لم تهدأ عاصفة الإنشقاقات والخلافات بين مكونات تحالف الجبهة الثورية حتى خرجت هذه الخلافات من نطاق الغرف المغلقة إلى الهواء الساخن. وكثرت في الآونة الأخيرة حرب البيانات بين مالك عقار وجبريل إبراهيم على خلفية الصراع حول الرئاسة الدورية للتحالف التي آلت إلى جبريل إبراهيم، ورفض الرئيس السابق مالك عقار التنازل عنها، ومنذ أكتوبر من العام الماضي إنقسمت الجبهة الثورية إلى فصيلين أحدهما بقيادة مالك عقار والآخر بقيادة جبريل إبراهيم وقادت هذه الاختلافات إلى عدم التنسيق العسكري الذي ظهرت نتائجه بقيادة حركة العدل والمساواة لمعركة قوز دنقو منفردة الأمر الذي تسبب في كسر شوكة الجبهة الثورية. أطلق مالك عقار مؤخراً نداء إستغاثة لجميع فصائل الجبهة الثورية للتوحد مرة أخرى إلا أن دعوته لم تجد صداها من فصائل دارفور حيث شكك جبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة في مصداقية الدعوة وعدَّها محاولة للإستهلاك السياسي ووصفها بإنها (عزومة مراكبية)، يشير إلى أن المقصود بالعرض هو الإستهلاك السياسي والرأي العام المحلي وربما الدولي أكثر من أن يكون المستهدف بالعرض هو الطرف المعنيّ، مما يطعن في صدقيّة العرض وسلامة المنهج. ويبدو أن الخلافات العنيفة التي ضربت الجبهة الثورية وجعلت قياداتها تختلف مع بعضها وأصبحت عرضة للتصدع الكامل، خاصة في ظل ضعف الإهتمام الغربي والمنظمات الأمريكية والأوروبية وتراجع قضية دارفور والمنطقتين في الإعلام الأمريكي وتذمر بعض نواب الكونغرس والبرلمانات الأوروبية من وقوفهم غير المجدي مع الحركات المسلحة والشكوك حول فساد قادة الجبهة الثورية واكتناز حساباتهم البنكية بالأموال وتجنيد الأطفال القسري مما دعاهم إلى رفع يدهم تدريجاً عن دعمها سياسياً ومالياً وتبني مطالبها. وبعد نجاح الحوار الوطني المطروح في الساحة السياسية وابتدار المباحثات غير المباشرة بين الحكومة والحركات المتمردة عبر مسارين مختلفين أدار المجتمع الدولي ظهره للجبهة الثورية وأبدى دعمه للحوار الوطني بإعتباره الوسيلة المثلى لتحقيق السلام بالطرق السلمية في ظل الأوضاع الأمنية التي تعاني منها معظم دول المنطقة، بجانب إعلان دولة جنوب السودان رسمياً إبعاد الجبهة الثورية من أراضيها وتجريدها من سلاحها، كل هذه أسباب جعلت الجبهة الثورية تتخبط وتقع في مستنقع الخلافات الداخلية. عثمان البشرى رئيس حركة تحرير السودان الوحدة أوضح أن خلافات الجبهة الثورية ليست جديدة فمن الواضح أن عدم الإتفاق على رئاسة التحالف عمق من الخلافات داخلها بجانب أن الموقف الميداني للجبهة الثورية أصبح ضعيفاً خاصة بعد الهزيمة الأخيرة التي تلقتها حركة العدل والمساوة في معركة قوز دنقو والتي ألقت بظلالها على كيان الجبهة الثورية ككل، مشيراً إلى أن إنفراد حركة العدل والمساواة وقيادة المعركة بصورة أحادية يدل على عمق الخلاف بين مكونات التحالف بجانب عدم التنسيق العسكري، مضيفاً أن الجبهة الثورية خلال الفترة السابقة شهدت كثيراً من التصدعات الداخلية، وأضاف البشرى أن طول أمد الصراع وإختلاف المصالح الشخصية أوصل الجبهة الثورية إلى مرحلة التفكيك، مشيراً إلى أن حلفاء الجبهة الثورية قد يفعلوا كل ما بوسعهم لعدم إنهيار التحالف لكن الخلافات الداخلية بين القادة ستحول ذلك. خلقت بعض الجهات الدولية تحالف الجبهة الثورية من منطلق تكتيكي بغرض تفكيك نظام الحكم في السودان وتم تقديم الدعم المادي والإعلامي للتحالف لكن مما يبدو أن الجبهة الثورية تفككت قبل أن تحقق أهدافها، خاصة بعد أن اتجهت حركات دارفور للعمل كمرتزقة بالقتال في ليبيا جلباً للدعم المادي بينما لم ترواح الحركة الشعبية قطاع الشمال مكانها ميدانيا بعد أن سيطرت القوات المسلحة على الأوضاع في الأرض في جنوب كردفان وأصبح جل ما تستطيع تقديمه إصدار البيانات والدعوة للتوحد بين مكونات التحالف. من خلال التراشق الإعلامي بين قادة الجبهة الثورية يتبين مما لا يدع مجالاً للشك أن عدم الثقة وصراع المصالح الشخصية أصبح يسيطر على الأوضاع داخل كيان الجبهة الثورية فبعد أن اختارت حركات دارفور الإرتزاق طريقاً لا يبدو أنها آبهة بنداءات عقار للوحدة.