في مسلسل الأخطاء التاريخية لنضال النوبة في الجيش الشعبي : وافق يوسف كوة على أرسال ضباط النوبة لاعدامهم فى الجنوب ارضاءاً للجنوبيين قائد الجيش الشعبي جوع مستجدي النوبة حتى ماتوا بمركز التدريب
ملخص ما سبق نشره رأينا في الجزء الأول من الملف كيف أن النوبة لم يستمعوا لنصيحة الأب فيليب غبوش الذي نصحهم بعدم الانضمام لحركة قرنق لأن الجنوبيين خانوه في أنانيا ون وكيف أن المرحوم يوسف خالف أوامر تنظيم كمولو ودفع بالنوبة إلى داخل الحركة الشعبية بدون تفكير والذي أدى في نهاية المطاف إلى إذابة كاملة للنوبة في الحركة من دون فرامل الأمر الذي أدى إلى أن يدفعوا ثمن خطأهم التاريخي منذ ذلك الوقت وحتى الآن وأنهم أدركوا أن جون قرنق قد خدعهم عندما اهتم بالقادة في بادئ الأمر اهتماماً شديداً وصل مرحلة الدلال إلا أنه بعد أن ضمن تحقيق غرضه بتجنيدهم لعدد (15) ألف مجند من جبال النوبة همشهم ولم يعد يبالي بهم. خدمة (smc)
اضطهاد يفوق الوصف ويعترف بعض ضباط النوبة أنهم خدعوا بما جاء في البيان السياسي للحركة الشعبية (المنفستو) والذي يرونه جاء مطابقاً مع أهداف تنظيم الكمولو السري والذي كان يدعو لسودان العدالة، وسودان يتساوى فيه كل الناس بغض النظر عن هوياتهم وألوانهم وأديانهم فهذه الشعارات دغدغت مشاعر النوبة ولم تترك لهم أي متنفس لعدم سماعهم لنصيحة الأب فيليب غبوش كمجرب وأول من حمل قضية جبال النوبة فوق رأسه وداخل قلبه ولم يستمعوا لنصيحة المقدم يعقوب إسماعيل والذي يتمتع بتجربة عسكرية قبلهم وكما يقول اللواء تلفون كوكو كنا نرى في نصحهم نوع من الغرابة ولم نكن نضع في حساباتنا في يوم من الأيام أو نتوقع أن تتملص الحركة الشعبية أو أن تنقلب على شعاراتها. ويشكون من مرارة وأسى كيف أن النوبة تعرضوا للاضطهاد وظلم كبير لا يمكن تصوره بدليل ما تكشفه وثائقهم ومن بينها هذه الوثيقة التي أوضحت أن القائد شقاي أتيم بيا قائد قيادة الجيش الشعبي بمنطقة بلفام قام بتجويع المستجدين من أبناء النوبة في مركز التدريب ببلفام عام 1988م إلى درجة أن بعضهم كان عندما يجلس للمحاضرات السياسية والتي تستمر لمدة ساعتين من الزمن فعندما تنتهي المحاضرة ويأمر التعلمجي المستجدين بالوقوف يبقى اثنين أو ثلاثة مستجدين مطروحين على الأرض وقد فارقوا الحياة وهذه المأساة تتكرر في كل محاضرة على الرغم من أن مخازن التعيينات توجد على مسافة قريبة وهي مليئة بجميع أصناف الغذاءات ولكن القائد شقاي كان يقوم بتسفير هذه التعيينات إلى قمبيلا لبيعها للإثيوبيين واستخدام هذه المبالغ في شراء أبقار له. وهذه الوثيقة تؤكد إلى أي مدى وصل ضباط الجيش الشعبي من اضطهاد وانتهازية كبيرة وصلت لعدم المبالاة بأرواح النوبة. وفي ذات السياق يكتشفون بأن الجنوبيين درجوا على توزيع قوات النوبة من الضباط والجنود بعد التدريب حيث يتم توزيع القسط الأكبر إلى الجنوب ويتم تسلحيها تسليح جيد من أسلحة إسناد كالرشاشات والهاونات بما في ذلك المدرعات بينما تجد القوات التي توزع لجبال النوبة يتم تسلحيها بالأسلحة الخفيفة وقليل جداً من الرشاشات والهاونات ويستشهد اللواء تلفون بمثال هنا ويقول عندما أسند إلينا قيادة فرقة تُسمى (كوش) في يناير 1989م تحت قيادة القائد المناوب عبد العزيز آدم الحلو تم تسليح الكتيبة في هذه الفرقة بثلاث رشاشات فقط وهذاهو تسليح فصيلة في القوات التي تسند إليها مهام عسكرية بجنوب السودان وعندما وصلنا إلى جبال النوبة وقمنا بعملية تعبئة للمواطنين للتجنيد أرسلنا أكثر من (15) ألف مجند وبعد وصولهم إلى مراكز التدريب وتدريبهم وتخريجهم تم اختيار أكثر من (10) ألف مقاتل من الشباب وتم تسميتهم بالكماندوز