(أنا واثق من أن العالم سيشهد نجاحا منقطع النظير ولا ينسى انه ولأول مرة تنظم دولة نامية فعاليات المعرض الدولي إنها فرصة للصين وللعالم) هذه الكلمات الوافية هي التي عبر بها الرئيس الصيني هاو جينتاو عن مشاعره وهو و بلاده يخطوان نحو خطوة وتحد كبير في إختبار القدرات لأداء عمل كوني عظيم ومشرف بحجم معرض شنغهاي الدولي الذي افتتح في الأول من مايو الحالي بأكبر المدن الصينية و الميناء العظيم مدىنة شنغهاي. عندما تمتحن الصين في القدرات والتنظيم فإنه يكون إختبارا معلوم النتيجة وهو الفوز بأداء متميز إلا أن الذي تم في هذا المعرض أكد على توافر رؤية أوسع وأشمل لقضايا العالم والمتغيرات الدولية والحضارية لدى الصين. والأهم بينت هذه السانحة على إنحيازالصين بصورة واضحة إلى العالم النامي من خلال التنظيم والأداء ومن خلال وضع الفكرة الأساسية والأهداف العامة لمعرض شنغهاي الدولي التي تستجيب للتطلعات والآمال التي تبديها هذه الدول في مرحلة دولية حساسة. ------ تنظيم دقيق منذ أن وقع الإختيار على الصين لتنظيم هذه الدورة في 03/11/4002م إنطلقت بخطى حثيثة لترتيب العمل، فكونت لجنة علىا أوضحت مدى الإهتمام بنجاح هذا العمل الكبير. فقد ترأس اللجنة نائب رئيس الوزراء الصيني وانق كيشان وسخرت لها كل الإمكانيات والقرارات و سمح لها أن ترفع تقاريرها مباشرة لمجلس الوزراء وللحكومة الصينية. إنتظمت مدىنة شنغهاي أعمال كبرى لتنظيم المعرض حيث وقع الإختيار على منطقة رائعة الجمال على ضفتي نهر(هوانقو) الذي يشق المدىنة وحددت منطقة المعرض التي تبلغ مساحتها الكلية (5,28) كيلومترا مربعا. وتم تنظيم برامج خاصة للمعرض تلبي حاجة الأعداد الكبيرة من المشاركين والعارضين والزوار إذ أنه يخطط لمعرض شنغهاي الدولي المسمي أكسبو شنغهاي أن يستمر منذ الأول من مايو هذا العام وإلى 31 اكتوبر القادم و تشارك فيه (189) دولة و(31) مقاطعة ومدىنة صينية و«05» موضوعا و(18) جناحاً الشركات عالمية، ينتظر أن يزور المعرض خلال هذه الفترة أكثر من سبعين مليون زائر اي ضعف سكان السودان. مدىنة شنغهاي إستعدت بإجراءات مكثفة على رأسها توفير حركة مرور سلسة في المدىنة ضمت تنقلات بالمترو و السيارات الصغيرة و الكبيرة بل و القوارب على النهر يزور المعرض يوميا حوالى ( 400) ألف (( أربعائة ألف )) زائر بدأت عمليات بيع التذاكر منذ 27/3/2009 وفرت لهم مقاطعة شنغهاي (500) ألف سرير في الفنادق وإبتكرت وسائل أخرى لتوفير السكن منها تحويل الأسر في المدىنة لبعض أجزاء المنزل إلى مساكن فندقية لتقدم فوائد مزدوجة في الإستفادة من هذه الفعاليات والأزمات فيها وأيضا تعريف الزوار بصورة مباشرة بنمط الحياة في الصين. وهذا بالطبع لا يحل مشكلة هذه الاعداد الكبيرة التي تصل المدىنة يوميا من الصين وخارجها إذ يقع المعرض في فترة الصيف حيث تنشط السياحة وتزيد العطلات لذا نشطت حكومة شنغهاي مع المقاطعات المجاورة لتوفير سكن في المناطق القريبة حيث يتوافر التنقل منها بصورة جيدة للمعرض. التذاكر والترتيبات الأمنية صديقنا في الوفد الصحفي من جيبوتي ذكر أن سكان بلدهم يبلغ أكثر من أربعمائة بقليل. إذاً على هذه المدينة وإدارة المعرض أن تستقبل يوميا ما يقارب سكان دولة لها مقعد في الأممالمتحدة والإتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية وجميعهم سيدخلون إلى المعرض في يوم واحد لهذا كان ترتيب تذاكر الدخول أمراً خارقاً يشبه المعجزات حددت لجنة المعرض قمسين من التذاكر يضمان تسعة أنواع تسمح بالدخول لأنماط مختلفة من الزوار منهم المشاركون والضيوف و الزوار ومنهم أيضاً التلاميذ وكبار السن وأصحاب الحاجات الخاصة. وتقسم أنواع التذاكر ايضاً بمواقيت المعرض وتختلف تذاكر ساعات الذروة عن الساعات الأخرى وساعات العمل وأيضاً ابان العطلات عنها وكذلك ساعات الصباح والمساء وتذاكر المجموعات والأفراد، هذه التذاكر لها مهمة أخرى إذ هي وسيلة ضبط لحركة الزوار في المعرض تحدد طرق التحرك و أيضا تؤمن الدخول فهي تحمل ذاكرة إلكترونية وهذه الذاكرة إكتشاف صيني كامل له سجل في حقوق الملكية الفكرية وهي تقرأ لتحدد المسموح لهم بالدخول