في العام 2007م أصدرت شرطة ولاية الخرطوم قرارا عبر دائرة الجنايات في الشرطة بقيادة اللواء عطا عبد الحميد الجاك، بعقد اجتماع يلزم شركات الاتصالات بعدم بيع شرائح الهواتف النقالة كالسلع الهامشية آنذاك، بجانب الترتيب مع الشرطة لعمليات تسجيل أية شريحة يتم بيعها، وذلك بعد أن رصدت الشرطة رسائل مجهولة تحمل تهديدات ومنها ما يحمل أساليب فاضحة، حيث يتم اكتشاف أن الشريحة المحددة غير مسجلة عند الرجوع للتأكد من صاحبها، وكان هذا الإجراء قد قطع شوطا ثم توقف العمل. وقبل يومين فاجأ ممثل جهاز الأمن والمخابرات الوطني المشاركين في ورشة نظمتها الهيئة القومية للاتصالات ببرج الاتصالات، وهو يكشف عن وجود شرائح موبايل وهمية مسجلة بأسماء الرئيس عمر البشير والممثلة المصرية ليلى علوي وغير ذلك من الأسماء المعروفة، وأكد ضرورة تسجيل بيانات مشتركي الهاتف السيار، وأوضح أن ظاهرة الشرائح غير المسجلة أصبحت تشكل هاجساً أمنياً، فيما كشفت ورقة قدمتها دائرة الجريمة المنظمة المستحدثة، عن ارتفاع بلاغات الجرائم المرتكبة بواسطة الشرائح غير المسجلة الى (710) بلاغات مقارنة مع (300) بلاغ خلال الفترة بين العامين 2010م - 2011م، واشارت الورقة الى أن الشرائح غير المسجلة دخلت في جرائم الاتجار بالبشر، وطالبت بتحديد سقف زمني واضح لإيقاف الشرائح غير المسجلة، بينما وجهت هيئة الاتصالات شركات الاتصالات باتخاذ إجراءات واضحة تمنع ما وصفته بتدفق سيل الشرائح الجديدة إلى الأسواق. هيئة الاتصالات قامت بجهود تشكر للقضاء على ظاهرة الشرائح المجهولة، إلا أن بعض العمالة الوافدة تقوم باستخراج كميات كبيرة من الشرائح مسبقة الدفع وكتابة أرقام هويتها عليها وبيعها بأسعار مضاعفة لمجهولي الهوية، مستهترين بالقرارات التي صدرت في هذا الجانب، وكان هناك اقتراح بأن تلزم الشركات المقدمة لخدمة الشرائح مسبقة الدفع، بعدم منح العمالة الوافدة أكثر من شريحة لكل مشغل، والعمل على فصل الزائد عن ذلك، بالإضافة للتنسيق مع الجهات المعنية للقبض على بائعي تلك الشرائح بالأسواق وتقديمهم للعدالة. وفي أول ردة فعل لقرار هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات بإعلان بدء تطبيق ربط شحن شرائح الاتصالات مسبقة الدفع للهاتف المتنقل برقم الهوية، قامت محلات الاتصالات التي تسيطر عليها العمالة الوافدة برفع أسعار شرائح الجوال إلى (300)، وبحسب مصدر استغلت العمالة الوافدة زيادة الطلب على شراء البطاقات تمهيداً لتسجيلها رسمياً من قبل المشترين فيما بعد، والاستفادة من عروض شركات الاتصالات المختلفة برفع أسعار هذه البطاقات وتحقيق هوامش ربحية عالية غير مشروعة. وجاءت مطالب بوضع أنظمة خاصة بشراء العمالة لشرائح الجوال ومراقبتها، لكي لا يمكن الالتفاف عليها، وقال خبير اقتصادي ل (الرأي العام)، إنه يفترض ألا تؤثر الأنظمة والقوانين المحققة للحماية لجميع أطراف العلاقة، سلباً في تقديم الخدمة، إلا في حالة واحدة وهي أن تتهاون أي من شركات تزويد الخدمة في تطبيق النظام وبالتالي يؤثر ذلك التهاون في حجم المبيعات لدى الشركات الأخرى المطبقة للنظام، وأضاف: (ليس هناك تأثير سلبي في الربحية، بل ربما أثر إيجابي في ربحية الشركات، خاصة فيما يتعلق بالبعد عن الغرامات التي تحتسب على الشركات في بعض الأحيان لأسباب تنظيمية وقانونية). وطالب الخبير الاقتصادي، بوضع أنظمة خاصة