المؤتمر ذكروا لي تصريحاتي خلال الديمقراطية الثالثة التي كنت اقول فيها اننا يجب ان نتجاوز الاحزاب من اجل تطبيق الشريعة، وقالوا لي: (دا السبب القوّم الانقلاب وانت زولنا من بدري)، وطوالي اختاروني رئيس اللجنة الشعبية للانقاذ للولايات الشرقية، وكانت تضم كل الشخصيات القومية بالولايات الثلاث، وخلال تلك الفترة مكنَا للانقاذ بالعمل الدعوي والجهادي وغيره. ? يعني علاقتك بالانقاذ كانت منذ بواكيرها؟ - نعم انا اصيل في الانقاذ ومؤسس، وانا من البدريين ولست من الطلقاء. ? يعني لا غرابة في ان تكون رئيس شورى الوطني؟ - نعم. وطبعا انت تعرف انني كنت عضواً في كل المجالس النيابية المنتخبة والمعينة. ? طيب بافتراض انك مؤسس في الانقاذ، البعض يرى انه كان من الاوفق الدفع بقيادات شابة لبعض المواقع في المؤتمر الوطني بدلا منكم؟ - هذه هي الديمقراطية (ما بنقدر نجيب الشباب بالقوة)، لكن هناك استكمالاً ربما تتم فيها معالجات بالنسبة للمرأة والشباب والولايات والطلاب. ? ما هو التحدي المهم الذي ترى انه سيواجه المؤتمر الوطني في المرحلة القادمة؟ - التحدي هو ان نستطيع ان نتوافق مع الاحزاب السياسية على قيام الانتخابات بصورة نزيهة حتى يقول الشعب السوداني كلمته ويختار الجهة التي يرى انها مؤهلة لتحكمه، انا اعتقد ان الانقاذ قد ادت مهمتها، بأن حققت للشعب السوداني الكثير من الخدمات والمشاريع التنموية، والآن نحن بحاجة الى تحقيق الوحدة الوطنية، ووضع مصالح السودان فوق الاجندة الحزبية. وحل المشاكل في دارفور وغيرها. من المهم ان يقول الشعب السوداني كلمته في الانتخابات سواء فزنا او لم نفز. ? مجلس الشورى برئاستك سيكون له دور جديد وكلمة في اختيار الولاة و..؟ - ليس هناك شيء جديد الآن يمكن ان اقوله، نحن الآن بصدد تكوين مكاتبنا ولجاننا، اما موضوع الولاة فهذا شيء آخر.