تبدو آلية تسمية المدن في السودان مختلفة الي حد كبيرعن غيرها من الدول العربية الاخرى، او حتى الافريقية، ويمكن ملاحظة كيف ان عوامل في هذا السياق تعمل علي (لصق) اسم ما إلى جادة الطريق،في يوم ما ،حتى تجده وقد تحول بعد سنوات تقل او تزيد ربما الي حي او حتى مدينة معروفة ، ذلك بعد ان يتقاطر اليها الناس ويتوافدون،فيعرفها كل من يخبر عنها،مدن عديدة اسميت على اشخاص ،الحاج يوسف شمبات الكلاكلة جبرة وحلة حمد وحلة خوجلي حلة كوكو واحياء مثل الصافيةابوروف حي العمدةوابوسعد وابو ادم وابو كدوك وابو حمامة وابو نيران ومحطة خليفة بالثورة،كلها مدن واحياء،حملت اسماء اشخاص يعرفهم البعض ولايعرفهم كثيرون . (1) وعلى الرغم من دخول تسميات حديثة على خارطة المدن والاحياء السودانية وبخاصة العاصمة الخرطوم،ودخول اسماء لمدن من خارج الحدود مثل الرياض والطائف والدوحة والشارقة ويثرب وغزة والمعمورة والمنشية وغاردن سيتى والمهندسين والعباسية والمنيرة والنزهة والفيحاء. الزمالك وغاردن سيتى،بيد ان مطلقي الاسماء انفسهم غير معروفين بصورة كبيرة،ويمكن للباحث ان يلتقي بعديد من الاسماء التي استطاعت (انتزاع) اسمها من سجلات الدفاتر والاوراق،والصقته باقتدارعلى جدران وابنية، وحتيى سجلات المحليات،مع ملاحظة وجود تفاوتافي شهرة الاسم وعلوه بين هذه المدن والاحياء والمحطات. (2) ومدينة الكدرو نفسها حملت اسم واحد من الناس،الا ان محطة حجازي الشهيرة بهذه المدينة،عرفت علي نطاق واسع،حتي انها الاشهر في المدينة، وتتكون مدينة الكدرو من احياء (الازيرقاب والحليفي والدبيبة وودالعجيل)، بيد انها انصهرت كلها مؤسسة للمدينة،وبعد انشاء شارع المعونة،بدأ زحف السكان الى مدينة الكدرو في العام (1963) م،يندر في اوقات كثيرة ان تتعرف على اولئك الذين حملت المدن والاحياء والمحطات اسماءهم وهم علي قيد الحياة، فعلى سبيل المثال لن تجد في (محطة خليفة) بالثورة الا ابناءه، في حين بقي خليفة الذي رحل الي الدار الاخرى علي افواه (الكمسنجية) ،سوى ان جلسة مع مؤسس (محطة حجازي) حسن حجازي يوسف ،والذي حملت المحطة اسمه تبعث علي كثير من الارتياح، فهو حين يتحدث عن ذلك السبيل الذي قام (بزرع ازياره) على قارعة الطريق في العام (1963) كانت لذلك قصة تحول بعدها هذا المكان الى محطة شهيرة ،يقول حجازي عن ذلك اليوم،ذهبت الشارع فوجدت احد ابناء الحي وزوجته ويدعي كمال مصطفي ، حمل كمال ابنته المريضة علي يديه قاصدا الطبيب،ولشد ما آلمني ان رأيت الماء الصدئ الراكد في قاع برميل يستخدم في بناء احد المنازل تشربه هذه الفتاة المريضة، تساءلت في نفسي كيف يعقل هذا،لكني لم اكتف بالفرجة والتحسر،بل ذهبت من فوري وقمت بشراء ازيارلأقيم في المكان سبيلاً، قام السبيل وزاد عدد ازياره حتى بلغت الثلاثين ،وكانت تنكسر في كل يوم ،و بدا زحف العمران،ومع الايام اخذت هذه البقعة تعرف كمعلم في المنطقة وشيئا فشيئا اخذ الناس يطلقون اسمي عليها، فتقف المواصلات العامة كمحطة رئيسية تعرف اليوم بمحطة حجازي.