ضربت الأمطار الغزيرة والسيول ولاية نهرالنيل منذ الأربعاء الماضي والتي فاقت كل التوقعات وتجاوزت المعدلات لأكثر من خمسة وعشرين عاماً الماضية. وأودت هذه الأمطار بعدد كبير من الضحايا، وأدت لانهيار عشرات المنازل، فيما غمرت السيول العارمة طريق التحدي بشكل غير مسبوق وجرفت الطريق الرئيسي الذي يربط عطبرة وأبوحمد في عدة مواقع مما عمل على عزل محلية أبوحمد عزلاً تاماً، خاصة مع انقطاع خط السكة الحديد أيضاً، وأبوحمد الأكثر تضرراً عن بقية أجزاء الولاية في قطاعي الشريك وأبوحمد، حيث أصاب الدمار الكامل (17) قرية والأسواق والمتاجر والمؤسسات الصحية والتعليمية، وبدأت بوادر كارثة في الأفق بسبب النقص الحاد في المواد الغذائية والأدوية والوقود والكهرباء؛ خاصة في ظل وجود المنقبين عن الذهب الذين ظلوا يشكلون عبئاً جديداً على المواطنين. وأدت الأمطار لتلف محصول البلح الذي يعتمد عليه معظم سكان المحلية، وهم الآن يفترشون العراء ويلتحفون السماء، ويشتكون من الدولة الغائبة دون تحرك سريع لإنقاذ الموقف إتحادياً كان أو ولائياً سوى بعض المحاولات التي قام بها وزير الشؤون الإجتماعية الولائي برفقة رئيس اللجنة الإقتصادية بمجلس تشريعي الولاية؛ ليعودا من منتصف الطريق بعد أن تعذر عليهما الوصول إلى أبوحمد بسبب المياه المندفعة في أودية أبو سلم وأمور وأم غدي وأبو مريخ ووادي الحمار، وباءت محاولات وزير الدولة للطرق والجسور الإتحادي للهبوط بطائرة عمودية في المنطقة!! المتأثرون بقطاع الشريك صباح الكارثة التي داهمتهم الأربعاء الماضي أصابتهم الدهشة لزيارة وفد غرفة العمليات الولائية دون تقديم أيِّ نوع من الدعم او الإحتياجات العاجلة.. وتساءلوا من أجل ماذا الزيارة. الأنباء السيئة بنهر النيل، لم تتوقف منذ الأربعاء الماضي، فقد بلغ عدد المنازل المنهارة حوالي (250) منزلا، حيث فيما تم توفير (147) منزلا، وأوضح طارق فرح عيسى معتمد أبوحمد في تصريحات صحفية، أنه تم شحن كميات كبيرة من الخيم لإسعاف المدارس المتأثرة بجانب عدد من المشمعات والخيم والمواد الغذائية للأسر المتأثرة، وتم شحن الكمية المتبقية لأكثرمن (250)أسرة، وأبان أن إنقطاع خور أمور أدى لتأخيرها. وكشف المعتمد عن خطة جديدة للقرى النموذجية التي تأثرت جراء السيول والامطار يبدأ العمل فيها عقب عطلة عيد الفطر المبارك، وأبان أن هنالك حوالي (270) ألف فدان بمنطقة (الفدا) تؤدي الى تبخر الامطار مما ينعكس سلباً على المناخ مسبباً هطول أمطار. وقد قام الفريق الهادي عبدالله والي نهر النيل بتوفير مواد تموينية وخيام ما يعادل (150) ألف جنيه لمحلية ابوحمد مع توجيه الولاية لصندوق دعم المحليات لتوفير (1.5) مليار جنيه لتأهيل المدارس التي انهارت، إضافة لوجود دعم من شركات التعدين الاهلي ب (50) مليونا، بجانب وجود مساع لفتح طريق أبوحمد - عطبرة. وفيما توقع الناس أن تتضافر جهود الحكومة الاتحادية والولائية لتوفير طائرة تقوم باسقاط المواد التموينية والأدوية على المناطق المنكوبة، ظل الغياب قائما وإنسان أبو حمد صابر محتسب ويؤكد قدرته على تجاوز هذه المحنة والخروج منها ليبقى كعهده صامداً أمام المحن والابتلاءات. إن إنقطاع الطريق لا يعني نهاية الحلول.. وإن كان المواطن صابرا ومحتسبا فبالإمكان التحرك من الولاية ومسؤولية الحكومة الإتحادية ان تتم عمليات إسقاط مؤن غذائية واحتياجات عاجلة للمتأثرين و هو ليس بالأمر الصعب.. وليس السودان هو الخرطوم فقط. ومن جانب آخر فإن الوضع يحتم على الحكومة مسؤولية الآلاف من المنقبين الذين يجولون في الأودية والصحراء بأنحاء أبوحمد وبربر ويتعذر عليهم الوصول للمدن للتزود بالغذاء، الأمر الذي قد يفرز وضعا أمنيا حرجا. كل هذا، وقد تتفاقم الأوضاع الصحية والأمنية ويصعب إحتواؤها أو السيطرة عليها، وبالتالي فالجميع ينتظر من الحكومة الولائية التحرك السريع على المستويين المحلي والقومي ومؤشرات الإرصاد الجوية تدق ناقوس الخطر بأن المتوقع معدلات أكبر من الأمطار في أجزاء مختلفة من البلاد.