على عكس بقية المرشحين الولائيين حزبيين ومستقلين، سارع د. إبراهيم يوسف هباني المرشح المستقل لمنصب والي ولاية النيل الأبيض، إلى طرح برنامجه الإنتخابي قبل الجميع، في خطوة تعبر عن استعداد وتطلع كبير للفوز بالمنصب، وطرح هباني في مؤتمر صحفي الإثنين الماضي بمقر حملته الإنتخابية بالعمارات في الخرطوم البرنامج على لفيف من الصحفيين والحزبيين، بمن فيهم سلطان كيجاب المرشح السابق لرئاسة الجمهورية، والمهتمين لمناقشته وتنقيحه قبل طرحه بصورة موسعة على جماهير الولاية. ولكن المؤتمر الصحفي تشعبت سبله وتحول إلى نوع من النقد والحوار الساخن مع المرشح المستقل، الذي كان مؤتمراً وطنياً حاكماً قبل المفاصلة، ومؤتمراً شعبياً معارضاً قبل الترشح كمستقل للمنصب، وكان مدخل الحوار سيرة المرشح الذاتية التي اوضحت محطات مهمة في حياة هباني معظمها مرتبط بالحركة الإسلامية بما فيها فترته محافظاً لمحافظة الدويم وعضواً بالمجلس الوطني، ومؤسساً للمؤتمر الوطني بولاية النيل الأبيض ومقرراً بشورى الوطني قبل المفاصلة، ثم عضواً بالشعبي بعد المفاصلة، وكان السؤال لماذا يترشح د. هباني مستقلاً إذا كان ما زال ينتمي للشعبي؟ وما هي أهدافه؟ وكيف ينظر للحزبين اللذين خرج من جلبابهما؟ إجابة د. هباني على السؤال كانت تحمل روح الدعابة إلى جانب قدر من الغموض، فالرجل نفى تبعيته للشعبي سياسياً وتنظيمياً كأحد كوادر الحركة الإسلامية، لكنه قال إنه ينتمي إلى مدرسة الشيخ الترابي فكرياً وعاطفياً فقط، وإن فراقه للشعبي فراق معذور لعاذر، وأضاف: بلغة كرة القدم أنا معار من المؤتمر الشعبي لولاية النيل الأبيض فترة الولاية فقط في حال فوزه- حسب تعبيره-، وهو امر يجعله حراً في العودة إلى الشعبي بعد فترة الإعارة أو الإنتقال إلى ناد سياسي آخر أو البقاء حراً مستقلاً كما كان، لكنه دفع بإشارات ذات مغزى وهو يؤكد أنهم كمستقلين سيعملون على توحيد الحركة الإسلامية، وعبر عن أمله أن تكون قد توحدت حينها ولم يعد هناك مؤتمر وطني وآخر شعبي.. وعضد د. هباني إشاراته تلك بالكشف عن وقوف ودعم ترشحه من قبل قيادات قوية وفاعلة بالمؤتمر الوطني في الولاية، بل ومرشحين من قبل الحزب، وزاد: ورثنا كثيراً من القيادات التي كانت تعمل في الوطني، وتابع: في المؤتمر الوطني على المستوى الإتحادي لدينا علاقات أخوة وكلما وجدوني يقولون لي (نحن معكم)، وأضاف أنهم في الحركة الإسلامية ما زالت عواطفهم مع بعضهم. وأكد إنهم كمستقلين سيسعون إلى وحدة الإسلاميين، وفاجأ هباني الحاضرين بتأكيده أنه يجد تأييداً من الرئيس البشير نفسه، وقال إن ثقاة نقلوا له قول البشير إذا جاء هباني للولاية فمرحباً به أو ما معناه.. حملة د. إبراهيم يوسف هباني الإنتخابية، الذي ينحدر من عشيرة ذات ثقل في ولاية النيل الأبيض، وإن كانت تغلب عليها صبغة أنصار المهدي، بدأت بهجوم كاسح على الوضع الراهن من ناحية إقتصادية وإجتماعية، وبطرح شامل لكل المستويات التي تطرق لها، وإن كان قد رد إليه بعض الحضور السهام واتهموه بأنه كان جزءاً من هذا التدهور، إلا أن هباني برر بانهم قدموا المتاح وقتها، وقال: كنت مشاركاً في الإنقاذ، وعملنا ما في وسعنا حسب الإمكانيات، الإنقاذ بذلت جهداً بإدارة قوية منذ بداياتها حتى منتصف التسعينات، حتى خرجت من عنق الزجاجة رغم الحصار والحروب والمجاعات، وأضاف وضعنا بصماتنا بالمناطق التي عملنا فيها، وأكد انهم قادرون على الفعل لو وجدوا الإمكانيات الحالية بذات القوة والإرادة التي كانت موجودة. د. هباني، الذي شرح اوضاع ولايته كما يراها، وبعد التبريرات المتعددة لمواقفه، طرح شعاراً ذي جرس مؤثر ومردود معلوم لدى الجماهير وهو (كن مشاركاً في التغيير)، ودلف إلى أهم ملامح برنامجه المكون من خمسة فروض، مثل فروض الصلاة اليومية، وهي الحكم الرشيد ويوازي صلاة الفجر، وأكد انه يبدأ بإعطاء المسؤوليات لمستحقيها الأكفاء الأقوياء الأمناء، وعبر التمثيل المتوازن في المسؤوليات والواجبات، بجانب التوظيف الأمثل والعادل والمتوازن للموارد والأموال، ومحاربة الفساد والمراقبة والمتابعة والتنمية والخدمات المتوازنة والعادلة، وقال هباني إن الفرض الثاني هو توفير سبل العيش الكريم من خلال التنمية الزراعية والثروة الحيوانية والسمكية والإهتمام بالمراعي والحيوانات، وجاء الفرض الثالث متوائماً مع الشعارات التي ملأت أرجاء مقر الحملة، وهي الإحتياجات الأساسية للمواطن من مياه الشرب النقية والصحة والعلاج والتعليم ، وقطع بانه من حق المعلمين صرف مستحقاتهم قبل الدستوريين، والفرض الرابع لدى د. هباني هو الأمن والسلامة المتمثلة في أمن الطرق وتقوية الشرطة والتجهيز والتدريب، وخامس الفروض (صلاة العشاء كما أسماها هباني) هو التنمية الإجتماعية والثقافية والرياضية ، الى جانب الإهتمام بأبناء الولاية في العاصمة والمهجر، إلى جانب التأسيس لعلاقات عادلة وواضحة ومفيدة في جانب المشاريع القومية بالولاية، والمطالبة بالحقوق التي ليس وراءها مطالب، على حد تعبيره، ولو اضطر الأمر اللجوء للمحاكم والتحكيم. هباني الذي وجد الكثير من النقد والإستحسان على برامجه التي طرحها، يبقى حتى الآن أول الواصلين إلى الجماهير عبر برنامجه، وهو أمر قد يكون ذو جدوى في الوضع الحالي، لكنه سيواجه بمنافسة شرسة من مرشحين حزبيين، لكنه لم يبد كثير اهتمام بما ستؤول إليه الأمور، وأكد أنهم ارتضوا المشاركة في الإنتخابات وسيقبلون بنتائجها أيا كانت وكيفما تمت، وأضاف أنه سيعمل مع من يأتي للرئاسة وفق القانون والدستور ويخدم برنامجه، لكنه استطرد: وإذا تعاملوا بعكس ذلك فإنهم سيستخدمون أية وسيلة لرفض الظلم.