اتسمت العلاقات السودانية التشادية بالعمق التاريخي المتجذر لتوطيد العلاقات والروبط الاجتماعية المتداخلة في المناطق الحدودية مما جعل العلاقة بين البلدين ذات بعد مختلف عصي على كافة التقلبات التي تحدث بين الطرفين، حيث ظلت العلاقات التجارية وحركة التنقل والتعاون على الشريط الحدودي الرابط بين البلدين مستمرا حتى في أوج الأزمات التي تحدث بين قيادتي البلدين، ولكن في السنوات الأخيرة شهدت العلاقات السودانية التشادية تحولات عديدة متلاحقة ادت الى وصول البلدين الى قطيعة خاصة بعد اندلاع الحرب في دارفور في العام 2003 مما ادى الى تدهور في العلاقات وتراجع الثقة بين البلدين وتبادل الاتهامات بدعم كل طرف لمعارضة الطرف الآخر مما فتح الباب واسعاً امام الاستقطابات الحادة التي كادت تعصف بالمنطقة بكاملها، لكن الأشهر القليلة الماضية شهدت تحولات متسارعة في العلاقات نحوتجاوزالقطيعة بين البلدين والعمل على بناء علاقات جادة تتسم بالاحترام المتبادل والتعاون المشترك. ففي مطلع مايوالماضي وقع الجانبان السوداني والتشادي اتفاق مصالحة لتجاوز الخلافات العالقة بين البلدين وايقاف دعم المجموعات المعارضة بين الطرفين وتعهد الطرفان بالعمل على تسريع تطبيق بنود الاتفاق وتعزيز التعاون لخدمة المصالح المشتركة،اعقبها قرار تشاد بطرد خليل ابراهيم زعيم حركة العدل والمساواة، وسحب جواز سفره في حادثة أكدت حرص وجدية القيادة التشادية في تطبيق الاتفاق والعمل على تعزيز الثقة المتبادلة. وفي تطور جديد أضفت زيارة الرئيس عمر البشير الأخيرة لتشاد للمشاركة في قمة دول الساحل والصحراء بعدا جديداً، وتأكيد رغبة قيادة البلدين لطى صفحة الماضي، حيث قال البشير في تصريحات صحفية بمطارانجمينا ان زيارته جاءت لطي صفحة الخلافات، مشيرا الى تصميم قيادتي البلدين على دخول مرحلة جديدة لخدمة مصلحة البلدين. من جانبه أكد الرئيس التشادي أدريس ديبي لدى استقباله البشير بمطارانجمينا حرص البلدين على استدامة الأمن والاستقرارمؤكداً متانة العلاقات بين البلدين، وأكد ديبي عزم الطرفين على عدم عودة القطيعة والتوترات بين البلدين. وتفيد متابعات (الرأي العام) بحدوث تحسن في حركة التبادل التجاري على الشريط الحدودي بين البلدين خاصة بعد تدشين الطريق البري بين الطينة السودانية والتشادية، فيما أكد العديد من التجار بولاية غرب دارفورزيادة حجم التبادل التجاري بين الجنينة وولاية أدري التشادية بجانب تزايد حركة الشاحنات المحملة بالبضائع في المناطق الحدودية بين مدن ام دخن وخور برنقا ومدن الشريط الحدودي. ويرى المراقبون ان العلاقات السودانية التشادية شهدت تطورات كبيرة في الأشهر الأخيرة لتوافر الارادة لدى قيادتي البلدين والعمل على تجاوزكافة العقبات وتجفيف بؤر التوتر التي ظلت تمثل عاملاً في تعكر صفو العلاقة بين الطرفين لا سيما في مجال دعم الحركات المسلحة بين الطرفين الذي ظل واحداً من أهم العوامل المؤججة للخلافات بين البلدين ومن ثم وقوع القطيعة وارتفاع نبرة الاتهامات. ويرى الأستاذ أحمد مالك - مديرالتخطيط بوزارة التعاون الدولي - ان العلاقات السودانية التشادية تتجه الى خلق شراكة ذكية لما للدولتين من امكانيات في مجال التعاون المشترك في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية، وقال مالك في حديثه ل(الرأي العام) ان العلاقات بين البلدين تسير بوتيرة سريعة نحوالتعاون في انفاذ الاتفاقيات والبروتكولات الموقعة في الفترات الاخيرة في المجال الأمني بقيام القوات المشتركة بصورة غير مسبوقة تؤكد رغبة الطرفين في طي فترة الخصام اضافة الى التقدم الملحوظ في مجال التبادل التجاري الذي ظل متواصلا لتعمق الصلات والعلاقات بين الشعبين. وأشار مالك الى ان التنسيق بين البلدين يجري على أعلى مستوى بين البلدين مشيرا الى لقاء البشير وديبي في قمة دول الساحل والصحراء، وقال ان مستوى التعاون والارادة يظهرمن خلال وقفة ودفاع تشاد والاتحاد الأفريقي عن البشير.