الجمهورية الاسلامية الايرانية لها صفحات مشرقة في تاريخ البشرية وهي ضاربة الجذور في الحضارة الانسانية، فهي مهد الامبراطورية الفارسية التي كانت احدى القوتين العظميين في العالم حتى القرن السادس الميلادي إذ كانت تقف موقف الند للند مع الامبراطورية الرومانية. وكانت ايران الاسلامية ومنذ فجر الاسلام قوة للمسلمين واضافة حقيقية لهم في العلوم والفنون والآداب، واليوم تعتبر الجمهورية الايرانية قوة اسلامية يعتد بها وقوة اقليمية ذات وزن لا يمكن تخطيه.. وشعب هذا ديدنه وتعود منذ عشرات القرون ان يعيش عزيزاً في الذرى العالية لا يرضى ان يعيش في الحضيض وبين الحفر. والمعروف ان الولاياتالمتحدة وفي أعقاب تفكك الاتحاد السوفيتي السابق حسبت ان الخطر الشيوعي الأحمر قد انحسر وتلاشى ولم يعد امامها من خطر سوى الاسلام او ما يسمونه بالخطر الأخضر، ولذا استهدفت الولاياتالمتحدة وعلى وجه الخصوص خلال فترتي حكم جورج بوش الدول الاسلامية التي تملك قرارها ولا ترضى بالانصياع والتبعية للقوة العالمية الاحادية التي رسم لها المحافظون الجدد سياسة وهمية تمكنها من التحكم في دول العالم وشعوبه على النحو الذي يتحكم فيه الراعي على قطيعه ويوجهه حيثما شاء ولا يملك القطيع إلاّ ان ينصاع ذليلاً وإلاّ فإن العصا لمن عصى. والشعب الايراني شأنه شأن شعب السودان لا يقبل الذل والأمتهان والتحكم في مقدراته. فقد أشعل الثورة الإسلامية التاريخية التي عصفت بنظام الشاه محمد رضا بهلوي الراسخ الجذور بدعم من الولاياتالمتحدة ودول الغرب. ولا يمكن لجمهورية ايران ولغيرها من الدول الاسلامية أن تقبل الاذلال والامتهان والإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني لأن هذه الافعال موجهة نحو جميع المسلمين لاضطادهم وكسر شوكتهم إمتداداً للحروب الصليبية الاستعمارية التي تهدف لمحو كل اثر اسلامي في المنطقة، كما تهدف إلى استعباد الشعوب واملاء الشروط عليها. ويود كل مسلم ان تكون له القدرة للوصول الى إسرائيل والمشاركة في حرب اليهود البغاة المدعومين من قبل امريكا وليس المقصود من غرس الدولة العبرية كشوكة في خاصرة الشرق الاوسط ان تحتل الاراضي الفلسطينية وتتحكم في شعبها فحسب، بل ان تكون بعبعاً يخيف كل شعوب المنطقة وان تكون لها الكفة العسكرية الراجحة لتهزم الدول مجتمعة كما فعلت في حرب يونيو 1967 .وان تفعل بالمنطقة وشعوبها ما تريد. وعندما تحركت ايران بمزاولة اضعف الايمان وهو دعم حركة المقاومة الاسلامية «حماس» وحزب الله في حربهما العادلة ضد اليهود ومن يقف وراءهم وصفت ايران بأنها احدى دول محور الشر، كما وصفت حماس وحزب الله بأنهما منظمتان ارهابيتان، متناسين ارهاب الدولة الذي تمارسه اسرائيل بكل البشاعة والوحشية. وعملت الولاياتالمتحدة والدول الاوروبية على تمكين اسرائيل من امتلاك اليد الطويلة والعصا الغليظة لردع كل من يحاول مساعدة الفلسطينيين وآخر هذه المحاولات الاعتداء على ما زعمت اسرائيل انه منشأة نووية سورية. ودعم الدول الاسلامية كافة لحركة حماس وللشعب الفلسطيني كافة ولحزب الله امر واجب، فالمسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه اي لا يتركه تحت رحمة الاعداء واسرائيل أشد وحشية وبربرية من النازيين والتتار ونظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا . وقد ساعد الدعم الإيراني لحركة حماس ولحزب الله في تعزيز صمودهما في وجه العدوان الاسرائيلي الذي يستمد قوته من ترسانة الاسلحة الامريكية المفتوحة دوماً له، وكشفت هاتان المنظمتان زيف الادعاء بأن الجيش الاسرائيلي لا يقهر فقد طالت صواريخ حزب الله معظم المدن الاسرائيلية وجعلت أهلها يعيشون في هلع ورعب داخل الملاجيء. والجمهورية الايرانية تسعى جادة لامتلاك الطاقة النووية للاغراض السلمية ولا تريدها اسرائيل ودول الغرب الداعمة لها أن تملك هذه التقنية التي تساعد على تنميتها وتحقيق الرفاهية لشعبها العظيم العريق الذي يريد دوماً أن يستعيد مكانته في الصفوف الأولى بين شعوب العالم. والذي تعارضه اسرائيل وتهدد بضربه وتدميره ليس هو السلاح النووي بل وحتى مفاعلات انتاج الطاقة الذرية للاغراض السلمية لانها لا تريد لايران ان تقوم لها قائمة. ولا يمكن لايران ولأي عاقل في الدنيا ان يسعى لامتلاك سلاح نووي لتدمير قوة أخرى مثل اسرائيل لان مثل هذا المسعى يعني ان تتحول الدولة المعتدية الى ركام وانقاض بل وتزول من الوجود تماما. فقد قال الرئيس الامريكي السابق جيمي كارتر في 25مايو 2006 ان اسرائيل لديها على الاقل (150) سلاحاً نووياً في ترسانتها، اما مركز الدراسات التابع لسلاح الجو الامريكي ومقره في قاعدة ماكسويل الجوية في ولاية ألباما فقد ذكر ان اسرائيل تمتلك (400) قنبلة نووية وهيدروجينية - بالرغم من ان اسرائيل تحاول أن تجعل قدراتها النووية طي الكتمان. فلماذا اذاً تسعى ايران لامتلاك التقنية النووية؟ والإجابة لا لبس فيها وهي أنها تريد أن تحقق التنمية الشاملة لشعبها وحتى إذا عمدت إلى امتلاك السلاح النووي فان ذلك واجب ديني عليها وعلى كل دولة مسلمة إذ امرنا الله ان نعد ما استطعنا من قوة ومن رباط الخيل ولم يقل لنا الاسلام بأن الهدف من وراء ذلك هو تدمير العدو بل إرهابه (ترهبون به عدو الله وعدوكم) حتى يضع للشعوب الاسلامية - بما فيها الشعب الفلسطيني - الف حساب فالسلاح النووي الايراني يخلق نوعاً من التوازن ويحد من غلواء العدو وصلفه وعدوانه. وقد جاء في صحيفة (الرياض) السعودية غداة التجارب النووية الباكستانية: (نحن نرحب بالسلاح النووي الباكستاني لانه يحقق نوعاً من التوازن مع السلاح النووي الصهيوني الذي تمتلكه اسرائيل والذي تحصلت عليه بعد العدوان الثلاثي على مصر في العام 1956 بعد أن اعطت فرنسا سبل انتاجه لاسرائيل بعد العدوان الثلاثي على مصر خلال مفاوضات قام بها شيمون بيريز مع قادة الجمهورية الرابعة الفرنسية. وتأتي ضرورة امتلاك البلدان الاسلامية لكافة انواع الاسلحة من حقيقة ان الدولة العبرية دولة عدوانية لها طموحات في ان تتمدد على كل الرقعة الواقعة بين النيل والفرات وقامت بشن ثلاثة عدوانات على الدول العربية اولها العام 8491م والثاني العدوان الثلاثي في العام 1956. والثالث عدوان يونيو 1967 إلى جانب عدوانها المتكرر على لبنان وعدوانها المستمر على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية التي تحاول الغاء مظاهرها الاسلامية والعمل على تهويدها وهذا عدوان محرم لأنه يمثل استعماراً استيطانياً تحرمه كل الشرائع السماوية وكل احكام القانون الدولي، بالإضافة إلى