مدخل : في منتصف يونيو المقبل ينتظر الآلاف من الطلاب وأسرهم إعلان نتيجة امتحانات الشهادة السودانية للعام 2010م والتي يمثل الجالسين لها هذا العام من المساق الأدبي نسبة أكثر من 80% من عدد الممتحنيين، وذلك في وقت تتجه فيه البلاد لبناء النهضة الزراعية والصناعية من خلال تنفيذ مشاريع البنى التحتية وإقامة السدود في العديد من مناطق البلاد وهو مايحتاج لاعداد اكبر من الدارسين فى المساقات العلميه والفنيه على عكس ما هو قائم الآن . ولمعرفة مآلات هذا المنحى في العملية التعليمية على مستقبل البلاد ودراسة أسبابه، بجانب التحديات التي تواجه المعلم في أداء رسالته، بالاضافه الى قضية السلم التعليمي والتي برزت مؤخراً على السطح وكثر الحديث حول ضرورة اعادة النظر فى وضعية السلم التعليمى. كل هذه القضايا المتصلة بالتعليم والمشاكل التى تجابه المسيرة التعليميه بالبلاد وضعناها امام الدكتور المربي حامد محمد إبراهيم وزير التعليم العام الاتحادي من خلال حوار لاتنقصه الصراحه وخرجنا منه بالحصيلة التاليه والتى فى اعتقادنا وضعت كل النقاط على الحروف .. السلم التعليمي مدخل حوارنا مع السيد الوزير كان حول السلم التعليمى وما يدور حاليا من ضرورة اعادة النظر فيه فاجاب الوزير بالقول : بداية دعوني أعرف لكم ماهية السلم التعليمي حتى ندخل من مدخل جيد، السلم التعليمي عبارة عن قالب نضع فيه المنهج الدراسى الذي يراعي قدرات التلميذ النفسية والذهنية والبدنية والاجتماعية بجانب الفوارق العمرية لكل مرحلة ، وبهذا الفهم للسلم التعليمي تعد المراجعة ضرورية عقب كل مدة من الزمن تحدد حسب رؤية المختصين، وكما هو معلوم فأن السلم التعليمي المنتهج حالياً تقرر في مؤتمر التعليم العام الأول والذي نعتبره ثورة حقيقية لنا في مجال التعليم وهذه لم تكن المرة الأولى التي يعد فيها السلم التعليمي، فأول نظام تعليمي قام على السلم الرباعي بمعنى (4+4+4) ثم جاء نظام (6+3+3) فى عهد مايو. وعندما جاءت الإنقاذ عُدل السلم التعليمي إلى (8+3) لاعتبارات كثيرة أهمها الاستفادة من المنشآت القائمة في توسيع مظلة التعليم بجانب كسب الوقت ودمج عام دراسي في ثماني سنوات وفقاً لدراسة محكمة حتى يتمكن الشباب من التخرج في عمر يمكنهم من الإسهام في التنمية بصورة فاعلة. إلا أنه الآن ونتيجة لأسباب عديدة وجوهرية لمستها الوزارة وتوصل إليها الخبراء التربويون عبر العديد من الورش العلمية التي عقدت لهذا الأمر وفاقت (7) ورش بمشاركة الطلاب وأولياء الأمور والمعلمين والخبراء والمختصين في مجال التربية والتعليم بجانب مدراء ووزراء التربية في الولايات والمركز ، أصبحت لدينا قناعة راسخة بضرورة التخلص من السلم التعليمي الحالي (8+3) وإعادة العام الدراسي المفقود الذي كان موجوداً في السلالم التعليمية السابقة ، كما أننا لمسنا أن معظم الدول العربية التي تتقاطع معنا في كثير من المصالح تتبع نظام التعليم القائم على النظام (12) عام دراسي في مرحلة التعليم العام ، ولكن حتى اللحظة لم نبت في أمر أين تضاف هذه السنة في مرحلة الأساس أم الثانوي وهنالك وجهتا نظر أدلى بها المختصون في هذا الجانب ويرى الفريق الأول بأن يتم إلحاق هذه السنة بالمرحلة الثانوية لتصبح أربعة أعوام بدلاً عن ثلاثة بينما الفريق الثاني يرى ضرورة