وهي أيضا تحكم حركة السيارت فلكل سائق بطاقة ولكل سيارة بطاقة ولا بد من التعرف على بطاقة السائق والسيارة حتى تدخل ومن يقف بالسيارة في المكان الخطأ أو يرتكب مخالفة مرورية فإنها تسجل وإذا تكررت يمنع السائق والسيارة من الدخول. ورغم أن الإجراءات الأمنية كثيفة وكثيرة إلا أنها تتم دون إزعاج الزوار والتفتيش يتم في مكان بعيد ومن بعد يمر الناس عبر البوابات دون توقف وهي تسمح بتقديم الخدمات العاجلة وإضافة إلىها فإن نظام المعلومات والإرشادات متقدم ويستخدم تقنية عالية. للمعرض سلسلة من التدفق المعلوماتي تستخدم فيها قناة تلفازية وإذاعية والإشارات المرورية إضافة إلى المعلومات في شبكة الإنترنت. حفل إفتتاح مبهر سبعين دقيقة من الإبهار والإندهاش عشناها في مساء اليوم الأول من مايو في المسرح الكبير في شنغهاي. الدخول إلى الموقع تم بعد الإجراءات الأمنية إذ أن الحفل وإضافة إلى انه منقول إلى كل العالم فقد شهدته العديد من الشخصيات الدولية كان منها الرئيس الفرنسي ساركوزي و الرئيس الكيني مواي كباكي والرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس مفوضية الإتحاد الأوروبي وعدد من رؤساء دول جنوب شرق آسيا منهم رئيس كوريا الجنوبية. عندما دلفنا إلى موقع الإحتفال وجلسنا على مقاعدنا وجدنا على كل مقعد حقيبة صغيرة من الورق علىها بعض الإحتياجات طعام خفيف وقارورة ماء وأيضا بطارية صغيرة قطر دائرتها لا يزيد على (2) سنتمتر و طولها حوالى خمسة سنتمرات لم نعلم المراد إلا من مقدمي الحفل و هم أربعة من المقدمين شابين وشابتين لهم نطق مميز وصوت قوي يقدمان المعلومات بصورة شيقة ولغة فكهة ويقدمون فقرة من فكاهة وغناء وبعض الرقصات. أعلن مقدمو الإحتفال أننا نحن الضيوف سنكون جزءاً من الأداء وفقرتنا في إستقبال ضيوف الصين وضيوف الرئيس ها جنتاو علىنا أن نقف ونصفق بصورة مرتبة وجميلة ونقول كلمات ترحيب أما البطارية فإن علىنا أن نضيئها ونولح بها بصورة تعلمناها في دقائق وكان مشهداً غاية في الروعة. حفل الإفتتاح لوحة من الدهشة المستمرة تستخدم كل الإمكانيات في رسمها نشيد الترحيب في الصين ونشيد معرض الأكسبو وشعاره ومفاهيمه، رقصات من كل العالم فيها كل صور التعبير بالجسد والنغم والصوت واللون، ملابس متناسقة في أشكالها منسجمة في ألوانها منمقة في موسيقاها يشترك فيها أطياف من أهل الدنيا من كل القارات آسيا و أفريقيا وأمريكا الشمالية والجنوبية ومن أنحاء الصين فيها الأطفال وكبار السن النساء والرجال، الملابس تحكي قيم ومفاهيم المعرض وافكاره وكذا الأغنيات والكلمات، هنالك أداء اوبرالي وأداء لحني وغنائي من كبار النجوم من كل العالم من الصين واليابان وأمريكا. سبعين دقيقة والمسرح يموج بالبشر يهبطون من أعلى المسرح ويدخلون من جنباته ويخرجون من أرضه لا بل تخرج مؤدية أوبرا بالبيانو من تحت الارض. لا توقف، تتغير اللوحة والأداء والفرق والألوان التي تتساقط من علٍ وتهبط من أدنى لا تشويش لا صوت نشاز لا طفل يبكي لا مايكرفون ينز بصوت نشاز، ليس من خلل والتوقيت بالثانية تنتهي اللوحة في ميعادها تماماً ونخرج جميعاً إلى ساحة نعلم أن في حقيبة الهدايا شيئاً لا نعرفه أسكتنا الحياء وخوف الجهل علمنا أن ثمة غطاء من النيون علىنا أن نلبسه لماذا ؟ لقد تحولت السماء إلى حمم وألوان وتساقط الجمال من السماء من قربنا وبعيداً عنا لحظة من نهار وإبهار ضياء لحظة من ليل و أخرى كأنما تساقط علىنا الثلج والحمم إنها الألعاب النارية التي برع فيها اهل الصين من لدن أبهروا الدنيا في أولمبياد بكين. تناغمت السماء والأرض و المسرح والفضاء واستجابت للنداء دواخلنا فهفونا إلى جمال التقنية والفن و التكنولجيا وندت موسيقانا الداخلية في معانٍ إنسانية راقية ونحن نشهد لوحة ترمي إلى تبني مدىنة عصرية مواكبة آمنة من شرور البشر وما ينفثون في الأرض. وكأنما شنغهاي تنقي المدىنة والفضاء والأنفس و تزكيها بالمعاني وسمو الأداء و سلاسة الفكر البين و الإنتاج التقني المريح وتناسق الأشكال والصور المدهش، وبعد سنعود إلى هذا العالم الذي يريد أن يغير العالم ويبنى أفضل مدىنة حضرية لأفضل حياة على الأرض.