في خطوة مفاجأة اعلنت الجبهة الثورية بقيادة مني اركو مناوي تمسكها بالعمل المسلح ضاربة بالتزاماتها عقب البيان الختامي لاجتماعات نداء السودان بباريس الذي دعا الى العمل السلمي والالتزام بالآليات المدنية للتغيير عرض الحائط. واثارت رئاسة الصادق المهدي لتحالف نداء السودان ازمة مكتومة وسط قيادات التحالف بين من راي انها لا تقدم جديداً وبين القوي المتمسكة بحمل السلاح والتى تري ان رئاسة المهدي لنداء السودان ستكون خصماً على التحالف، لجهة ان الإعلان الدستوري لنداء السودان ينص على الإلتزام بتحقيق المطالب المشروعة بالوسائل الخالية من العنف الامر الذي دفع مناوي الى الإسراع بتثبيت رؤيته حول حمل السلاح الى ارض الواقع والخروج بالبيان المشار اليه. معلوم ان تحالف نداء السودان برز الى الوجود بعد إنهيار تحالف الجبهة الثورية والتى كانت تضم نفس المكونات الحالية لنداء السودان على خلفية الصراع بين فصائل التمرد الدارفورية وقطاع الشمال حول زعامة الجبهة، حينما رفض قطاع الشمال أيلولة القيادة لقادة الفصائل الدارفورية "جبريل ابراهيم" على الرغم من إنتهاء أجل رئاسة مالك عقار للجبهة. ومن خلال متابعة الساحة السياسية يتضح استحالة استمرار تحالف نداء السودان على قلب رجل واحد ومن غير المستغرب أن تطفو مجدداً على السطح الخلافات بين مكونت الجبهة الثورية وقيادة التحالف بعد ايام قلائل من الإجتماع الذي تم فيه تنصيب رئيس حزب الامة القومي الصادق المهدي رئيسا للتحالف. وتشير تصريحات الجبهة الثورية اى انها لم تزل تنظر لزعيم حزب الأمة القومى بأنه غير جدير بقيادة المعارضة وأنه لا يختلف عن القوى السياسية الموجودة على الساحة، غير ان الوضع الحالى يحتم عليها اقامة تحالف تكتيكي مرحلى مع الحزب دون الإنصياع الى توجهاته والسماح له بالقرارات المصيرية. مثل عنصر فقدان الثقة بين المهدي وقوي نداء السودان دافعاً امام الأخيرة التى حاولت مراراً ابعاده عن قيادة التحالف لجهة انها تري فيه حليفاً متردداً ولا يمكن الوثوق به بجانب انها تخشي من أن يحاول حال زعماته لرئاسة نداء السودان أن يضيق من خياراتها العسكرية والسايسية الأمر الذي دفع مناوي الى اصدار بيان عقب فض الاجتماع الاخير لقوي نداء السودان مؤكداًعلى تمسك الجبهة الثورية بخياراتها ورهاناتها العسكرية. وضع بيان الجبهة الثورية الأخير الصادق المهدي في موقف لا يحسد عليه وجعله في حرج كبير امام قياداته الشعبية التى تري أن الرجل ضحي بتاريخ وإرث حزبه القائم على التعاليم والتقاليد الإسلامية وتجربة الثورة المهدية والمبادئ التى تجرم حمل السلاح وتسعي الى الحفاظ على تاريخ الحزب وبين الملاحقة القانونية لجهة تعارض العمل السياسي مع المسلح. ولم يعد خافياً ان الرابط بين مكونات تحالف نداء السودان تمثل المصلحة فيه اساساً باعتبار أن الجبهة الثورية ادركت انها اصبحت معزولة تماما بعد ان اصبح مطلب وضع السلاح والاقبال الى التفاوض والسلام خيار محلى واقليمي ودولى ، وهو ماجعل الحركات المسلحة ترتبط بالصادق المهدي في محاولة لحفظ ماء وجهها امام المجتمع الدولى من جهة ووضعه في واجهة نداء السودان لتفادئ الضغوط ومنع الخلاف بين فصائل دارفور والحركة الشعبية ، اما المهدي فهو لا يثق البته في الحركات المسلحة غير انه اراد بالتحالف معها محاولة للظهور في الساحة مرة اخري حينما استشعر بأنه اصبح خارج لعبة التحالفات عقب مقاطعته للحوار الوطني الذي أنتهي بتشكيل حكومة الوفاق بمشاركة الاحزاب والحركات التى شاركت في الحوار. على كل حال فأن موقف الحركات المسلحة معلوم لدي الحكومة وخياراتها محصورة مابين التفاوض او الحسم العسكري على خلاف الصادق المهدي الذي وضع نفسه في دائرة الإتهامات بتنفيذ اجندة الحركات المسلحة.