اختار صلاح قوش فى لقاءاته بمواطنى دائرته عبارة (نقطة سطر جديد) للتعبير عن مرحلة جديدة فى مسيرته السياسية , لكن الانتقال المطلوب لا يعبر عنه سطر جديد بل صفحة جديدة , فقد تراءى للجنرال أن الانتقال حالة خاصة تخصه شخصياً بعد التجربة الدرامية التى عاشها , و لم يلحظ أن الانتقال المرجو سبق حالته الشخصية . التغيير لا يقصد به تغيير الأشخاص و الإتيان بوجوه شابة فى أجهزة الحكم كما يظن البعض مختزلين التحول الخطير المطلوب فى شكل خارجى . التغيير المطلوب يعنى إعادة النظر فى كل مسلماتنا ما دامت قد أنتجت مآل الفرقة و الإحتراب , و عل أهم ما ينبغى السعى إليه هو إعادة ثقة السودانى فى نفسه و إعادة إنتماء السودانى لوطنه . لقد أصبح السودان موضع تندر السودانيين و صار كل سودانى يخرج نفسه من السودانية و يتخلص من هذا الإهاب ثم ينعت بقية السودانيين بالكسل و التواكل و اللاوطنية و الحسد و كل ذميمة تخطر على البال .. حالة جلبها انطلاق كل القوى السياسية من موقف سالب تجاه الآخرين حتى ارتاح الجميع عند تشخيص كسول مفاده أن كل العهود الوطنية مساهمة فى التخلف الذى يعيشه السودان , بعد أن افترضوا أن السودان الآن بلا فضيلة و لا قيمة . لا نشترك فى الفخار برموزنا الوطنية و إنجازاتنا الكبيرة حتى وصل التبخيس لإنجاز الاستقلال ذاته , و طال التحقير حركة التحرر الوطنى التى توجت برفع علم الحرية , ليختصر كل هذا الرصيد المجيد فى عبارة أن أزهرى لم يكن يقرأ ! و حصر السيد عبد الرحمن فى جلباب الطائفى الذى يستغل السذج البسطاء و لا يرى أصحاب منهج التبخيس بناء المهدية الجديدة من حطام كررى .. و لا قيمة لطريق بورتسودان و لا كنانة و قاعة الصداقة ما دام الأمر كله محصوراً فى مايو اللعينة و نميرى البليد . و لا أثر لمشروع المناقل و نهضة نوفمبر الصناعية ما دامت إنجازات تحققت فى عهد الطغمة العسكرية . و لا أى إنجاز للإنقاذ التى سرقت السلطة بليل . لقد جرّب كل منا تبخيس جهود أى رمز ما دام لا ينتمى لحزبنا , فلنجرب تعظيم أى إنجاز و طنى مع حق الزعم بتقديم مردود أفضل .. السودان هو بلد أزهرى و السيد عبد الرحمن و القائد العام إبراهيم عبود أحد رموز العسكرية فى العالم الثالث و عبد الرحمن على طه أحد أساطين التربية و جكسا و محمدية و بشير النفيدى و داؤود مصطفى و محجوب محمد صالح و نبيل غالى و يوسف بدرى و محمد وردى و هاشم ضيف الله , و نعد من الرموز العشرات فى كل مجال , فهل أصبحت كل هذه الأسماء رموزاً رغم خلو الصحائف من أى إنجاز ؟ الإجابة بالمنهج الحالى الذى كاد يقتلنا هى (نعم) مقرونة بتساؤل استنكارى : و عملوا شنو يعنى ؟ أما إذا تعافينا من هذا الداء القاتل , فإننا سوف نقر بإنجازات مشهودة يعليها البعض إلى أعلى عليين , و يرى آخرون أنه كان فى الإمكان تحقيق ما هو أفضل .. و فى كل خير .