الهلال يرفض السقوط.. والنصر يخدش كبرياء البطل    قصة أغرب من الخيال لجزائرية أخفت حملها عن زوجها عند الطلاق!    الجيش ينفذ عمليات إنزال جوي للإمدادات العسكرية بالفاشر    كيف دشن الطوفان نظاماً عالمياً بديلاً؟    محمد الشناوي: علي معلول لم يعد تونسياً .. والأهلي لا يخشى جمهور الترجي    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    تستفيد منها 50 دولة.. أبرز 5 معلومات عن الفيزا الخليجية الموحدة وموعد تطبيقها    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    حادث مروري بمنطقة الشواك يؤدي الي انقلاب عربة قائد كتيبة البراء المصباح أبوزيد    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالفيديو.. تاجر خشب سوداني يرمي أموال "طائلة" من النقطة على الفنانة مرورة الدولية وهو "متربع" على "كرسي" جوار المسرح وساخرون: (دا الكلام الجاب لينا الحرب والضرب وبيوت تنخرب)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    برشلونة يسابق الزمن لحسم خليفة تشافي    البرازيل تستضيف مونديال السيدات 2027    السودان.."عثمان عطا" يكشف خطوات لقواته تّجاه 3 مواقع    ناقشا تأهيل الملاعب وبرامج التطوير والمساعدات الإنسانية ودعم المنتخبات…وفد السودان ببانكوك برئاسة جعفر يلتقي رئيس المؤسسة الدولية    عصار تكرم عصام الدحيش بمهرجان كبير عصر الغد    إسبانيا ترفض رسو سفينة تحمل أسلحة إلى إسرائيل    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حروب الأشباح .. السجل الخفي ل «سي. أي. أيه» الحلقة (21) ... اتفاقية الانسحاب من أفغانستان.. المجاهدون خارج الملعب..!!
من قتل ضياء الحق.. موسكو أم واشنطن .. الايرانيون أم الهنود..؟!!
نشر في الرأي العام يوم 12 - 12 - 2009

هل خلقت ال «سي. أي. إيه» حركة طالبان وتنظيم القاعدة، وهل عزفت الولايات المتحدة على وتر طالبان كورقة للترهيب أو التأديب. أسئلة يجيب عليها كتاب حروب الاشباح -السجل الخفي لل «سي.اي إيه».. لإفغانستان.. ولابن لادن.. لمؤلفه ستيف كول .. كتاب يتجلى فيه الدور غير الاعتيادي لل «سي.اي إيه» في قصص بيع الصواريخ وإعادة شرائها.. وقصص ضباط وكالة الاستخبارات الامريكية.. وصراعاتهم التي تفسر الحروب السرية التي سبقت «11/سبتمبر».. وتورط رؤساء.. ودبلوماسيين.. في فرع جديد يُسمى مكافحة الأرهاب .. كتاب حائز على جائزة بوليتزر المرموقة مرتين.. وهو من أكثر الكتب مبيعاً في العالم.. ---------------------------------------------------------------------------- بدأ قسم الشرق الأدنى التابع ل «سي. آي. إيه» الذي يترأسه مدير قوات العمليات الأفغانية فرانك أندرسون، بالادعاء ان أعمال الاستخبارات الامريكية في أفغانستان انتهت. ولا بد من ان تخرج الوكالة من البلاد عند انسحاب السوفيت. هدفت العملية السرية إلى تحدى قوة السوفيت وعدوانهم. أما تحويل هذا البرنامج إلى مشروع إعادة إعمار، فيعتبر خطأ فادحاً. ورأى ضباط قسم الشرق الأدنى التابع ل «سي. آي. أيه» انه ما من وسيلة لإنجاح مشروع مماثل. قال بيردان بعد أعوام: «هل ا كترثنا حقاٍ لمستقبل ننغرهار البعيد الأمد؟ ربما لا. وبحسب ما تبين، احذروا ماذا حصل؟ لم نكترث على الإطلاق. شعر أفراد قسم الشرق الأدنى التابع ل «سي. آي. أيه» بانزعاج متزايد من دبلوماسيي وزارة الخارجية الذين يتدخلون الآن في لحظة الانتصار، بعمل ال «سي. آي. أيه»، ويشككون باستمرار في افتراضات الوكالة، ممعنين النظر في الدعم الباكستاني لحكمتيار والإسلاميين، ومتبلدين حول مسألة التسويات السلمية. ارتفعت الشكاوى في لانغلي: أين كان هؤلاء السفلة المتزمتون عندما كان وجودهم مهماً، وعندما شقت ال «سي. آي. أيه» طريقها بصعوبة بعيداً وسط الشكوك في امكانية نجاحها؟ أية جدية ساذجة دفعت بدبلوماسيي الخارجية وحلفائهم في الكونغرس، إلى الاعتقاد أنهم يستطيعون فك رموز الحرب الأفغانية، وعقد بضعة مؤتمرات في أوروبا، والترحيب بالملك الأفغاني المنفي وهو عائد إلى قصره في كابول مع فرقة موسيقية تعزف على العشب؟ على الأفغان ان يكتشفوا المسائل بأنفسهم. لم يستطع الامريكيون المساعدة، وليس من مصلحة الولايات المتحدة ان تجرب ذلك. كان من الصعب تحديد إلى أي مدى أخذ قسم الشرق الأدنى التابع ل «سي. آي. أيه» هذا التفكير بعين الاعتبار، وإلى أي مدى تم اعتباره ثورة وجدانية ضد توقعات وزارة الخارجية والكونغرس. شعر قادة وكالة الاستخبارات الامريكية بأنهم سمعوا ما يكفي من الكلام الفارغ حول برنامج العمليات السرية الأكثر نجاحاً في تاريخ ال «سي. آي. أيه». فالسوفيت يقومون بالانسحاب. وهذا كاف. أما بالنسبة إلى السياسات الأفغانية، فقد شعرت ال «سي. آي. أيه» بالسرور عند سماحها للاستخبارات الباكستانية بتولي القيادة، حتى وإن عنى ذلك تعيين حليفها حكمتيار في كابول. ما المانع؟ فقد شعر ضباط قسم الشرق الأدنى، بأن هيمنة باكستان على أفغانستان، سواء تحققت من خلال عقيدة الإسلام السياسي، أم لا، لا تشكل أي تهديد للمصالح الامريكية. وفي حال ساورتهم شكوك حيال حكمتيار، وهذه حال معظمهم، لا يعلمون ما قد يفعلونه في هذه المرحلة للتصدي لخطط ال «آي. أس. آي» لذا، عملوا على مساعدتها لضمان نجاحها. سرعت ال «سي. آي. أيه» عملية شحن الأسلحة إلى باكستان، على أمل استباق أي موعد دبلوماسي نهائي قد يحد من عمليات التمويل. استلم رئيس الاستخبارات الباكستانية الجديد، حميد غول، منصبه مع خطط جديدة من أجل دفع الثوار في اتجاه عمليات عسكرية منهجية قد تمارس الضغط على المدن الأفغانية الأساسية. شعار غول بأن وظيفته تقضي ب «إخراج الروس. لست مهتماً بأي مسألة أخرى». لم يكن مقرباً من حكمتيار مثل بعض العقداء والعمداء، الذين أصبحوا موظفين ثابتين في مكتب ال «آي. أس. آي» المعني بالشؤون الأفغانية، وهو مكتب أكسب غول خبرة محدودة. وقد أصدرت وكالة الاستخبات الدفاعية كتاباً عن سيرة حياة رئيس ال «أي. أس. آي». الجديد، ركزت فيه على سلوكه الداعم للغرب، معتمدة ع لى الروابط العسكرية التي جمعتها بغول في إسلام آباد. تبين ان وصف شخصية غول خاطئ بالكامل. كان غول جنرالاً يتطلع إلى الأمام، ويتحدث