لا يخفى على أحد الأطماع الإسرائيلية في جنوب السودان والتي بدأت منذ فترة مبكرة إذ ترمي دولة إسرائيل بصرها بعيداً نحو منابع النيل في يوغندا ..إذن دولة إسرائيل تسعى لتجفيف مجرى النيل أو تحويل مساره من الجنوب عبر دول الجوار والمهم في الأمر أن لعبة إسرائيل تم اكتشافها منذ الوهلة الأولى لأن الأطماع الإسرائيلية بدأت بشكل واضح في جميع الدول العربية إبتداءً من دولة العراق مروراً بالكويت ولبنان والآن جاء دور السودان الذي تم تصنيفه ضمن الدول الراعية للإرهاب ومن ثم مارست إسرائيل ضغوط للتطبيع ضد السودان وعندما تم رفض الإغاثات والمعونات الخارجية تم استهدافه من قبل الدول الغربيةالولاياتالمتحدة وإسرائيل وبعض دول الجوار العميلة لأمريكا وحلفائها والتي تمثل جسراً لكي تنفذ إسرائيل سياستها تجاه السودان عبر تلك الدول.. ولتسليط المزيد من الضوء على هذا الموضوع التقى المركز السوداني للخدمات الصحفية بالبروفسير حسن مكي وطرح عليه العديد من التساؤلات في هذا الصدد فأجاب عليها بكل الوضوح والشفافية، فإلى مضابط الحوار .. لماذا وجود السودان في الأجندة الإسرائيلية؟! سألنا بروفسير حسن مكي أولا عن أسباب وجود السودان في الأجندة الإسرائيلية فجاب بالقول : السودان الآن محور في الأجندة الإسرائيلية وبينه وإسرائيل مياه مشتركة ولو أنها لا تتعدى 6 كيلو متر أو ثلاثة ونصف كيلو متر فقط على البحر الأحمر لكنها الآن هي سيدة الموانئ في البحر الأحمر وبورتسودان من اقرب الموانئ إلى ميناء إيلات وخط أنابيب بشائر للبترول السوداني أيضاً أقرب لميناء إيلات والسودان مهم بالنسبة لإسرائيل لأنه جنوب مصر أولاً ولأنه مفتاح للسوق الأفريقية لأن البضائع الإسرائيلية لا تستطيع المنافسة في هونغ كونغ ولا بالصين ولا تستطيع أن تنافس النمور الأسيوية، والبضائع الإسرائيلية يمكنها الدخول لأفريقيا عبر البحر الأحمر. وإلى السوق السوداني وتشاد والنيجر ومالي ورغم هذا لن تستطيع إسرائيل أن تنال (الخام) من السودان ولا البترول السوداني إلا إذا كسبت السودان أو إذا حدث تطبيع سياسي ، وإسرائيل (تتعجب) إذا كان الدول صاحبة (الجلد والرأس) كمصر ودول شمال أفريقيا ودول الخليج تطبع مع إسرائيل فما بال السودان يرفض التطبيع وكأنه في حالة تحالف مع حماس فإذا تحالف السودان مع حماس فليس لدى إسرائيل سواء التحالف مع المعارضة السودانية سواء كانت معارضة عرقية أو اقتصادية أو اجتماعية ، فلذلك يجب أن نفهم أن ما يحيط بالسودان جزء منه يتمثل في الدور الصهيوني الذي يعمل بالتجمعات والصناعات العسكرية والصناعة الاقتصادية والصناعة السياسية في الكونغرس والحكم الأمريكي والاتحاد الأوربي وفي الإعلام والجامعات ولاشك إن إسرائيل تحيط بالسودان. وإسرائيل لا يهمها جنوب السودان بل الخرطوم بعينها ولكن طالما إن الخرطوم استعصت أمر التطبيع فلابد من أن تعاقب ويتفتت السودان لأن إسرائيل لا تريد أن يكون أمامها سودان قوى كالسودان والعراق ومصر والسعودية فدولة العراق فتت على أساس جهوي وطائفي كردى وشيعي وسني وتركماني. هل حققت إسرائيل أيً من أهدافها حتى الآن ؟ نعم .. لأنها تشعر بأنها حققت جزء من أهدافها وأجندتها لأنها تمتلك شركات يهودية بالجنوب وهى التي تقوم بالفندقة معظمها مسجلة في كينيا ومتفرعة عنها شركات في يوغندا أو أفريقيا وفي أصلها شركات إسرائيلية وهى الآن تسكب ذهباً في الخزانة الإسرائيلية لأن هذه الفنادق تستقطب وكالات الإغاثة وزائري الجنوب وقوات الأممالمتحدة عشرة آلاف هناك، بالإضافة لكبار المسؤولين ، وهى تقدم خدمة استخبارية كبرى كما أنها تساعد في أرباح خزائن تابعة للموساد وتستعد لمعركة أخرى فالعقل الجنوبي كله الآن مسمم بالشمال وهذا التسمم للأسف أمتد لقيادات. والآن كل من يتحدث باسم جنوب مرتبط بإسرائيل ليس من الشرط أن كل ما يأتيك من إسرائيل يأتي إليك من تل أبيب ولكن ما يأتي إلينا من نيويورك مثلا ويكون ممثلا للمنظمة نجده حينما يتكلم يمثل اليهودية ، ونعلم أن اليهود الآن هم سادة الأعلام وسادة الجامعات وسادة الصناعات العسكرية فلا سيما أنك تستطيع أن تشتم للرائحة الملغمة واللغة المدسوسة. لكن الآن ليس لدينا معلومات حقيقية مؤكدة لأننا بالطبع لا نستطيع الإتيان بمعلومات. هل الأجندة الأمريكية في الجنوب هي نفس الأجندة الإسرائيلية ؟ إنها متقاربة جداً لأن الأجندة الأمريكية تقوم على مرجعية روحية فالمرجعية التي تقوم بها أمريكا كلها هي الكنائس الإنجيلية الصهيونية أو ما يسمى بالمسيحية الصهيونية والتي ترى أن إسرائيل هي العتبة المقدسة المهمة لمن يزور المسيح عليه السلام وترى أن العهد الجديد هو القراءة النهائية للتاريخ ولذلك حتى الكاثوليك الآن غير متواجدين بصورة كبيرة في السياسة الأمريكية بالرغم من أن الكنيسة الكاثوليكية برأت اليهود من تهمة دم المسيح عليه السلام هذه كلها مرجعيات ، إذن أمريكا الآن هي الحامية للكنيسة الصهيونية وفي إطار هذه المرجعية الروحية تنتشر المرجعيات الإسرائيلية أو اليهودية سوى كانت مرجعيات آبقة أو تجمع ضغط سياسي وهناك تجمع سياسي عسكري وبنوك جميعها تابعة لإسرائيل فيجب علينا أن ننتبه 50% من القرار السياسي الأمريكي نتيجة لحركات وجماعة ضغط. أمريكا خططت للاستيلاء على الجنوب من خلال اتفاقية السلام الشامل؟ طبعاً لا أدرى إن كانت خططت بالفعل لكن التخطيط الذي قرأناه في الدراسة الخارجة من مركز الدراسات الإستراتيجية الأمريكية ومن ضمن الموجودين فيه د. فرانسيس دينق هو قيام دولة بنظامين وبالفعل اتفاقية نيفاشا أكدت على هذا المعنى لكنها كانت أيضاً ملغومة خصوصاً فيما يتعلق بالترتيبات الأمنية والعسكرية وللأسف منع الناس من مدارسة هذا البروتوكول والآن نحن ندفع ثمن هذه الترتيبات لأنه من الواضح أن أمريكا قفزت فجأة من دولة بنظامين إلى انفصال جنوب السودان وهذا أمر مريب وأعتقد صانع السياسة السودانية لم يكن مفاجأ بالإستراتيجية الأمريكية التي أنتهت بنظامين في دولة واحدة. يبدو أن القوة الغالبة في أمريكا اتجهت نحو الانفصال لكن من المتوقع مجئ لحظة تاريخية تدفع أمريكا للتراجع عن هذا القرار فزيارة أبو الغيط وتصريح سوزان بشأن تأجيل الاستفتاء كله أنما يدل على أن الرؤية الدولية لم تكتمل والسودان معروف بالمفاجآت ولا نستبعد في الأيام المقبلة أن نفاجأ بشئ من الترتيبات الدولية تجاه جنوب السودان. هل تتوقع تأجيل للاستفتاء في اللحظات الأخيرة ؟ لابد أن يؤجل .. كيف يتم وقد أصبح أمامه بضعة أيام ولم نرى أي خطوة يمكن أن يقوم عليها استفتاء إلا إذا عهدنا إخراج فصل جنوب السودان وإخراج الصقور الأمريكية وهذا أهون وأخف ضرراً من إعلان الجنوب إنفصاله من طرف واحد.