-1- كل الاشارات والتقارير والتصريحات لمنتسبي الحركة الشعبية من كبار قادتها تفيد ان انفصال الجنوب عن الشمال واقع لا محالة ... وبعض التقديرات تؤكد أن بعض قادة الحركة الشعبية قد ملوا انتظار يوم الاستفتاء في التاسع من يناير 2011م .... مع ان حكومة الوحدة الوطنية من رئيسها الى أصغر مسؤول ما فتئوا يتحدثون عن الوحدة ويعملون لأجلها .... رغم انتقادات الصحف للاداء الاعلامي الحكومي في دفعه وترويجه للوحدة !!! هذا يبرز حالة التفاوت المذهل بين طرفي الحكومة، حيث إن الاول يحكم الشمال كله تماما بينما الثاني يحكم الجنوب كله تماما والاول يبدي رغبة غامرة في الحفاظ على السودان موحداً ليحقق به أغراض النهضة، بينما الثاني غلبه الاحساس باقتناص الفرصة لتحقيق الاستقلال في ظل أوضاع إقليمية ودولية مواتية لتعميق هذا الاحساس وزعامات موجودة تبدو عليها أعراض المراهقة الأولى في اثبات الذات والتحدي الارعن و العناد الذي تدعمه هرمونات ثائرة وطائشة . وحتى لا نكيل اللوم على الحركة الشعبية نتوقف عند الحزب الحاكم الذي يناجيه ياسر عرمان بأن يقدم حوافز شهية لاجل الوحدة مثل اصلاحات هيكلية ودستورية ... هذه النقطة الأكثر أهمية قد قتلت بحثاً في اتفاقية نيفاشا 2005م التي من المفترض ان تكون قد عالجت قضايا السلطة والثروة مما يجعل قطار الوحدة قادراً على الحركة، وفي هذا الصدد قد حققت نيفاشا اختراقاً كبيراً، ونجاحاً ملموساً على صعد عديدة ... إلا أن القضية عند بعض المتنفذين في الحركة الشعبية الذين يحكمون الجنوب بالمطلق ... والذين يمتلكون قرار الاستفتاء _ أيضا _ حيث إنهم يمثلون النخبة الحاكمة في الجنوب والمواطن الجنوبي البسيط المغلوب على أمره لا يملك شيئا ... يتوقعون ان ( المؤتمر الوطني ) يمتلك أوراقاً متبقية يقدم بها حافزاً جديداًِ وشهياً لأجل الوحدة _ كما يزعمون ؟!!. - 2 - من الواضح أن الحكومة قد اتخذت موقفاً واضحاً وقاطعاً من مسألة الوحدة التي تدعمها بقوة وبكل آليات الدولة ، لكن في ذات الوقت إن التيار الانفصالي في الحركة يتمدد في أرض خصبة في الجنوب خالية من أي صوت آخر ... حدثني صديق جنوبي أن أي فرد في جوبا يدعو للوحدة يتعرض لمخاطر عديدة !! زد على أن بعض المتنفذين داخل الحركة الشعبية قد استنصروا بدول معادية للتيار الوحدوي ونافذة في النظام الدولي مما يجعل العمل لإنجاز الوحدة عملا تشوبه الكثير من الصعوبات في الوقت الذي تقف فيه الدول العربية موقفاً محياداً في أغلب الأحيان ... مع استنزاف قضية دارفور لقدرة الحكومة في التركيز على قضية الوحدة و اجتراح أفكار ومواقف عاجلة لإنقاذ السودان من خطر التجزئة والتقسيم ... ناهيك لشلل الأحزاب السياسية عن القيام بأي دور مؤثر ونسيان مراراتها مع الإنقاذ ... فالرؤية عند الأحزاب السياسية ضبابية لم تستطع أن تتعدى المكايدات وأن تجاوزنا قليلا الاهتمام بقضايا صغيرة . من الواضح أن قضية الوحدة والانفصال قد تجاوزت كل الخطوط الحمراء ... حيث تبدو فيه قيادات أساسية في الحركة الشعبية تدعو بإلحاح لفصل جنوب السودان ... في الوقت الذي تتضاءل فيه فرص الوحدة مع طغيان الصوت الانفصالي ... وطفولية البرامج الموجهة لوحدة السودان !!! . - 3 - مع أن حزب ( المؤتمر الوطني ) آخر الأحزاب المنضمين إلى الأحزاب السودانية التي أقرت حق تقرير جنوب السودان إلاَّ أن هذه الحقيقة تحاول جهات عديدة طمسها ... فقط لأن الإرادة السياسية التي عقدت بنيفاشا قد أرادت أن تضع حلاً ناجعاً ومستداماً لمسائل عديدة معروفة _ تماماً _ للمراقبين . _ حقيقة _ إن الحركة الإسلامية تستشعر ثقلاً متزايداً لفكرة انفصال جنوب السودان في عهدها ... وهي التي تنادت في عام 1978 لوحدة السودان وعملت في جنوب السودان عملاً دعوياً راكزاً ... وفكرياً متميزاً أنتج وثيقة ميثاق السودان عام 1987 الذي به أحرزت تقدماً ملموساً في مسألة المواطنة ... وبعد إنجازها في إيقاف أطول حرب أهلية في إفريقيا وإنجاز الاتفاقية بنسب عالية الحظوظ تفضي المسألة برمتها إلى فصل الجنوب ... هذا ما لا تستطيعه الحركة الإسلامية التي جربت كثيرا سيناريوهات الوحدة حرباً وسلماً... إلا أن التجربة الإسلامية لا تعرف يأساً رغم كل الدلالات التي تفيد بانفصال الجنوب ... تعمل القيادة السياسية على الوحدة الجاذبة على صعد كثيرة تحتاج في ذلك على قدح زناد الفكر مع جرعات هائلة من الجرأة الثورية التي تحدث اختراقاً يربك الكثير من السيناريوهات المعدة سلفاً... فهل تستطيع القيادة إحداث هذه الصدمة المفاجئة للإنفصاليين والإنهزاميين وبشكل منطقي يتسق مع التعهدات السياسية والأخلاقية ؟!!! .