قرنها بمرحلة الأساس بعد فصل الثلاثة فصول العلى في المدرسة الواحدة مراعاة للفوارق العمرية مع أن تظل المدرسة تحت إدارة تعليمية واحدة ، ونتوقع أن يحسم هذا الأمر خلال المؤتمر العام الثالث للتعليم والذي نحن الآن في خضم الإعداد له ، ولكننا لا نستطيع ربطه بميقات وأجل محدد في ظل التطورات المتسارعة التي تعيشها البلاد. دوافع تصحيح السلم التعليمي وبالنسبه للدوافع التى قضت بضرورة تصحيح السلم التعليمى يقول الدكتور حامد محمد ابراهيم ان الدافع الاساسى هو الوصول إلى قناعة راسخة بفشل تحقيق رؤية الإستراتيجية التعليمية التي قام عليها تعديل السلم التعليمي من نظام (12) إلى (11) عاماً وذلك لظروف طبيعية تتعلق باختلاف المناخ وبالتالي اختلاف التقويم الدراسي في السودان بجانب مناسبات اجتماعية عديدة أصبحت مشاركة الطلاب فيها أمر واقع مما كان خصماً على تطبيق نظام الإستراتيجية التعليمية الجديدة والتي تقوم على تعويض العام الدراسي المفقود في نظام السلم التعليمي (8+3) بزيادة ساعات العملية التعليمية لتصل أيام الدراسة في العام 210 يوماً إلا أنه ونتيجة للمعوقات سابقة الذكر فإننا كنا نلاحظ أن أفضل المدارس يصل تحصيلها الدراسي إلى 180 يوماً في العام. وهل يعود ذلك لخلل في الرؤية الإستراتيجية للتعليم العام ؟ لا أعتقد ذلك ولكن عادة العمل النظري عندما يدخل حيز التنفيذ تصاحبه العديد من الإخفاقات التي لم تكن في الحسبان وربما تؤدي إلى تعثره نهائياً إذا لم تكن هنالك خطط بديلة لمواطن الخلل المتوقعة من قبل المشرع، وأحسب أن مشكلة التعليم بالنسبة لنا كانت في التنفيذ وليس التخطيط وهذا أمر يخص الولايات بصورة كبيرة لأنها المعنى الأول بالتنفيذ، وحسب ما يأتينا منهم في التقارير فإن القضية الكؤد التي تواجههم هي قلة الامكانات في التعليم من قبل حكومات الولايات وجعل التعليم في هامش أولوياتهم مما ينعكس سوءا على البنى والمرافق الأساسية للتعليم ومن ثم على العملية التعليمية برمتها. توسيع مظلة التعليم، ودورها فى التدهور و الاخفاقات نحن مع سياسة توسيع مظلة التعليم العام ودعمه وتسهيله، ونعتقد أن هذا حق شرعي وقانوني ، ولكن نطالب بأن يكون هذا وفقاً للضوابط واللوائح التي حددتها وزارة التعليم العام ونعتقد أن أي توسع في التعليم لم يتقيد بهذه الضوابط يؤدي إلى تدهور العملية التعليمية نتيجة لما ينعكس على هذا التوسع من تبعات لم تستطع الولايات من إنهاء مستحقاتها وهذه التبعات تتمثل في خلق بيئة تعليمية جيدة وتوظيف معلمين جدد يتناسب عددهم مع المدارس المفتوحة كما أن فتح المدارس من دون إجراء مسح تربوي يحدد حاجة المنطقة المعنية لقيام مدرسة من عدمه أمر مهم وذلك وفقاً لمعايير محددة أهمها أن تكون المنطقة بها نموء سكاني بحيث يضمن استمرارية هذه المدرسة من برفدها بالأجيال الجديدة كل عام ، وهذا الجانب يمثل جزءا مما نعانيه في بعض الولايات التي أصبح فيها الوالي هو القابض على السياسة التعليمية. كفاءة المعلم .. وتجفيف معهد بخت الرضا وماذا عن كفاءة المعلم بعد ان تم تجفيف معهد بخت الرضا ؟ نعم نعتقد أن المعلم ما يزال يحتاج إلى تدريب وتأهيل مستمر ونحن من جانبنا في الوزارة الاتحادية نعقد الدورات التدريبية والورش باستمرار ونرسل إلى الولايات ليبعثوا لنا بوفودهم من المعلمين ، إلا أن المؤسف معظم الولايات لا تستجيب لنا عدا ولايات قليلة مثل الخرطوم، الجزيرة، القضارف ويحتجون بندرة المعلمين لديهم ، أما مسألة تجفيف معهد بخت الرضا فقد تم الاستعاضة عنه بمعاهد المعلمين التي انتشرت في مختلف الولايات لتقوم بالدور ذاته إلا أننا نعود لنقول إن قلة الانفاق في التعليم من قبل الولايات يمثل حجر الزاوية لتفعيل كافة هذه الإدارات. فرض الرسوم على التلاميذ لماذا ؟ نحن من جانبنا متمسكون بسياسة الدولة تجاه مجانية التعليم العام ومتمسكون أيضاً بقرار رئيس الجمهورية رقم (34) القاضي بأن يكون التعليم العام شأن ولائي، ومن هذا المنطلق وجهنا كافة وزارات التربية بالولايات بضرورة التمسك والمحافظة على هذا المبدأ، إلا أن تقصير بعض الولايات في القيام بموجباتها تجاه العملية التعليمية دفع بضع المدارس لتحصيل الرسوم من التلاميذ عن طريق قرار يصدر من المجلس التشريعي بالولاية المعنية أو عبر مجلس أولياء الأمور بالمدرسة وذلك بعد وقوفهم على حاجة المدرسة وتقديرهم الي مدى أهمية هذه الرسوم في تحسين مستويات أبناءهم، ولم يكن قطعاً للمعلم دور في هذا الشأن ونحن لا نستطيع أن نتدخل في هذا الامر من موقعنا في الوزارة الاتحادية باعتبار ان التعليم العام يعد شأنا ولائيا، ولكننا نقدم المشورة والنصح للوزارات في الولايات حال عرض الأمر علينا. الاهتمام بالتعليم التقني والفني ماهى الاسباب التى ادت الى تدنى الاهتمام بالتعليم الفنى والتقنى ؟ في تقديري أن الأسباب متعددة والجزء الأساسي والمهم في الأمر يعود إلى افتقار المدارس الى المعامل العلمية التي تحقق المعني من لفظ علمي وتقنى وفني بجانب قلة المعلمين في هذا المجال مما يدفع بالتلاميذ إلى ولوج المجال الأدبي لاستكمال مراحلهم التعليمية بيسر في الوقت الذي أصبحت فيه البلاد بحاجة ماسة إلى الفنيين خاصة في مجال الزراعة، ونحن نتوقع أن يشهد هذا المجال تقدماً من خلال اهتمام الدولة به في الآونة الأخيرة ولكن هذا مرهون بزيادة نسبة الانفاق على التعليم ومعلوم الآن أن نسبة الإنفاق على التعليم لا تتجاوز 1% وتوجه إلى الولايات. هل من جهود للنهوض بالتعليم الديني ؟ في الرؤية الإستراتيجية للتعليم العام التي خرج بها المؤتمر العام للتعليم في 1990م كان هنالك توجه بدمج التعليم الديني مع التعليم الأكاديمي بهدف الاستفادة من ممتلكاته لمجابهة احتياجات ثورة التعليم إلا ان هذا التوجه لم ينفذ بصورة شاملة مما جعل التعليم الديني مزدهراً في بعض المناطق من السودان بوصفه المعروف، وفي مناطق أخرى تم دمجه في بوتقة التعليم الأكاديمي، لكن الآن هنالك محاولات جادة للنهوض بهذا المجال من قبل الدولة خاصة وأنه يعد الأساس الذي قام عليه التعليم في السودان، كما يمثل جزءا أساسيا في هوية هذه البلاد ولم تنقطع رغبة الناس من النهل من مواعينه أبداً. غياب مادة التربية الوطنية من المناهج ..لماذا؟ في تقديري أن هذا خطأ جسيم وينبغي أن نعمل على تصحيحه بأسرع ما يمكن مع احترامي العميق لرؤية الخبراء في علم المناهج الذين أقروا هذا الأمر وبلا شك لهم مبرراتهم خاصة في ظل ازدحام المنهج الدراسي بالعديد من المواد المعرفية والتثقيفية ولكن أعتقد أن أهمية تدريس مادة التربية الوطنية تأتي من مكانة التربية الإسلامية واللغة العربية.