منذ سنين عدداً لم يعد المواطنون يثقون «بجهود» ولاية الخرطوم لدرء مشاكل الخريف. وهذه الجهود ما هي إلاَّ مجرد اسطوانة نسمعها كل عام من مسئولي هذه الولاية. وآخر تلك «الجهود» كما ورد في صحف السبت قام بها موكب مهيب ضخم من كبار مسئولي الولاية وعلى رأسهم وزير بحاله - وزير التخطيط والتنمية العمرانية - وتشمل (الهيلمانة) عدداً من المسئولين بالوزارة والمحلية والقيادات السياسية بالوزارة وأعضاء المجلسين التشريعيين الاتحادي والولائي - وكمان ناس اللجان الشعبية التي يعتقد الكثير من المواطنين انها في حد ذاتها جزء من المشكلة. هذا الجيش الجرار من المسئولين تفقدوا مصارف الامطار في محلية الخرطوم. وبعد هذه الزيارات التفقدية يخرج علينا مسئولو الولاية بتصريحات فضفاضة إن لم تكن مضللة لتطمين المواطنين - مثل تلك التي أطلقها معتمد الخرطوم الذي «أكد أهمية العمل المشترك والتنسيق الكامل من أجل الوصول الى تقديم خدمات أفضل للمواطن». ووجه الادارات ذات الصلة لمواصلة الجهود والاسراع في ازالة لانقاض وتطهير المصارف. كل هذه التصريحات يعتبرها المواطنون مجرد كلام. والمثال على ذلك ما نشاهده في شوارع الخرطوم عموم.. شارع السيد عبدالرحمن وبالذات قبالة نادي العمال.. مجاري مسدودة تطفح مياهاً آسنة تزكم الأنوف.. مجاري مقفولة تنبعث منها روائح كريهة. ومثال آخر مصرف أبو القاسم هاشم الذي يمر بالشارع الذي يربط بري القديمة بامتداد ناصر فقد شاهد ساكنو هذا الشارع ذات صباح آليات ضخمة تحفر في المجاري.. واخيراً كما قال أحدهم «ناس البلدية جادين المرة دي وحيحلوا لينا مشكلة الخريف». ولكن خاب ظنهم فقد اختفت تلك الآليات بعد يوم واحد - ولها الآن أكثر من عشرة أيام - مخلفة وراءها أكواماً هائلة من الانقاض على جانبي المصرف. وكان ساكنو منطقة البراري يتوقعون وصول أنابيب لتغطية المجاري ولكنها حتى كتابة هذه السطور ما زالت مكشوفة بل مسدودة في بعض الجوانب. وكما قالت الحاجة الجارة «يعني المطرة لو جاتنا ووب علينا» ومثال آخر للفوضى البيئية في الخرطوم تشاهده أيها القارئ الكريم عندما تقودك قدماك الى استاد الخرطوم وموقف جاكسون الذي يعج بخلق الله.. فإنك يا سيدي سترى العجب. ولكنك ستجد العزاء في بيت الشاعر القديم الذي قال: «إذا رأيت عجباً فأصبر لها فقد يأتي الدهر بما هو أعجب».