محاولة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، واشارت الاممالمتحدة الى جرائم الحرب هذه. ولم يبدأ برنامج ايران النووي في عهد الثورة الاسلامية بل بدأ منذ العام 1974 مع بدء برنامج لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية في بوشهر بمساعدة ألمانية غير انه تم الغاء المشروع بعد الثورة الاسلامية التي أتت بعد خمس سنوات. ولكن المشروع عاد العام 1992 حين وقعت طهران اتفاقاً مع روسيا لمعاودة العمل في الموقع وثمة مفاعلان في الموقع أحدهما يشرف على الانتهاء حسب التقارير. وتبني ايران معملاً في أصفهان- حسب ما أوردته الجزيرة نت - لتحويل اليورانيوم الى ثلاثة اشكال مختلفة، وقد علقت ايران العمل في تخصيب اليورانيوم في ناتانز عام 2003غير انها عادت للعمل به مؤخراً. ووفقاً لبعض التقديرات فإن مفاعل ناتانز حين يتم العمل به قد يضم حوالي (50) ألفاً من أنابيب نقل الغاز المتطورة وهذا ما يسمح بانتاج اليورانيوم من درجة الاسلحة لتطوير ما يزيد عن خمسين سلاحاً نووياً كل عام، كما برزت اشارات لوجود منشأة للمياه الثقيلة قرب بلدة اراك. وحالة المسلمين اليوم لا تسر فهم في حالة من الضعف لا يحسدون عليها ولا شيء يغرى بمهاجمة الآخرين وانتهاك حرماتهم سوى حالة الضعف. ورسولنا الكريم يقول المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف وكان الرسول عليه افضل الصلاة والتسليم يرى ان أهل سلمان الفارسي هم الذين يهبون لحماية الدين في آخر الزمان. ونرى اليوم المسلمين العرب في حالة مزرية من الضعف، بل هرول بعضهم لمصالحة اسرائيل والتطبيع معها. ولا أمل في تخويف اليهود ومن والاهم إلا بقوة السلاح النووي (لترهبون به عدو الله وعدوكم) والمسلمون في قرارة انفسهم يتمنون ان تمتلك الجمهورية الايرانية السلاح النووي وهم على يقين أنها لن تستخدمه ضد احد ولكن لترهب به الاعداء الذين سيفكرون الف مرة قبل أن يعتدوا على شعب مسلم او قبل انتهاك الحرمات الاسلامية كما يحدث هذه الايام في القدس الشريف والمسجد الاقصى ويتوق الشعب الايراني إلى أن تعود القوة للدول الاسلامية كما كانت مرهوبة الجانب فإذا قالت امرأة «أسيرة «و معتصماه» أجابهم المعتصم: «لئن لم تخلوا سبيلها فسوف أرسل لكم جيشاً أوله عندكم وآخره عندي فاستجاب له كبير الروم ورد السيدة المسلمة الى بلادها عزيزة مكرمة. وسوف تتواصل جهود الشعب الايراني لامتلاك الطاقة النووية للاغراض السلمية فان المثل الانجليزي يقول إذا توافرت الارادة القوية فان كل السبل سوف تنفتح امامك. ولن تنحني ايران للعواصف وستمتلك السلاح النووي في نهاية المطاف، فلابد من صنعاء وإن طال السفر، والسلاح النووي الايراني لن يستخدم في تدمير اسرائيل أو غيرها ولكن الهدف منه تحقيق التوازن. ولن تجرؤ اسرائيل على مهاجمة المنشآت النووية الايرانية لأن العواقب ستكون كارثية كما قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان. وقد حذرت إدارة اوباما اسرائيل من مهاجمة المواقع الايرانية. والذي يوغر صدور شعوب العالم هو امتلاك الدول الغربية واسرائيل للسلاح النووي وتحريمه على الدول الأخرى والهدف هو جعلها ذليلة لا يلتفت اي أحد لما تقول لتمضي المخططات الصهيونية والاستعمارية قدماً لفرض الهيمنة على المنطقة واذلال شعوبها.