بسرعة، ويستخدم بسهولة جميع العبارات الاصلاحية الامريكية، وكان قادراً على الترقي من رتبة إلى أخرى في وقت قصير. عمل بدءاً من العام 7891م بشكل وثيق مع الأركان أحمد باديب وضباط آخرين. ورأي زملاؤه الامريكيون في العام 8891م، أنه رجلهم المناسب. وقد قام غول بوصف نفسه لبيردان قائلاً إنه «إسلامي معتدل». أعلن غول أنه سيقدم الأموال والأسلحة إلى حكمتيار وإسلاميين، لأنهم مستعدون للقتال. خطط للعمل بناء على قاعدة عسكرية محترفة. لم ينو بالتأكيد مساعدة المفكرين والتكنوقراط وأنصار الملكية والسياسيين الأفغان المنفيين. لقد صمم على منع أولئك الأفغان من العودة «لأنهم يعيشون حياة بذخ «في الخارج» في عواصم العالم». حصد في قراره دعماً كاملاً من قبل رئىس مركز ال «سي. آي. أيه» اعتبر بيردان ان القادة الثوار الأفغان المتأثرين بالغرب، أمثال: صبغة الله مجددي، فاسدون وعديمو الجدوى. كما رأي ان «القوة الحقيقية الوحيدة» التي يتمتع بها حزب مجددي «هي قدرته على إقامة علاقات عامة للقائد الروحاني». حضر القائد الروحاني، سيد أحمد غيلاني، اللقاءات التي جرت مع بيردان، مرتدياً «بدلة من الحرير والكشمير»، ونادراً ما كان يشرد داخل أفغانستان»، ما أثار ازدراء بيردان ال «آي. أس. آي» شجع بيردان ال «آي. أس. آي» على تأمين الأسلحة العالية التقنية مثل الستينغر وصواريخ ميلان المضادة للدروع، وتوزيعها على القادة الباشتون الإسلاميين الذين يحاربون على طول الحدود الباكستانية- الأفغانية، وعلى الأخص في مقاطعات باكتيا وننغرهار. فقد رأي بيردان ان هذه هي المناطق حيث «ما زال السوفيت يشنون هجماتهم الأساسية». أراد الرئيس ضياء الحق ان يتم الاتفاق على حكومة أفغانية موقتة قبل خروج السوفيت، من أجل المساعدة على تأمين الاستقرار عند الحدود الباكستانية الغربية. وعندما تأكد ضياء الحق من ان الامريكيين غير مهتمين، قال علناً ان الجيش ورجال الاستخبارات الباكستانية سيعملون على إنشاء حكومة حليفة في كابول تحمي المصالح الباكستانية في تنافسها مع الهند، ومنع أي اضطرابات بسبب قومية الباشتون داخل الأراضي الباكستانية. شعر ضياء بأن هذا واجب باكستان، وحقها، وحدها: «اكتسبنا حق الحصول في «كابول» على سلطة متحالفة معنا. لقد خاطرنا كثيراً كدولة في الصفوف الأمامية، ولن نسمح بالعودة إلى الوضع الذي ساد قبل الحرب، والذي طبعته التأثيرات الهندية والسوفيتية والشكاوي الأفغانية على أرضنا. ستكون السلطة الجديدة إسلامية كجزء من النهضة الإسلامية، وسترون أنها ستمتد في يوم ما إلى المسلمين السوفيت. بدأت في ذلك الشتاء، شبكة الأيديولوجيين المحافظين المعارضين، اليسارية، في إدارة ريغان والكابيتول هيل، التي كانت ولا تزال ناشطة، بتحدي تحالف ال سي. آي. أيه» و«آي. أس. آي» في واشنطن، بدلاً من ان يقوم الليبراليون بذلك. خشى صانعو القرارات، الذين قام عدد كبير منهم برحلة في مرحلة ما إلى خيبر باس، وحدقوا من فوق الجسر لبضع ساعات برفقة القادة الجهاديين، ان يكون انسحاب ال «سي. آي. أيه» من أفغانستان بمثابة خيانة لقضية الثوار