يظهر أنه لا حدود لجرائم القوي الاستعمارية وأكاذيبها، أقامت الولاياتالمتحدة الدنيا حول الصراع الداخلي في إقليم دارفور بغرب السودان، الذي كان في بدايته صراع قبائل حول المرعي والماء في منطقة شديدة الجفاف. وغذي نفس الغرب الإستعماري هذا الصراع بالسلاح والمال وحوله إعلاميا إلى حرب عرقية. ثم ضخم وكذب بخصوص عدد الضحايا وإتخذ ذلك مدخلا ليضع مشاريعه لتقسيم السودان قيد التنفيذ، حتى يتمكن من النفاذ إلى ثروات دارفور من نفط وغاز ويورانيوم، وليزيد من ضعف الأمة العربية وبالتالي يعزز مركز إسرائيل. الغرب صم آذانه عن فضائح الاستعمار الجديد الذي يلبس جلد حمل وهو يتدخل في دارفور وغيرها من مناطق العالم ويقتل مئات الآلاف. واليوم في الثلث الأخير من سنة 2007 يحاول الغرب طمس جريمة بشعة جديدة تكشف طبيعة الاستعمار في حلته الجديدة للقرن الحادي والعشرين. يسرقون كل شيء الأوطان والثروات والإنسان ويحولونه إلى قطع غيار أو يستعبدونه بشكل أو بآخر تحت تسميات مختلفة، ينصبون علي الشعوب المقهورة والمستضعفة التي يصفونها بالعالم الثالث أو بالنامية، باسم العولمة والتجارة الحرة. يسنون القوانين لحماية الحقوق الفكرية في وقت يمتهنون ويخرقون فيه حقوق الغير ليست الفكرية وحدها بل كل حقوق الحياة. يتشدقون بالديمقراطية وحماية حقوق الإنسان وتحرير الشعوب والأقليات، فيطردون 6 ملايين فلسطيني من ديارهم ليجمعوا في مكانهم شتات يهود الأرض لكي يصبحوا حراسهم وقاعدتهم المتقدمة في المنطقة العربية أهم منابع النفط العالمية. ويحتلون العراق ليدمروه ويقتلوا مليون ونصف من سكانه خلال أربع سنوات ويشردوا 5 ملايين آخرين داخل أرضهم وعددا مثلهم في أقطار الجوار. يفعلون كل شيء من أجل أن يزيلوا قدرة بلاد الرافدين علي التحول إلى قوة إقليمية تواجه أطماعهم وترسخ فكرة الوحدة القومية العربية وتبني حضارة جديدة وصرح صناعة متقدمة. يقتلون ويعذبون الآلاف بأيديهم أو عن طريق وكلائهم المحليين، في سجون أبو غريب وغيرها عبر مساحة هذه الأمة التي تمتد من الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي باسم العدل والحرية والديمقراطية. هؤلاء هم نفسهم الذين مثلوا الاستعمار بأشكاله القديمة، والذين أبادوا 50 مليون ممن سموهم بالهنود الحمر في قارتي أمريكا، وهم الذين احتل قادتهم من عاصمة النور شمال أفريقيا ومساحات شاسعة من جنوبها ووسطها بحجة القضاء علي الفوضى ونقل قيم الحضارة الغربية. هم هؤلاء الذين جاءوا من عاصمة الضباب التي كانت إمبراطورية لا تغرب عنها الشمس وغيرهم ليتاجروا بملايين الأفارقة عبر المحيط ليسخروهم في الزراعة بالولاياتالمتحدة والبرازيل وغيرها. قائمة جرائم الاستعمار طويلة جدا لا تتسع لها سوي ذاكرة التاريخ، غير أن الأمر الخطير أنه في عصر تعرف فيه الإنسانية درجة غير مسبوقة من التقدم التقني حسب الإدراكات الحالية، تمارس دول ومجتمعات بكاملها أدوارا تجمع في سلة واحدة مجمل جرائم تاريخية. عمر نجيب كاتب مصري مقيم بالمغرب