شَهدت معظم السلع، ارتفاعاً مفاجئاً في الأسعار بعد أقل من (24) ساعة من إنفاذ هيئة الجمارك لقرارات زيادة ضريبة التنمية ورفع هامش الاعتماد وزيادة الرسوم الجمركية، لتسجل أسعار الملبوسات الجاهزة زيادة تفوق (30%)، بينما تَأرجحت أسعار الأسمنت والسيراميك، حيث تراوحت أسعار طن الأسمنت المستورد ما بين (500 - 540) جنيهاً وسط توقعات بزيادة (40) جنيهاً على الطن، بجانب ارتفاع أسعار الدقيق الذي ينذر بزيادة محتملة في أسعار الخبز. وكشفت جولة «الرأي العام» بالأسواق أمس عن زيادة مَلحوظة في أسعار السلع خاصة المستوردة، بينما استنكر التجار القرارات الأخيرة التي اتخذتها إدارة الجمارك لانعكاسها المباشر على أسعار السلع زيادة مَلحوظة. وأكد حامد علي التاجر بسوق أم درمان، زيادة أسعار الملبوسات الجاهزة بنسبة (30%) وانتقد القرارات الأخيرة، داعياً لضرورة إعادة النظر فيها وتحديد ماهية السلع الضرورية والكمالية، وأضاف حامد في حديثه ل «الرأي العام» أن الزيادة في الجمارك وضريبة التنمية ستنعكس على المواطن بصورة مباشرة في معاشه، وقال: هناك عدم وضوح بشأن الإستيراد في الوقت الذي تنادي فيه الدولة بتسهيل الإجراءات. وفي السياق قال عبد المنعم إبراهيم التاجر بسوق السجانة لمواد البناء، إن هناك حالة من الهدوء والترقب سادت السوق طوال يوم «أمس» بعد إنفاذ إدارة الجمارك لقرار زيادة الرسوم الجمركية على واردات الأسمنت، مؤكداً أنه بالرغم من توافر الأسمنت المحلي، إلا أن المستورد يمثل كمية مقدرة لا يستهان بها ويعمل على توازن السوق والأسعار. من جهته أكد حاج الطيب الطاهر الأمين العام للغرفة التجارية ولاية الخرطوم انعكاس قرار زيادة الجمارك على أسعار السلع بالسوق مما يؤدي لغلاء المعيشة ويؤثر بصورة مباشرة على المواطن العادي. وقال حاج الطيب ل «الرأي العام»، إنّ القرار يشتمل على شقين هما حماية الصناعة المحلية وتحجيم الاستيراد وإغراق الأسواق. وأضاف: الجانب الآخر يتعلق بتأثيره على حركة التجارة والاستيراد بسبب الزيادات التي ستعم معظم السلع المستوردة، وأشار حاج الطيب إلى وجود غموض في القرار، وقال إنه يحتاج إلى إعادة نظر في تحديد أنواع السلع بين الضرورية والكمالية عبر المناقشة مع الأطراف كافة من وزارة المالية وإدارة الجمارك والتجار للوصول إلى قائمة تحدد السلع والحاجة التي تقع فيها، وقال إنّ القرار حدّد سلعتين على أساس أنهما استراتيجيتان، بينما هناك عشرات السلع الأساسية غير السكر والدقيق من الذرة والعدس والملبوسات والاحتياجات الأخرى، مُشيراً الى أنه ما لم يتم تحديد، فإنّ الأمر سيحدث ربكة في الأسواق، وانتقد حاج الطيب الطاهر زيادة ضريبة التنمية إلى «10%»، مُشيراً إلى أنّها ستنعكس على أسعارالسلع كافة وتؤدي الى غلاء المعيشة. وفي السياق أعلن اتحاد المخابز عن تكوين غرفة لمحاصرة ارتفاع أسعار الدقيق بالتنسيق مع مطاحن الغلال، في وقت أكد فيه عدم قدرته على إلزام المطاحن بوقف الزيادات في الأسعار. وتوقع عادل ميرغني نائب الأمين العام لاتحاد المخابز ارتفاع الأسعار في أي وقت، وقال ل «الرأي العام» أمس: نتوقع زيادة في أيّة لحظة في سعر الخبز وأوزنه. وأكد أنّ مطاحن «ويتا» للغلال أقرّت زيادة في أسعار الدقيق على غرار ما قامت به مطاحن «سيقا»، وعزا ميرغني، ارتفاع أسعار الدقيق بحسب مطاحن الغلال إلى ارتفاع أسعار القمح عالمياً، بجانب ارتفاع أسعار الدولار، وكان سعر جوال الدقيق الفاخر وصل أمس الأول ل (95) جنيهاً بدلاً عن (85) جنيهاً، فيما بلغ سعر الجوال العادي (89) جنيهاً مقارنةً ب (72) جنيهاً. وفي السياق أكد خبراء اقتصاديون أنّ الفترة الأخيرة شهدت ازدياد حالة من عمليات الاستيراد لمختلف السلع بلا ضابط. وقال الباحث الاقتصادي د. عادل عبد العزيز إن الفترة الأخيرة شهدت نمواً في عمليات الاستيراد بصورة كبيرة في سلع غير ضرورية، موضحاً بأن حجم استيراد السكر ارتفع من (500) ألف دولار في الربع الأول من العام 2009م إلى (30) مليون دولار من نفس الفترة من هذا العام، وفي الربع الأول من 2010م ارتفع حجم استيراد العطور ومستحضرات التجميل إلى (22) مليون دولار مقابل (17) مليون دولار لاستيراد الاسمدة. وقال إن القرارات الأخيرة جاءت في الاتجاه الصحيح، ولكن تتطلب إجراءات وسياسات أخرى تتعلق بثقافة ونمط الاستهلاك حتى لا تنشأ مُشكلة تهريب السلع، وقال إنّ هذه الزيادات في الجمارك ستؤدي الى ارتفاع أسعار بعض السلع داخلياً وبالتالي سيؤدي إلى انصراف قطاع كبير من المستهلكين عنها. ووصف الفريق صلاح الشيخ المدير العام السابق لهيئة الجمارك، القرارات بالجيدة ولكنها جاءت متأخرة في ظل ارتفاع حجم الاستيراد للسلع الدولارية، مبيناً بأن هذه القرارات ستشجع المنتج الوطني وستدعم خطة وسياسات وزارة الصناعة الرامية لإحلال الواردات مكان الصادرات وتسهيل تشغيل المصانع والمنتجات الوطنية. وشدد على ضرورة ترشيد الواردات في الفترة المقبلة والعمل على تشجيع المنتج الوطني، واصفاً ما يقوم به وزيرالصناعة بالخطوة الجيدة للاستفادة من موارد البلاد.