لم تكن خطوة زيادة رواتب الجيش مفاجئة للمراقبين وأفراد القوات المسلحة أنفسهم لجهة الشكوى المتكررة من الوضع المادي داخل المؤسسة العسكرية، طبقاً لما ذكره وزير الدفاع الفريق أول ركن مهندس عبد الرحيم محمد حسين للبرلمان بأن بعض منسوبي الجيش تسللوا إلى العمل في التنقيب عن الذهب، واشتكى للنواب قلة رواتب أفراد الجيش وضعفها البائن مقابل كفاية الحاجة. الجيش عمود كل دولة وركن مهم لكل مشروع دولة تسعى لبلوغ القوة والعظمة، ولا شك أن القوات المسلحة السودانية تستمد قوتها من قوة وشموخ الشعب بكل ملامحه وتفاصيل الإنسان السوداني النادرة لتمتزج في عرين (جيش الهنا وحامي حمى الشعب) رغم الأوضاع المالية المتردية حسب ما ذكر وزير الدفاع .. زيادة رواتب الجيش طبقاً لتقارير إعلامية اليومين الماضيين تنفح أفراد القوات المسلحة بروح جديدة خاصة وأن الظرف الأمني الحالي بالبلاد يحتاجهم بشدة لإغلاق ثغور ومنافذ ربما لا تكون مواتية لأجواء الخرطوم الساخنة بطبيعة الحال، بالرغم من أن الجيش يؤدى مهامه سواء كانت هناك زيادات أو لم تحدث.. تفاصيل الخبر تقول إن الحكومة قررت بصفة استثنائية رفع رواتب أفراد القوات المسلحة وتشرح لفظة أفراد منسوبي الجيش كافة دون استثناء في الرتب .. قرار زيادة رواتب الجنود والضباط في القوات المسلحة بنسبة (22%) يراه مراقبون للمشهد قراراً حكيماً بالنظر للمشهد الأمني في التوقيت الحالي في البلاد، بجانب الدور البطولي الذي تقوم به القوات المسلحة في ميادين المعركة.. وجاء الخبر بزيادة بدل العمليات وهي بالطبع حوافز مالية للعناصر التي تقاتل برفعها إلى (600) جنيه للضباط، و(450) جنيهاً للجنود. وأكد مسؤولون كبار في الجيش أن المخصصات المالية طبقاً للرتب العسكرية وأنها شملت جميع الرتب، وأشاروا إلى أن الجيش أيضاً استحدث علاوة شهرية تمنح متفاوتة للضباط والجنود. السمة البارزة في الجيش السوداني التابع مباشرة لوزارة الدفاع الوطني القوة والبسالة وعدم الانكسار، والتاريخ يحكي عن مشاركة أورطة من الجيش السوداني في الحرب العالمية الثانية في معارك بالمكسيك ابان الاحتلال البريطاني للسودان، ورهان محمد علي باشا على الرجال السودانيين لبناء امبراطوريته يؤكد عظمة الجيش السوداني وإمكانياته والروح المستمدة من وقوف الشعب السوداني خلفه سنداً وعضداً لكل تحركاته وسكناته لكونه حائط الصد والدفاع الأول عن البلاد. سوابق ترك الخدمة في الجيش لضعف وتدني المرتبات أكدها الخبير العسكري العقيد (م) علي حسن نجيلة، وأقر بوقوعها في فترة سابقة، وقال إن سوابق كثيرة وقعت في مسألة ترك الخدمة بدون استقالة، وأشار إلى أن ضعف المرتبات أدى في تلك الفترة لتدني الروح المعنوية للقوات، وشدد على ضرورة كفاية حاجة منسوبي الجيش المالية لعدد من الاعتبارات والموانع داخل المؤسسة العسكرية لمنسوبيها بمنع مزاولة مهن عديدة كالتجارة ورئاسة مجالس الإدارات الاقتصادية وغيرها، وشدد العقيد في حديثه ل (الرأي العام) على إعمال الكفاية لأهميتها القصوى، وأشار إلى أن المرتبات الأولى في كل العالم للجيش باستثناء بريطانيا التي تقدم رواتب القضاء على الإدارات الآخرى، بجانب الدفع بميزانيات مفتوحة للجيش في كل العالم بما فيها الدول الاشتراكية. وردّ نجيلة الخطأ الذي ارتكب ضد الجيش في السودان تاريخياً، ابان حكومة جعفر نميري لكونه وضع الجيش ضمن هيكلة الادارات الحكومية ما ادى الى هجر الضباط والجنود صفوف القوات المسلحة، في حين أنه من المفترض أن يكون النظام تأمين كفاية منسوبي الجيش ولضمان صرف الهواجس تجاه معيشة يومهم ومستقبلهم، بجانب الخطأ الآخر -حسب نجيلة- محاسبة القوات المسلحة حساب الهيكل الإداري الموجود في الدولة، وابان أن الطبيعي وجود مكتب داخل الحكومة يسمى وزارة الحرب تضم قائد قوات الشعب المسلحة، والنائب الأول، وزير الدفاع، والمالية لاتخاذ أي قرار بشأن ميزانية الجيش دون أن تخضع لأي معيار، وعاد نجيلة للتذكير بخطأ السودنة العام 1955م في وضعها ميزانية للقوات المسلحة ضمن هيكلة مرتبات الدولة الأمر الذي قال إنه مستمر حتى الآن، ووصفه بالوضع الذي لا يتفق ووضع الجيش. ويعتبر الكثيرون من خبراء الاقتصاد أن أوضاع المواطن عموماً تحتاج إلى تحسين خاصة على صعيد زيادة المرتبات للعاملين في قطاعات الدولة كافة، بما فيهم الجيش والأمن والشرطة وغيرها من المؤسسات لجهة أن المرتبات أصبحت لا تتناسب وتكاليف المعيشة.. واعتبر الفريق الفاتح الجيلي المصباح مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني، الخبير العسكري، أن القوات المسلحة ذات وضع خاص لكونها في حالة استعداد مستمر، بجانب تكاليف أسر منسوبيها، وأكد المصباح ل (الرأي العام)، ضرورة تحسين شروط الخدمة لمنسوبي قوات الشعب المسلحة لضمان الكفاية لهم أثناء الخدمة وبعدها خاصة وأنهم يتقاعدون للمعاش مبكراً خلاف المؤسسات الأخرى بالدولة. ووصف المصباح الزيادة التي دفعت بها الحكومة لضباط وأفراد الجيش بالمناسبة وفي وقتها مراعاة لظروف البلاد والظروف الخاصة التي يعمل فيها الجيش.