تنتشر دمى على أشكال دببة في ألبانيا، تعلق على الجدران، أو توضع على واجهات المنازل، الثرية منها كما المتواضعة، لا لشيء سوى لرد شر “عين الحسود”. ويقول عزت سينا، وهو مزارع في الحادية والخمسين من عمره، إن هذا الدب “يقي المنزل الحسد، ويطرد الشر عن البيت والعائلة”. ويرى هذا الرجل، المقيم في كوتش شمال غرب العاصمة تيرانا، أن كل ما أصابه من ضرر، سواء وفاة زوجته أو الخلافات على الملكية، أو غرق أرضه جراء السيول، كل ذلك بسبب “عين” أقربائه وجيرانه. وبرأيه فإن الأمر هذا مرده إلى الحسد، الذي أثاره هذا البيت في قلوبهم. لذلك يلجأ عزت إلى هذا الدب، الذي يحميه برأيه مما قد يلم به من مصائب جديدة. ولا يقتصر الأمر على الدب لدفع الشر ورد الحسد، بل ينتشر في ألبانيا للغاية عينها استخدام التمائم أو حدوات الحصان. إذ يشهد المجتمع الألباني انتشاراً للخرافات والمعتقدات الغيبية منذ ما يقارب الأعوام العشرين. ومنها أمور طارئة، مثل الاعتقاد بقدرة الدب على رد الشر، ومنها ما هو قديم، مثل استخدام التمائم وحدوة الحصان، رغم نصف قرن من الحكم الشيوعي الاستبدادي (1945-1992) الذي أشهر حرباً لا هوادة فيها على كل هذه المعتقدات الغيبية وعلى الدين على حد سواء. فقد حاول أنور خوجة، الذي عزل الألبان عن العالم على مدى عقود، أن يجعل من هذا البلد ذي الغالبية المسلمة أول بلد ملحد في العالم. وترى المتخصصة في الأنثروبولوجيا أفرديتا أونوزي أن “قرون الخراف، والثوم، والأعلام الحمراء، كلها أشياء يتخذها الألبانيون للوقاية من شر العين”. وتضيف أونوزي أن الألبانيين باتوا “موزعين بين الدين والخرافات والإيمان والإنكار.