وتم تسليحهم تسليحاً جيداً ومن ثم أسندت إليهم مهمة تحرير غرب الاستوائية في جنوب السودان وبعده تم تجميع المتبقى في مركز التدريب من المرضى وكبار السن وتم تكوين (5) كتائب منهم وتسليحهم (بجيم 3) وهذا السلاح في الجيش الشعبي فقط يقسم عادة للمليشيات ولم يصرف لهم مدفع رشاش واحد أقل مدفع هو (RRD44) أو (RBG07) لم يصرف لهم حتى ولو مدفع واحد لقائد المأمورية وهو قائد مناوب دون مكواج ليس هذا فحسب فلم تصرف لهم ذخيرة لهذه الأسلحة لأن نوع هذا السلاح لا توجد له ذخائر في مخازن الجيش الشعبي وقد قيل لهم بأنهم سيجدون الذخيرة في نقطة معينة في طريقهم إلى جبال النوبة ولكنهم لم يجدوا طلقة واحدة في أي نقطة معينة حتى وصلوا الجبال. بل كان الجنوبيين لا ينسقو معنا في تقسيم القوات التي يتم تخريجها من مراكز المستجدين بل يقسمونها ويوزعونها لوحدهم على حسب مزاجهم بحيث يأخذون الأقوياء منهم لمسرح العمليات في الجنوب ويرسلوا لنا المتبقي من المرضى وكبار السن بعددية لا تفوق الألفي مقاتل ومن دون تسليح جيد ومن دون ذخيرة.
إعدام ضباط النوبة ولقد حاول عدد من ضباط النوبة التفاكر مع يوسف كوة في مجالس سرية وناقشناه في طريقة قيادة الحركة هذه وقلنا له وذلك بحسب رواية تلفون كوكو إن استعمار هؤلاء الناس لنا أشد من استعمار الجلابة أي الشماليين، فكان يوافقنا على هذا الرأي واتفق معنا على تفعيل تنظيم كمولو بالحركة الشعبية و تجنيد من لم يكونوا في التنظيم من قبل مثل إسماعيل خميس جلاب، يونس أبو صدر منزل، محمد جمعة نايل، جبريل كريبه، واتفقنا ولكن عندما تأكد لبعض الزملاء عدم جدية يوسف كوة مكي في تفعيل النظام الأساسي لكمولو داخل الحركة الشعبية كتبوا له رسالة فيها مطالبة من (6) نقاط واقنعهم أن القائد العام وافق عليها ولكن ما أن أعلنت مجموعة دكتور لام أكول أجاوين ودكتور رياك مشار في الإذاعة البريطانية (BBC) بأن مجموعة من قيادات أبناء النوبة بزعامة القائد المناوب عوض الكريم كوكو تية والقائد المناوب يونس أبو صدر منزول قاما بقلب نظام يوسف كوة مكي واعتقلاه فما كان من يوسف كوة إلا أن خدع هؤلاء الضباط بالذهاب إلى رئاسته من أجل إتمام مناقشة الرسالة بغرض الوصول إلى قرار. وعندما وصلوا ودخلوا منزل حوش يوسف نفذت المؤامرة التي أعدها ضباط الاستخبارات والقائد الثاني ليوسف كوة (دوت مكواج) واعتقلوا القائد عوض الكريم كوكو والقائد يوسف أبو صدر منزول وبعده تم اعتقال أكثر من (30) ضابط تم التحقيق معهم وأفرج عن بعضهم وبقي (10) ضباط و (14) ضابط صف وهؤلاء تمت تصفيتهم ما عدا ضابطين وهما (دحركوة) من أبناء كرنقو عبد الله ورمضان عبد الله من أبناء تيرا رغم أن رسالة هؤلاء الضباط للقائد يوسف كوة كانت هي تثبت المؤسسية. وفي ملف ظلم الحركة الشعبية للنوبة يكشف بعض كبار ضباط النوبة بالجيش الشعبي بأن قيادة الحركة الشعبية ظلت تظلم أبناء النوبة بالجيش الشعبي منذ 1987م رغم أنه وضح جلياً في الجوانب العسكرية خاصة في نوعية التسليح والدعم بالذخائر والمدفعية والإمداد بالتعينات إلا أنها كانت في الإمدادات الغذائية بصورة فجة رغم أن النوبة كشعب دعموا أبنائهم في طيلة سنوات الحرب دون ان تساهم قيادة الحركة الشعبية بمد قوات جبال النوبة بالتعينات، ليس هذا فحسب ففي عام 1991م تعرضت منطقة جبال النوبة والتي تسيطر عليها قوات الحركة الشعبية إلى مجاعة تسببت في موت أعداد كبيرة من المواطنين ولكن لم يحرك هذا ضمير قيادة الحركة الشعبية بشتى أنواع التعينات وما أن ضربت المجاعة أي منطقة من مناطق جنوب السودان إلا وقامت الدنيا ممثلة في مفوضية الإغاثة وقامت عمليات طوارئ من (WFP) ولحقوا المنطقة بالإغاثة.
