الهواء والماء أساس الحياة وإن اختفى أحدهما يختفي الإنسان عن الكرة الأرضية وكذلك سائر الكائنات الحية من أشجار ونبات وحيوان وبما ان الهواء متاح في كل مكان عبر الأزمان فإن توفير المياه الصالحة للشرب هو مسئولية مباشرة أمام كل الذين يحكمون المواطنين في أية دولة في العالم وقد يصبر المواطن قليلاً على النقص في الخدمات وأيضاً الغذاء ولكنه لا يستطيع ان يصبر على شح وفقدان المياه مما قد يؤدي إلى الإنفلات الأمني والاضطرابات التي تتحاشاها أية دولة في العالم. وأزمة مياه الشرب في ولاية البحر الأحمر وعلى وجه الخصوص في مدينة «الثغر» بورتسودان وفي هذا الصيف الحارق كادت تتفاقم لولا استنجاد الوالي «محمد طاهر إيلا» بالخرطوم حيث أصدر النائب الأول لرئيس الجمهورية الاستاذ علي عثمان محمد طه قراراً بالشروع الفوري في تنفيذ بناء خط إمداد المياه من عطبرة إلى بورتسودان وذلك وفق توجيهات رئيس الجمهورية التي صدرت في وقت سابق والتي على ضوئها سيتم توصيل المياه إلى بورتسودان وما جاورها في البحر الأحمر. وبرغم الانطلاق الفوري في تنفيذ هذا القرار الذي تأخر لعشرات السنين إلا أننا نقول ان إتيانه متأخراً خيراً من ان لا يأتي عسى ان يجعل أزمة المياه في بورتسودان قد شارفت على نهاياتها الأبدية والتي لم تجد الاهتمام الجاد من كافة أنظمة الحكم على السودان إلى يومنا هذا .. فحكومة جعفر نميري المايوية التي صنعت أنابيب البترول من مواقع الانتاج في جنوب السودان وحتى بشائر في البحر الأحمر لم تكن تعلم بأزمة المياه في بورتسودان ولم تفهم بأن المياه أهم من النفط ولم تفكر في بناء خط أنابيب لتوصيل المياه من عطبرة وحتى بورتسودان ولم تحسب أن المواطن العطشان يمكن ان «يولع» في كل مستودعات البترول ويدمر كل أنابيبه فيا إخوتي ان الماء أهم بكثير من النفط فالانسان لا يشرب نفطاً يولد الطاقة الحرارية بعد ان أصبح سلعة اقتصادية في بدايات الألفية الأولى من التاريخ الميلادي وخيراً فعل النائب الأول بالتعجيل في معالجة أزمة المياه في ولاية البحر الأحمر التي كان مصدرها الوحيد في ذلك «خور أربعات» على مدى سنين طويلة برغم ما ألم به من إهمال جعل المياه فيه غير صالحة للشرب ولا حتى لغسيل المواعين بسبب التلوث والطحالب والأسماك ومخلفات الحيوانات ليدخل مدينة بورتسودان دون تنقية أو تعقيم أو حتى إشراف صحي مما يستوجب إغلاقه فوراً وإجراء الصيانة والمسوحات الصحية حفاظاً على حياة الناس هناك والبحث عن وسيلة لتوصيل المياه من النيل إلى بورتسودان بشكل عاجل إلى أن يكتمل مشروع التوصيل الدائم من عطبرة إلى بورتسودان. فالمواطنون لا يحتملون العطش وبعضهم في طريقه للهروب من بورتسودان مما يؤثر على الانتاج خاصة في الميناء التي تعتبر واجهة السودان في البحر الأحمر فالمعالجة المطلوبة الآن تتلخص في كيفية توصيل المياه إلى هناك ولو عن طريق السكة الحديد والناقلات الكبيرة درءاً لمخاطر العطش حتى تكتمل خطوات النقل والإمداد الدائم..