- لحظت انتشار ظاهرة «النقنقة».. وهي تعني «البرطمة» كما يقول الأخوة في مصر.. وهي ان يهمهم المواطن بالكلام مع نفسه شريطة ان لا يكون متحدثاً في الموبايل.. ولعل «النقنقة» مأخوذة من الأمطار تلك التي تسمى «النقنقة» وهي مطرة خفيفة ولكنها تستمر لزمن طويل.. ربما تشبيهاً لايقاعها بإيقاع صوت «المطرة». - و«النقنقة» في إعتقادي ظاهرة فردية يقودها المواطن بمفرده.. وهي تتباين من سياسية إلى اجتماعية إلى فنية إلى رياضية.. واعتقد انها سياسياً ظاهرة سالبة إذ تقوم بتعويض الفرد فبدلاً من عمل مظاهرة جماعية يكتفي بذلك. - على سبيل المثال يسأل المواطن عن ثمن سلعة فيعرف إنها زادت فيدخل في مشروع «نقنقة» ينفس فيها عن نفسه ويفرج عن كربته وفي هذا استغناء عن المظاهرة.. أو عن المطالبة النقابية.. و«النقنقة» لا تغير في الأمر شيئاً.. - أما «النقنقة» الاجتماعية فهي غالباً تكون بسبب الزوجة حين تطالب وفي الحاح بمطالب غير مقبولة أو لا تسمح بها الظروف، فيخرج الزوج إلى الشارع أو يقود عربته وهو «ينقنق» وتستطيع ان تعرف ذلك بالتعرف على بعض تفاصيل النقنقة ومُفرداتها فتجد عبارة «الولية دي أو النسوان ديل». - وإذا سألت «النقناق» عن ما يقول فهو في الغالب لن يرد عليك.. بل يمضى قدماً فى نقنقته. - ربما يجيبك صاحب النقنقة الفنية .. كأن يحتج على سماعه لاغانٍ هابطة فتجده يبرطم مثلاً: إيه الكلام الفارغ ده.. أو بالله ده غُنا أو الله يرحم الكاشف وأبو داؤود.. - أما النقنقة الرياضية فلا مكان لها بحيث تصل سقفها في التشجيع أو بعد المباراة.. وعلى الصفحات الرياضية.. لذلك فالنقنقة الرياضية معدومة تقريباً.. ربما لأن مستوانا في كرة القدم لا يحتاج إلى نقنقة. - وإذا وجدت مواطناً ينقنق أو مواطنة فلا تسأله لأنه إما أحرجك فلم يلتفت إلى كلامك أو أفحمك باجابة لا ترضاها.. من ذلك أنني بينما كنت سائراً كان رجل كأنه مجذوب ينقنق .. غبي.. غبي.. ثم يعقبها بعبارة -بليد.. بليد.. فتابعته وأخذت أحادثه حتى حاصرته فوقف فقلت له: من هو هذا البليد الغبي فقال: الذي يدخل فيما لا يعنيه ومضى قدماً وأنا اسأل نفسي: يا ربي قاصدني واللاًّ جات ساكت: - الطريف إنني وجدت امرأة متسولة «تنقنق» بعد ان مدت يدها لأكثر من شخص فردوا عليها «الله يدينا ويديك» فسألتها: مالك يا حاجة فشكت لي انها منذ الأمس ولم يمنحها أحد ولا مليم أحمر.. فضحكت ومددت ليها ورقة من فئة الاثنين جنيه. فقالت: إنه ليس لديها فكة فقلت لها: اعطيتك لها كلها انا لا اريد فكة.. ربما ذلك على سبيل التعويض فقالت لي: كدي.. ومضت في طريقها تنقنق ربما تقول هذه المرة: الزول ده مجنون واللاًّ شنو؟ - ولا أدري ان كان الاطفال «ينقنقون» أم لا.. ولكن حين أرى ابنتي تحمل حقيبة ضخمة مليئة بالكتب والكراسات على ظهرها كل يوم في غدوها ورواحها من وإلى المدرسة.. احلف جازماً بأن الاطفال ينقنقون حول هذه الشنطة الضخمة.. - لا ادري ان كانت «النقنقة» ظاهرة سودانية أم لا.. لكن الأخوة في مصر الشقيقة يشاركوننا على نحو ما.. إذ كثيراً ما يقول أحدهم للآخر: بتبرطم بتقول إيه؟ - عموماً لتفرح المرأة بزوجها اذا كان نقناقاً فهو سيفرغ طاقته العدوانية في «النقنقة» فلا يعمد إلى تطليقها.. عليها فقط ان تتحاشى ان تكون «نقناقة» فذلك هو الذي سيخرب بيتها.. - أما بالنسبة لي فأنا «انقنق» إذاً فأنا موجود.. وأقول نقنقوا ودعوا الآخرين ينقنقون.