بشراء العمالة لشرائح الجوال ومراقبتها، وأشار إلى إمكانية الالتفاف على القرار من خلال العمالة التي تشتري شرائح الجوال باسمها ثم تعيد بيعها إلى مجهولين بأسعار مرتفعة، دون الاكتراث للعواقب القانونية مستقبلاً، وقال: نحن في حاجة إلى تنظيم ملكية العمالة الوافدة لعدد الشرائح، بما يمنع هؤلاء من المتاجرة بشرائح الجوال. وأكد أن هناك شريحة من المستخدمين يبحثون عن شرائح الجوال المجهولة، وهذا الطلب المتنامي يشير إلى رغبة البعض في استغلال تلك الشرائح في أمور قد تتعارض مع الأنظمة والقوانين مثل ارتكاب جرائم المال. وكان د. عز الدين كامل أمين مدير الهيئة القومية للاتصالات، أكد أنهم لن يقبلوا شرائح جديدة غير مسجلة للخدمة، وأقر بأنه لا يوجد حل قاطع حالياً للمضايقات وجرائم الاحتيال التي تأتي عبر الاتصالات الخارجية التي يصعب السيطرة عليها نهائياً، وطالب الشركات بتنفيذ أربع مراحل للقضاء على ظاهرة الشرائح المجهولة، ولوح باتخاذ إجراءات ضد مخالفات وكلاء الشركات إذا لم يلتزموا بموجهات الهيئة، وقال إن الهيئة ستضطر لفرض إجراءات حاسمة عندما تصل نسبة التسجيل الى (60%). بينما لفت اللواء عبد العزيز عوض مدير المباحث الجنائية بولاية الخرطوم، الى أن البلاغات الكاذبة التي تسجلها غرفة العمليات بواسطة الشرائح المجهولة تصل الى (700) بلاغ يومياً، وشبه مشكلة الشرائح بمشاكل الشقق المفروشة. وقبلها هدد المهندس مصطفى عبد الحفيظ مدير الإدارة الفنية بالهيئة القومية للاتصالات، باتخاذ إجراءات صارمة تصل لقطع الخدمة عن المشتركين الذين لا يسجلون بياناتهم خلال ثلاثة أشهر وذلك منعاً للتلاعب بالأرقام واستخدامها كأداة في العديد من الجرائم، وكشف عن قرارات صارمة لشركات الاتصالات بعدم تنشيط أية شريحة إلا بعد اكتمال تسجيل بيانات المشترك. وقال مصطفى إن الاحتفال باليوم العالمي للاتصالات يصادف بداية الحملة التي أطلقتها الهيئة لشركات الاتصال لتسجيل أرقام جميع المشتركين في الفترة من الأول من يناير حتى الأول من يوليو المقبل، والتي تأتي تحت شعار؛ (رقمك هويتك). وعلى الصعيد، قال مصدر شرطي ل (الرأي العام)، إن شرطة ولاية الخرطوم شرعت منذ العام 2007م في تقنين وتسجيل الشرائح عبر شركات الاتصال من خلال لجنة كونت آنذاك برئاسة اللواء عطا عبد الحميد الجاك، وباشرت اللجنة عملها وألزمت الشركات بعدم بيع الشرائح في الممرات، وأنه في حال عثر على أية شرائح لاي شركة تباع في الطرقات فستتخذ ضدها اجراءات، وأضاف بأن العمل مضى على هذا المنوال لفترة، لكنه توقف الى ان قامت شركات الاتصالات بعقد الورش، وطالبت بعدم وجود اي شريحة غير مسجلة. ونوه المصدر إلى أن تنامي مشكلة السرقات وسط طلاب الجامعات إحدى إفرازات الهواتف انتشار الهواتف الجوالة، ودعا الى التنسيق في التسجيل مع السجل المدني عبر الرقم الوطني، ولفت الى أن الداخلية استخرجت حالياً (6.8) مليون رقم وطني بمعدل نصف مليون في الشهر عبر (1400) وحدة متجولة. عموما.. ورغم الخطوات التي تمت، والتنسيق الذي تسعى إلى إحكامه الجهات الأمنية مع شركات الاتصالات والهيئة القومية للاتصالات، بغرض محاصرة ظاهرة الشرائح غير المسجلة التي تنتج عنها كثير من الجرائم والازعاج للمواطنين، إلا أن الظاهرة تجد لها منفذا للتمدد، مما يتطلب مزيدا من القوانين الصارمة وكثيرا من التنسيق والمسؤولية بين الأجهزة المختصة.