الأفغانية: لا تستطيع امريكا الاستسلام الآن. يجب ان يرتكز هدفها على «العزم الأفغاني» وحكومة ينتخبها «محاربو الحرية». وفي حال صمد النظام الشيوعي العدائي الدي فرضه نجيب الله في كابول، تكون حملة الجهاديين الشجاعة قد تعرضت للخيانة. تعارضت الآراء حول حكمتيار والإسلاميين في الدوائر الامريكية المحافظة، فقد أعجب به البعض كمعارض شجاع للشيوعية، بينما خشى آخرون معارضته للامركة. وسرى اعتقاد ان القوة المعارضة لمحللي ال «سي. آي. أيه» وصانعي القرارات، أصبحت ضرورية داخل الحكومة الامريكية. تحرك السيناتور غوردن هامبفري من بين آخرين في ربيع «8891م»، من أجل تعيين مبعوث امريكي خاص لدى أفغانستان: المطلوب شخص قادر علي العمل مع القادة الأفغان بعيداً عن نطاق ال «آي. أس. آي»، بحيث يقيم احتياجاتهم، ويقدم توصيات حول السياسة الامريكية. احتاجت امريكا إلى خبير: شخص يتحدث اللغة، ويعرف المنطقة، ويملك في الوقت نفسها إثباتات على أنه معارض متعصب للشيوعية. أوصت وزارة الخارجية بإدموند ماك وليامز. وتم تعيينه مبعوثاً امريكياً خاصاً لدى الثوار الأفغان، وأرسل إلى السفارة الامريكية في إسلام آباد في أواخر ربيع العام 8891م. أنجز ماك وليامز مهمته بنشاط. سيكتب باستقلالية تقاريره عن المراحل الأخيرة عن الجهاد الأفغاني، ويرسل برقيات إلى ال «سي. آي. أيه» ووزارة الخارجية والكونغرس، ويؤمن صوتاً جديداً ومستقلاً في الأوقات الحاسمة بشأن السجالات في السياسة الامريكية. استغرق رئيس ال «سي. آي. أيه»، ميلت بيردان، بضعة أسابيع فقط بعد وصول ماك وليامز إلى مجمع السفارة المبني من الحجارة الحمراء في إسلام آباد، كي يطلق عليه لقباً تحبباً. فبدأ يناديه «ذلك الشخص الصغير الشرير». صدقت اتفاقية جنيف التي وقعها دبلوماسيون رفيعو المستوى في «41 ابريل 8891م»، على الشروط الرسمية للانسحاب السوفيتي. كان اتفاقاً بين الحكومات، أي بين نظام أفغانستان الذي ترأسه الشيوعيون، وباكستان، والولايات المتحدة، والاتحاد السوفيتي. لم يشارك الثوار الأفغان في المفاوضات، واستنكر بعضهم الاتفاقية، واعتبروها مؤامرة ضد قضيتهم. في الواقع، أمنت الاتفاقية بقاء الثوار أقوياء عسكرياً في الأعوام المقبلة. وأمل غورباتشيف ان يؤدي استعداده للخروج من افغانستان، إلى اقناع الامريكيين بوضع حد للمساعدات التي يقدمونها إلى المقاتلين الأفغان. إلا ان رونالد ريغان قام شخصياً، بطريقة ارتجالية، بإبلاغ محاور تلفزيوني في بداية العام «8891م»، انه لا يرى من العدل استمرار السوفيت في تأمين الدعم العسكري والدعم الاقتصادي لنجيب الله، بينما أجبرت الولايات المتحدة على وقف تقديم المساعدة إلى الثوار الأفغان. كان المفاوضون الدبلوماسيون في حكومة ريغان مستعدين للموافقة على وضع حد للمساعدة التي تقدمها ال «سي. آي. أيه»، إلا أنهم الآن يناضلون لتغيير المسار. يفاوضون على صيغة جديدة، يطلقون عليها اسم «التماثل الايجابي»، تسمح ل «سي. آي. أيه» بتزويد المجاهدين بالأسلحة والأموال في حال استمرت موسكو بتقديم المساعدة إلى حلفائها في حكومة كابول. انسحبت