احتفل الجيش المصري ومعه الشعب المصري المنقسم إلى فريقين بالذكرى الأربعين لانتصار الجيش المصري على الكيان الصهيوني فيما عرف بحرب أكتوبر 1973م ،وكان ذلك الانتصار نقطة تحول فارقة في نفسية المواطن العربي الذي خرج ينكأ جراح هزيمة يونيو حزيران 1967 م حتى غسل أحزان النفس وأدران الإحساس بالانهزام والتراجع وسرت فيه عزة الانتصار وقوة العزيمة التي أعادت إلى الأمة الإحساس بذاتها والارتباط بتاريخها المليء بالانتصارات والتفوق ،لكن شتان ما بين أكتوبر يومئذٍ وأكتوبر الذكرى الأربعينية ،فالأولى كانت فيها مصر موحدة الشعب متحدة العرى ملتفة حول قيادتها حتى في أحلك الظروف التي أعقبت نكسة يونيو حزيران عندما هب الشعب مطالباً الرئيس عبد الناصر بالرجوع عن قراره بالتنحي عن السلطة ،أما مصر اليوم فتتناوشها سهام الفتنة ويتفرق شعبها بما يعمق الطائفية والمذهبية وينعكس أثر استقطابه السياسي بإسقاطاته الأيدلوجية بين التيارات الفكرية اليمينية والليبرالية المسنودة بالجيش فيتحول إلى عامل تفكيك مجتمعي يؤدي إلى شروخ يصعب تجاوزها بل ووقود لإلهاب التطرف في أقصى كل من اليمين واليسار مما يترجم الخلاف المذهبي في شكل عنف مادي ،تحتفل مصر بذكرى أكتوبر وشعبها منقسم حول دور الجيش في الحياة العامة ولا يلتف كل الشعب خلف قيادة واحدة للجيش أو يقر بحكومة واحدة توحد البلد ،وواحدة من أهم مقومات النصر هي وحدة الجبهة الداخلية والسند الجماهيري لأدوار القوات المسلحة ،تحتفل مصر وهي مختلة التوازن مع جارتها إسرائيل من حيث القدرات العسكرية وتوازن الرعب ،فإسرائيل تمتلك أكثر من تسعين رأساً نووية وصواريخ بالستية ،بينما مصر التي تعتبر خط المواجهة الأول للأمة في أية مواجهة مع إسرائيل لا تزال تفتقد حتى وجود مفاعلات لإنتاج الطاقة الكهربائية رغم سعيها لذلك منذ عقود،وتكتفي الآن بمفاعلين بحثيين فقط ،تمتلك إسرائيل ترسانة من الأسلحة الكيميائية والعديد من نقاط التفوق في أسلحة عديدة في القطاع البحري (الغواصات ومضادات الغواصات) ،كما أن الجيش المصري باعتماده على الولاياتالمتحدةالأمريكية كمصدر رئيس للتسليح النوعي أصبح متأخراً عن إسرائيل التي تزودها الولاياتالمتحدة بالطائرة F18 وتسمح لها بتطويرها بينما الجيش المصري لا يزال ينتظر تزويده بدفعة أخرى من طائرت F16 التي تم إرجاء تسليمها عقب تدخل الجيش في الانقلاب. حاشية: جاء الاحتفال المصري بتقويمه الميلادي متأخراً بشهر عن احتفال إسرائيل بذات المناسبة بتقويمها العبري تحت مسمى حرب الغفران التي تتماشى مع عيدها الديني (عيد الغفران) ،واستمتعت بتجاوز هزيمتها النفسية في سيناء في أكتوبر عندما كان الجيش المصري الذي يعتقد أن والدة قائده يهودية يشن حرباً على سيناء ويسد على غزة أنفاسها بهدم الأنفاق لدرجة جعلت عاموس جلعاد المدير السياسي والعسكري لوزارة الدفاع الإسرائيلية يصف وزير الدفاع المصري بأنه زعيم جديد سوف يتذكره التاريخ.