نواصل التعرف على الفن السينمائي كما تراه مجموعة من المخرجين والمؤلفين والنقاد السينمائيين. يقول الناقد الالماني جوزيف مورغن شتيرن: «إن القصص السينمائية تختلف. وليس هنالك من سبب يدعو لإفتراض ان للسينما مساراً لا تستطيع الخروج منه. مما سيقودها حتماً إلى حيث تكون أقرب إلى التجريدات المطلقة، ولنبتعد عن الإشارات المخصصة لواقع يمكن ادراكه. ان الفنان لا يمكن ان يتهم بإدارة ظهره للعالم وذلك لأنه يرى العالم بطرق يزداد تعقيدها. إن عين الذبابة المعقدة قد تكون أداة أكثر فائدة من عين السنجاب». «إن ثاني أكثر الفنون صلة بالمستقبل الذي يمكن التنبؤ به سيكون بالتأكيد هو السينما، يسبقها فقط فن صناعة الأسلحة الذي أراه أم الفنون». يقول انجمار برغمان المخرج السويدي: إن مهنتنا تبدو غريبة عندما يشق الواقع طريقه إليها ويمزق العابها الوهمية». يقول اندريه بازان: «إن جلد التاريخ يسلخ ويتحول إلى شريط سينمائي». يقول ستانلي كوفمان: «أعتقد ان السينما هي أكثر الفنون صلة بوقتنا الحاضر وفقاً لرغبة الجمهور.. ولكن هناك تناقضين: الأول هو التوقيت: إذ أصبح جمهورالأفلام أصعب إرضاء من ذى قبل لأن الدافع للخلق الفني والثقة به يبدو منحدراً. وربما ليس من قبيل المصادفة ان تقدم العلم الذي جعل من السينما شيئاً ممكناً، يرتبط بالمأزق في الروح والعقل الذي جعل من الخلق الفني في السينما والفنون كلها شيئاً أصعب. فالرب يعطي.. والرب يأخذ بنفسه. التناقض الثاني هو التكاليف، إذ أن هذه الصيغة الفنية المرغوب فيها عالمياً هي في الوقت نفسه أكثر ازعاجاً وكلفة. إن أسهل وسائل الإتصال في قوتها هي في نفس الوقت أصعبها في الاستخدام السهل.. فقد قال اوسون ويلز باشمئزاز ذات مرة: إن تلك هي دائماً الحقيقة المركزية حول صانعي الأفلام دون غيرهم من الفنانين. إن صانع الفيلم ليس بوسعه أبداً إمتلاك أدوات صناعته. إن أبسط معدات هي غالية الثمن بشكل لا يصدق وان ما يمكن عمله بها أقل مما يعتقد». يقول جان ميتري الناقد السينمائي الفرنسي: «بينما يمكن لأي طفل ان يقول عبارات مفهومة ويقص قصة مفهومة فإن الشاعر الذي يجعل اللغة تتجاوز السرد ويشرك أسمى قدراتنا. إنه يؤتى ذلك أولاً بالايقاع والصور البلاغية وارتباطات داخلية من كافة الأنواع ويخلق أعظم فناني الفيلم أيضاً تأثيرات شاعرية وهم يبنون عوالم فيلمهم من المادة الخام من الصور الفيلمية. وليس تاريخ الفن الفيلمي هو تاريخ الموضوع «الصور الجديدة» وليس حتى تاريخ القصص الفيلمية ولكنه تاريخ التقنيات الشاعرية التي تصل إلى ما وراء القصص التي تنبع منها». تقترح السينما أشكالاً عديدة في علاقتها بالفنون الأخرى وكذا فإن الفنون تدخل في علاقة جدلية فيما بينها، وسوف نتعرض فيما بعد لعلاقة السينما بالفنون الأخرى. هذه العلاقة المتوترة والمدهشة والمراوغة في نفس الآن.