القوات السوفيتية الأولى خارج جلال آباد بعد مضي شهر. خرج من العاصمة حوالي اثني عشر ألف رجل مع عتادهم. وأمضى بيردان وضباط الاستخبارات، بالإضافة إلى عمداء ال «آي. أس. آي» ساعات عديدة في ربيع العام «8891م»، يحاولون اقناع القادة الثوار بعدم ذبح السوفيت أثناء انسحابهم، كما فعلت المليشيا الأفغانية مع الجنود المستعمرين البريطانيين المنسحبين قبل قرن. وباستثناء حالات نادرة، سمح القادة الثوار في المجمل للسوفيت بالمرور، بسلام. ومع انسحاب القوات، تحدث اندري سخاروف إلى مجلس نواب الشعب «الدوما». سخاروف عالم فيزياء، وناشط في مجال حقوق الانسان، وقد أكدت حرية تعبيره بداية عصر جديد من الانفتاح في موسكو. قال لهم: «كانت الحرب في أفغانستان في حد ذاتها جريمة، مغامرة إجرامية». «أودت هذه الجريمة بحياة حوالي مليون أفغاني. إنها حرب دمار شنت ضد شعب بأكمله.. تثقل كاهلنا كخطيئة وعار رهيبين. علينا تطهير أنفسنا من هذا العار الذي يثقل كاهل قيادتنا». تلقى بيردان في بداية شهر اغسطس اتصالاً في مركز إسلام آباد من ضباط متحمسين في ال «آي. أس. آي»: أصيبت طائرة عسكرية سوفيتية متطورة، من طراز «أس. يو. 52» بنيران مضادة للطائرات قرب باروت بيك على الحدود الباكستانية. هبط الطيار السوفيتي بواسطة المظلة، بينما سقطت الطائرة برفق محدثة صريراً قوياً إلى ان توقفت من دون ان تصاب بأضرار جسيمة. سأل ضباط ال «آي. أس. آي»: «كم أنتم مستعدون لأن تدفعوا؟». استفسر بيردان ان كانت مقدمة الطائرة التي تضم الآلات وأجزاء المحرك في حالة جيدة، وإن
كانت أسلحتها غير تالفة. فتم التأكيد له انها في حالة جيدة، وبدأ التفاوض. في النهاية، باعت ال «آي. أس. آي» الطائرة إلى ال «سي. آي. أيه» مقابل ست شاحنات بيك آب تويوتا وقاذفات صواريخ «بي. أم. 21» تدبر بيردان أمر معاينتها، واستدعى فريقاً مشتركاً من ال «سي. آي. أيه» والقوات الجوية من واشنطن للمساعدة على تحميل الجائزة على متن طائرة شحن. وقد ألقى الثوار الجهاديون القبض على الطيار قال بيردان: «يا إلهي، اطلبوا منهم ألا يتخلصوا منه». فآخر ما كانوا يحتاجون إليه هو ضابط سوفيتي معذب أو مقتول في خضم عملية انسحاب القوات السوفيتية. عرض بيردان تقديم عدد من شاحنات البيك آب مقابل الطيار، فقبلت ال «آي. أس. آي». استجوبت الاستخبارات الباكستانية الطيار الأسير لمدة أربعة أو خمسة أيام. ولجأ بيردان إلى عرض ال «سي. آي. أيه» الاعتيادي المتعلق بالطيارين الأسرى: «آلعربات الامريكية النموذجية، والقوارب السريعة، وشاحنات البيك آب التي تحمل لوحات أريزونا». إلا أن ال «آي. أس. آي» نقلت ان الضابط السوفيتي رفض العرض بسبب خلل ما. اتصل بيردان بالسوفيت ورتب معهم مسألة التسليم. كان اسم الطيار أليكسندر روتسكوي، وقد عقاد بعد بضع سنين، ثورة عنيفة ضد الرئىس الروسي بوريس يلسين. ورنّ جرس هاتف بيردان مرة جديدة في منزله بعد مضي بضعة أىام على شراء ال أس. يو 52» كان ذلك في «71 اغسطس 8891م». قال ضابط السفارة إن بحوزة استخبارات السفارة تقريراً غير مكتمل يفيد ان طائرة