تعتبر تحويلات السودانيين العاملين بالخارج أو المغتربين من أهم مصادر الإيرادات بالعملات الأجنبية نسبةً لمساهمتها في تحسين موقف ميزان المدفوعات وتخفيض العجز في الحساب الجاري، وشهدت الفترة الأخيرة تراجعاً في تحويلات المغتربين الى الداخل بسبب تذبذب سعر الصرف واتجاه كثير من العاملين بالخارج الى تحويل معظم أموالهم عبر السوق الموازي مما أدى إلى فقدان البلاد لجزء كبير من العملات الأجنبية الأمر الذي انعكس على ميزان المدفوعات. بينما تشير المتابعات الى أن التحويلات تراجعت بنسبة (30%)، حيث بلغ حجم التحويلات في العام 2011 أكثر من (3) مليارات دولار ليبلغ بنهاية العام الماضي مليار دولار، في وقت تتوقع فيه تقارير البنك الدولي بأن يصل حجم التحويلات إلى (593) بليون دولار خلال العام 2014 من جمله (215) مليون نسمة من سكان العالم أي (3%) يعيشون خارج دولهم، وتتصدر المملكة العربية السعودية المرتبه الأولى من حيث تواجد العمالة السودانية فيها مقارنةً ببعض الدول الأجنبية. وحسب المتابعات سجلت تحويلات العمالة الوافدة والمقاولين الأجانب في المملكة العربية السعودية أعلى مستوى لها خلال العام 2012 في تاريخها لتصل إلى (135.1) مليار ريال مرتفعةً بنسبة (11.5%) عما كانت عليه خلال العام 2011م.وعزا كثير من المراقبين تراجع تحويلات السودانيين العاملين بالخارج الى عدم وجود سياسات محفزة من قبل الجهاز المصرفي لجذب مدخرات المغتربين، بينما في خطوة وصفت بالمفاجئة ألزم بنك السودان المركزي المصارف والصرافات بتسليم التحويلات الواردة من الخارج بالنقد الأجنبي للمستفيد داخل السودان لتسهيل وتبسيط إجراءات تحويلات السودانيين العاملين بالخارج وتحويلات الجهات كافة التي تقوم بتحويل أموال من الخارج إلى مستفيدين داخل السودان. وأكد د. أزهري الطيب الناطق الرسمي للبنك المركزي أن البنك المركزي منع المصارف والصرافات من إلزام صاحب التحويل بصرف تحويله بالعملة المحلية إلاّ إذا كان صاحب التحويل يرغب في استلام تحويله بالعملة المحلية وليس العملة الأجنبية، وأكد أنه من حق العميل الحصول على التحويل بالعملة الأجنبية، مؤكداً استعداد وجاهزية بنك السودان المركزي على تلقي شكاوى الجمهور في هذا الخصوص. وقال أزهري في تصريحات صحفية أمس إن التحويلات الواردة يمكن استخدامها في المعاملات المصرفية كافة مثل إضافتها لحساب باسمه بالمصرف أو بمصرف آخر أو تحويلها لحساب مستفيدٍ آخر، حسبما يحدد الشخص المستفيد من التحويل أو استلامها نقداً بالعملات الحرة. وفي السياق، قال عدد من الخبراء الاقتصاديين إنّ هذه الخطوة ستسهم في زيادة الميزان التجاري وزيادة معدل نمو الناتج المحلى الإجمالي والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وقالوا ان اتجاه المركزي بإلزام المصارف بتسليم تحويلات المغتربين بالخارج نقداً سيشجعهم في الاتجاه للتحويل عبر الجهات الرسمية. ووصف د. عز الدين ابراهيم وزير الدولة بالمالية الأسبق أن هذه الخطوة يمكن ان تسهم في جذب مدخرات المغتربين عبر الجهاز المصرفي، كما ان المغترب يمكن أن يحفظ امواله عبر التحويلات وصرفه بنفسه عند وصوله البلاد في حالة الإجازات، وأضاف في حديثه ل (الرأي العام) ان هذه الخطوة يمكن ان توفر النقد الأجنبي في المصارف وفي السوق السوداء من خلال بيع العملات في السوق الموازي إن رغب المواطن في ذلك. وقال ابراهيم إن على الدولة أن تضع محفزات للمغتربين بزيادة التحويلات من خلال منحهم حوافز خاصة لأكثر المغتربين تحويلاً عبر القنوات الرسمية. وقال سمير أحمد قاسم رئيس غرفة المستوردين إنّ اي اتجاه لجذب النقد الأجنبي الى الداخل سيسهم وبشكل مباشر في توفير النقد الأجنبي للمستوردين سواء من الجهاز المصرفي او السوق الموازي، مشيراً الى أهمية تقديم التسهيلات لجذب مدخرات المغتربين الى الداخل، مبيناً انّ هذه الخطوة يمكن ان توفر النقد الاجنبي الامر الذي قد يؤدي الى نتائج إيجابية في اسعار السلع. من جانبه، يؤكد د. بابكر محمد توم الخبير الاقتصادي إسهام تحويلات المغتربين في رفد الخزينة العامة بإيرادات حقيقية من العملات الحرة، وأشار الى ان تحويلات المغتربين تشكل نسبةً كبيرةً في توفير العملة الحرة للبلاد بعد المعادن والبترول، مشيراً إلى أهمية التسهيلات للأجانب في تحويل مدخراتهم عبر القنوات الرسمية. وأضاف: كلما كانت التسهيلات من الدولة للمغتربين، فإنّ العائد سيكون أكبر من العملات الأجنبية، الأمر الذي سينعكس بشكل مباشر في ميزان المدفوعات.