بعض الاغنيات وثقت لأماكن معينة وخلّدت لأحياء معروفة، كان الشاعر فيها اكثر جرأة للإفصاح عنها، ونجد من ناحية المدن (كسلا) تتصدر قائمة المدن التي غنوا لها وتأتى من بعد، مدن مدني وجوبا وشندي وعطبرة وبورتسودان، وقبل كل هذا فإن (ام درمان) تحجز لنفسها موقعاً لا تقاربه فيها مدينة، وهى التي فضّلتها الاغنيات على كل المدن، اما من ناحية الاحياء فيأتي حي القلعة بأم درمان وحي البيان والمسالمة، وفي الخرطوم نجد حي القوز وفي الابيض (البان جديد). ود القرشى والأمكنة الشاعر محمد عوض الكريم القرشي يعتبر من اكثر الشعراء الذين وثقوا لعاطفتهم بالامكنة، فهو الذي خص شندي بأغنية (يا حليل ربوع شندي) ولم ينس في الاغنية نفسها (المتمة)، ثم مضى للابيض وغنى (للبان جديد). ود القرشي عيّن بعض الاشياء وسماها، فقد كتب في (القطار) القطار المرّ فيه مر حبيبى، وكتب في اسبتالية الخرطوم (عدت يا عيدي بدون زهور وين حبيبي ووين البدور). وغنى لحنتوب ايضا من كلمات القرشي (حنتوب الجميلة). وتأتي في اغاني (الاسبتاليات) اغنية عبيد عبدالرحمن (يوم الزيارة) التي كتبها في اسبتالية ام درمان، التي اشتهر فيها يوم الجمعة كيوم للزيارة. ويوم الجمعة ارتبط ايضا بشمبات في اغنية (الجمعة في شمبات). عتيق الأشياء اروع اغنيات الوصف المكاني جاء بها الشاعر محمد بشير عتيق، عندما تغنى لحي البيان وهو من الاحياء الامدرمانية التي تميز سكانه بالجمال الى جانب حي القلعة، وعتيق يقول عن ليالي (البيان): قضينا ليلة ساهرة فيها (البيان) تجلى الجو نسيمو رايق.. والغيم نشر مظلة المعروف ان عتيق كتب هذه الاغنية في حفل زواج عربي البارودى وهذا ربما يفتح لنا مجالاً آخر للاغنيات التي كانت أمكنتها الحافلات والمناسبات وهو مجال يحتاج الى متسع آخر. وعتيق هو ايضا الذي غنى للقوز (للقوز ما نسينا وللقوز كيف بننسى)، وهو صاحب (ما بنسى ليلة كنا تايهين في سمر، انا وانت والنيل والقمر) التي قصد بها شواطئ ابوروف. راكوبة اللحو في جانب الالحان يظهر الفنان علي ابراهيم «اللحو» المهتم بتفاصيل البادية في بيته ببري، حيث يهتم اللحو بهذا الاثر والتراث. في بيت اللحو (قطية) بلدية لحن فيها الكثير من الاعمال، والقطاطي التراثية تجعلنا نرجع الى (قطية) الإمام الصادق المهدي الشهيرة في بيته. الفنان علي اللحو في بيته (راكوبة) تأتي بالنسائم من كل النواحي وسط احتفاء الزهور والطيور بهذه البيئة التي يفرضها اللحو. في تلك الراكوبة (زير وعنقريب ومعلاق)، من هذه البيئة حسب اشارة اللحو خرجت اغنية (مادام نسى العشرة) التي تغنى بها اللحو اول مرة من هذا (العنقريب) الذي يبدو في الصورة، ويبقى التاريخ حافظاً لهذه (الراكوبة) جميلاً (ما دام نسى العشرة واختار سوانا حبيب.. خلينا للايام ولي ضميرو حسيب).