الرئىس ضياء الحق قد سقطت قرب بوالبور، حيث كان الرئيس الباكستاني والجنرال أخطار وأرنولد رافيل «السفير الامريكي في باكستان» وضباط عسكريون باكستانيون وامريكيون آخرون، يشاهدون عرضاً لدبابة جديدة أراد الامريكيون تسويقها، وإيجاد زبائن لها. أرسل بيردان برقية «حاسمة» إلى لانغلي، كانت الأكثر إلحاحاً. في حال كان ضياء الحق قد مات، ستضطر الحكومة الامريكية إلى تجنيد جميع موظفيها بسرعة من أجل تقييم الأزمة. تأكد الخبر في اليوم التالي. وبعد انتهاء عرض الدبابة، دعا ضياء الحق أخطار ورافيل وجنرالاً امريكياً ومعظم كبار ضباطه القدماء، إلى حجرة الشخصيات المهمة داخل طائرة «سي 031»الامريكية الصنع، من أجل القيام برحلة العودة إلى إسلام آباد التي لا تستغرق وقتاً طويلاً. ارتطمت الطائرة في الأرض بعد دقائق من الإقلاع، بينما كانت محركاتها تدور بكامل قوتها. ترمدت الجثث ومعظم أجزاء الطائرة. أرسلت لانغلي برقية إلى بيردان تقترح فيها إرسال فريق القوات الجوية من باكستان للتحقيق في حادثة تحطم طائرة ضياء الحق. كان الفريق مؤهلاً لتفحص الحطام. أرسل بيردان برقية، وأجاب قائلاً: «اللجوء إلى التقنيين الزائرين أمر خاطئ. فعلى الرغم من النتائج الإيجابية التي قد يصلون إليها، سيطغى عليها واقع ان ال «سي. آي. أيه» أرسلت رجالاً لاختلاس الأنظار مكان تحطم طائرة ضياء الحق بعد يوم من سقوطها. ستتمحور الاسئلة حول سبب وجودنا في موقع التحطم، وحول الاشياء التي أضفناها أو أزلناها لنغطي صلتنا بالتحطم». ما من داع لتصعيد الشكوك والتساؤلات حيال موت ضياء الحق عن طريق تدخل ال «سي. آي. أيه» في التحقيق. يستطيع من الآن تخيل أذهان ال «آي. أس. آي» المهووسة بالتآمر. وهي تفكر: «لم لم يكن السيد بيردان على متن تلك الطائرة؟ كيف علم بأن عليه البقاء بعيداً؟. دعا باول إلى عقد اجتماع في قاعة الأزمات داخل البيت الأبيض في واشنطن. حضر توماس تويتن الاجتماع بصفته مدير قسم الشرق الأدنى التابع لمديرية العمليات في ال «سي. آي. أيه». وقام روبرت أوكلي، مدير مجلس الأمن القومي في المنطقة، بدعم باول. كما حضر ريتشارد أإميتاج من البنتاغون، ومايكل أرماكوست من وزارة الخارجية. خشى الباكستانيون ان يكون هذا اعتداءً مقصوداً، ربما الأول من مجموعة هجمات موجهة ضد بقاء البلد بحد ذاته. قررت مجموعة التنسيق بين الوكالات إرسال فريق من الضباط القدماء إلى إسلام آباد علي الفور «كي يدرك الباكستانيون أننا ندعمهم بقوة مهما يكن الخطر الذي يهددهم من أجل القيام بالبحث الاستخباراتي الأكبر بغية معرفة ما الذي حصل للطائرة، وما الذي قد يحصل في المستقبل»، كما وصف أوكلي الوضع. لم يكن الامريكيون أنفسهم متأكدين مما يحصل. هل قام الروس بذلك، كعمل انتقامي أخير أقدمت عليه ال «كي. جي. بي» ضد أفغانستان؟ هل قام الإىرانيون بذلك؟ أم الهنود؟ بدأوا إرسال برقيات تحذيرية إلى جميع أنحاء العالم، تقول وفقاً لصياغة أوكلي: «لا تعبثوا مع الباكستانيين، وإلا لاحقتكم الولايات المتحدة».

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.