أنا استضئ ما زلت باجتهادات باحثين نجلهم ونعرف افضالهم في شأن الثقافة والتراث الشعبي والفولكلور بوجه أشمل، هم الباحثون الأساتذة المغفور له الطيب محمد الطيب ومصطفى مبارك مصطفى ومحمد عمر بشارة فقد حاولوا جاهدين ان يجتهدوا لايجاد دليل يرسخ خطى الباحثين المبتدئين او حتى الذين ترسخت اقدامهم وهنا تتجلى لنا الاختلافات الكثيرة والاجتهادات «المتوالية» في محيط الباحثين في شأن التراث والفولكلور على امتداد القرن الماضي خاصة حول تعريف يمكن ان يكون جامعاً مانعاً حول كلمة فولكلور لكن ذلك لم يتحقق وللتذكير فإنني توقفت فيما مضى عند قاموس الفولكلور الامريكي الذي تضمن طائفة من التعريفات، ومن مثل هذا التعريف الذي يقول: «أ» الفولكلور هو جميع العقائد الشعبية القديمة والعادات والمأثورات التي استمرت متوافرة بين العناصر الأدنى ثقافة في المجتمعات المتحضرة حتى الوقت الحاضر. «ب» الفولكلور هو حفريات حية تأبى ان تموت.. ويزيدنا صاحب هذا الرأي شرحاً لوجهة نظره بقوله ان الفولكلور هو الرواسب العلمية والثقافية المتأخرة للتجربة الانسانية والتي تكونت على مدى العصور وذلك لان التغيير كان أكثر بطئاً واقل تعاقباً في الازمنة المبكرة، وعلى ذلك فان العادات المبكرة والعقائد قد استغرقت زمناً أطول لكي تتشكل وتتحصن بعمق في اللا شعور لدى الاجناس المختلفة- انه اي الفولكلور هو «الموروثات الثقافية» في شعب من الشعوب في المراحل المتأخرة للثقافة والعقائد - والقصص والعادات والطقوس وغير ذلك من أساليب التلاؤم مع العالم وما وراء الطبيعة والتي كانت تستخدم لدى بعض الشعوب في المراحل السابقة. اجتهاد آخر يقول- الفولكلور هو الجانب المأثور من الثقافة الشعبية.. وهناك من رأي ان الفولكلور يتضمن الابداع التقليدي للشعوب بدائيين ومتحضرين.. ويجئ آخر «تايلور» ليقول إن الفولكلور يتألف من المواد التي انتقلت تراثياً من جيل الى جيل ومن غير نسبة موثقة الى مبتدع او مؤلف.. وتقود هذه الطائفة من التعريفات الى نمط آخر هو القائل بأن: الفولكلور هو الاصطلاح الجامع لطائفة من الظواهر المأثورة يؤلف بينها انها تعبر عن دور «التراث» أكثر من غيرها من الظواهر الثقافية او الاجتماعية. * يتميز هذا التعريف بأنه شائع جداً كما انه يعني ايضاً من الوجهة العلمية انه قد قرر ما هي جوانب الثقافة التي ينبغي ان تعالج كفولكلور. وفي قاموس الفولكلور نجد تعريفات من هذا النوع حيث يقول عالم: ان الفولكلور هو ذلك الجانب من ثقافة الشعب الذي حفظ شعورياً او لا شعورياً في العقائد والممارسات والعادات والتقاليد المرعية الجارية في الاساطير وقصص الخوارق والحكايات الشعبية والتي نالت قبولاً عاماً. وكذلك في الفنون والحرف التي تعبر عن مزاج الجماعة وعبقريتها أكثر مما تعبر عن الفرد.. ويقتطف لنا الباحثون شيئاً من تعريف العالم «ليتش» في اجماله للفلولكلور وهو تعريف كما نرى جاذباً غير متكرر وهو: «انه المعرفة المذخورة للناس الانقياء البسطاء المتجانسين المرتبطين معاً ليس فقط بالأواصر الطبيعية المشتركة ولكن ايضاً بالأواصر العاطفية او التي تكون تعبيراتهم جميعاً وتهبها الوحدة والتميز الفردي. هنالك تعريفات تشترط الشفافية مثلما نجد عن ذلك العالم الذي يرى ان الفولكلور قد حصر نفسه في دراسة المأثورات الشعبية التي لم تدون وكما تبدو في الابتداع الشعبي وفي العادات والعقائد والسحر والطقوس. وايضاً عند عالم آخر الذي يقول بأن الفولكلور هو العلم الذي يتعلق بذلك الجانب من الحضارة الذي يشمل الاساطير وقصص الخوارق والحكايات الشعبية والرقص والمعتقدات الشائعة، ويراد على ذلك ان الجانب الاعظم من هذه المأثورات قد انتقل بطريق المشافهة.