غيب الموت مؤخراً احد القيادات القبلية التاريخية في اليمن السعيد.. ألا وهو الراحل الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر شيخ شيوخ قبائل حاشد اليمنية الشهيرة. والشيخ عبد الله الأحمر.. رجل يمثل رأس الحكمة في اليمن.. وكما يردد اهل اليمن.. فان الحكمة يمانية والايمان يماني. وقد لعبت اسرة الشيخ عبد الله الأحمر، بدءاً بوالده مروراً بشقيقه الاكبر حميد.. الذي كان رهينة لدى الامامين يحيى حميد الدين وابنه أحمد نيابة عن اسرة الأحمر وتولى الشيخ الراحل عبد الله مسؤولية اسرته واشرف على الاعمال الزراعية الرعوية للاسرة وقد بذل جهوداً جبارة استغرقت سنوات لدى الامام في تعز لإطلاق سراح والده وشقيقه الاكبر.. ولكن الامام غدر بوالده وشقيقه حميد واعدمهما الواحد تلو الآخر، وتم اعتقال الشيخ عبدالله لاكثر من ثلاث سنوات حتى قيام ثورة 62 سبتمبر 2691م. وقاد الشيخ عبد الله الأحمر قبائل حاشد في معركة الدفاع عن الثورة والجمهورية دون هوادة ودون تأثر بالظروف السياسية المتقلبة في صنعاء حتى انتهت المعارك في مطلع العام 0791م. كان أهل اليمن يرون في الشيخ عبد الله بطلاً من ابطال الثورة والجمهورية الذي يقف مع قبائله سداً منيعاً في وجه محاولات العودة إلى عصر التخلف.. عصر الامامة. كان الشيخ عبد الله الأحمر رجلاً في امة.. كما يطلق عليه الشارع اليمني.. وسمعت هذه التسمية عندما زرت اليمن في العام 6991م ويقولون عنه ان قوته تتفوق وتتجاوز قوة الدولة في احيان كثيرة.. ويقول عنه الرئيس علي عبد الله صالح ان الشيخ عبدالله اكبر من كل الاحزاب ويصفه بأنه من ثوابت الحياة السياسية في اليمن رحل وهو يشغل منصب رئيس مجلس النواب اليمني.. وغيبه الموت في العاصمة السعودية الرياض حين قضى فترة فيها يعاني من المرض وهي نفس الرياض التي بقي فيها اربعين يوماً لحل المشاكل الحدودية بين اليمن والسعودية قبل اكثر من عشرين عاماً. والتقيته بصنعاء في العام 6991م.. في دعوة غداء حضرها الشيخ الراحل والشيخ الزنداني وعدد كبير من شيوخ ورموز اليمن.. وعلى رأسهم الشاعر الراحل البردوني. أول ما لفت نظري في المنزل.. انه قلعة كبيرة.. في فناء واسع للغاية واسوارها عالية للغاية.. وفي مدخل الصالون الضخم ذي الجلسة العربية.. يوجد مشجب للسلاح.. كل من يدخل يعلق سلاحه، ادهشني المنظر.. ولفتت نظري حقائب (هاندباك).. لم اعرف ما بداخلها.. كان الجميع يحترمون الرجل الكبير.. وهو يخرج كلماته بميزان الذهب. قال لي البردوني.. ان هذا الشيخ تمتد جذور اسرته الى قرون بعيدة.. حين كان ملوك بنو الأحمر هم آخر ملوك حكموا الاندلس.. لذلك عندما يزور اسبانيا.. تحتفل به الحكومة هناك.. وينزل ضيفاً في أحد القصور الذي كان في يوم من الايام ملكاً لاسرته الكبيرة والعريقة. أهل اليمن يفرشون فرشات بلاستيكية فوق السجاد العجمي الاصلي ليصفوا اطباق الطعام عليها.. ويتجمعون في شكل مجموعات.. ويكون اللحم غالباً في الطعام وبعد انتهاء الأكل.. يأتي الفواكه الشاي الاحمر الثقيل وكذلك الاخضر.. والقهوة العربية (بالهيل) أي الهبهان.. ويكون دائماً اكثر من البن نفسه. خرجنا.. وكل صاحب سلاح اخذه من المشجب..وكذلك تلك الحقائب وسألت احد الاخوة اليمنيين.. ووقتها كان عضواً بمجلس النواب عن سر هذه الحقائب.. قال لي انها حقائب تحمل فيها القنابل اليدوية الدفاعية منها والهجومية.. قلت مندهشاً.. وهل انتم في حالة حرب قال لا.. لكن دائماً اليمني في حالة استعداد للحرب.. سلاحه في يده وخنجره في خصره.. ويسمى الخنجر هناك (بالجنبية) يحملها المثقف والامي. فهو رمز للرجولة والشجاعة في اليمن. واليمن منجم ثر للتراث العربي الاصيل وللذكريات الجميلة.. وفي المرة القادمة نتحدت عن الدبابات التي تمشي في شوارع صنعاء مع السيارات.. وحجم الحراسة عندما تريد ان تزور احد القيادات الحزبية المهمة في اليمن.. وقصة قصف منزل الدكتور قاسم سلام بالصواريخ في محاولة فاشلة لاغتياله، وعن قصة الصحافي القومي فاروق.. ذلك الشاب اليمني العدني الذي قتل في معارك عدن.. ودوره المتميز في اتحاد الصحافيين العرب