حرمان التأهيل العسكري والسياسي في ديسمبر عام 1991م عندما شعر ضباط النوبة بالحركة الشعبية بعدم عدالة توزيع القوات والتسليح فقاموا بكتابة مذكرة إلى يوسف كوة يلفتون فيها نظره إلى نقاط معينه على النحو التالي وهي أولاً مسألة تقسيم أبناء النوبة بعدم التخرج من مراكز التدريب دون إشراك أو استشارة قيادة العمليات بجبال النوبة وأخذ العدد الأكبر منهم وإرسالهم إلى مسرح العمليات بجنوب السودان دون وضع أي اعتبار للمنطقة التي أرسلت هذه القوة وبالمثل لا يتم تقسيم أبناء جنوب السودان إلى جبهة جبال النوبة حيث جربوا إرسال أقل من ألف مقاتل ولكنهم هربوا جميعهم من فارينق دون تحقيق أي هدف في جبال النوبة، إضافة لعدم تسليح أبناء النوبة بنفس التسليح الذي يتم عادة للقوات المتجهة لجنوب السودان وعدم تحويل جبهة جبال النوبة بالإمدادات العسكرية كماهي في جنوب السودان، وعدم تمثيل أبناء النوبة بالحركة الشعبية في البعثات الدبلوماسية والكورسات الخارجية. عدم تخصيص الإغاثة لمواطني جبال النوبة كما هي للمواطنين في جنوب السودان وعدم ترقية أبناء النوبة للرتب العليا كماهي في جنوب السودان هذه النقاط تم رفعها للقائد يوسف كوة الذي بدوره تم رفعها للقائد العام د. جون قرنق عبر مكالمة مباشرة معه في الراديو إلا أن نتيجة ذلك هو قيام يوسف كوة باعتقال مجموعة من الضباط وإرسالهم إلى جنوب السودان حيث لقى معظمهم حتفه ماعدا اثنين منهم وهما قائد مناوب عوض الكريم كوكو تية من كادوقلي وقائد مناوب يونس أبو صدر منزول من الكواليب، ملازم جمعون النور من الكواليب، ملازم عثمان الريال من المورو، ملازم محمود كومي من هيبان، ملازم طارق كودي من هيبان، ملازم عباس ماريق من المورو، ملازم حسن بشير من كرنقو عبد الله، ملازم دحر تية من كرنقو عبد الله (حي)، ملازم رمضان عبد الله من أبناء تيرا (حي) و(24) من صف الضباط. ويرى القائد تلفون كوكو أن هؤلاء الأخوة من أبناء النوبة هم أول من قال كلمة حق في ظلم أخوتنا الجنوبيين للنوبة وقد دفعوا أرواحهم ثمناً غالياً لقضية أبناء النوبة وسوف يحتفل بهم النوبة في يوم من الأيام والباقين ماضين في طريقهم حتى تحقيق النصر لأبناء النوبة ولأن الموت لا يوقف نضال المظلومين ولكن يوقده.
مفارقة التمييز وفي أكتوبرمن عام 2003م كتبت مجموعة ما يُسمى بكبار الضباط من الاستوائية مذكرة بيان يلفتون فيه نظر الحركة الشعبية إلى الظلم الواقع على أبناء الاستوائية بالحركة الشعبية ووقع على ذلك البيان أكثر من (200) ضابط ونشروا هذا البيان على الإنترنت وتناوله أبناء الاستوائية في مختلف دول العالم بالهجوم على قيادة الحركة الشعبية ولم تجد قيادة الحركة الشعبية مخرجاً سوى الرضوخ لمطالبهم وقامت بإجراء معالجات لهم حيث تم ترقية أكثر من (150) ضابط وهي الترقية المنبوذة من جميع قبائل الحركة الأخرى من غير الاستوائية لأنها ميزت بين الجيش الشعبي حيث تم ترقية من لا يستحقون في مفارقة تكشف عن مدى التمييز الذي تمارسه قيادة الحركة الشعبية والجيش الشعبي بين مكونات الجيش في صورة تكشف أن الجنوبيين درجة أولى والنوبة في الدرجات الأخيرة بدليل أن هؤلاء الضباط الذين وقعوا على البيان لم يعتقل واحداً منهم ولم يقتل أحدهم بل بالعكس حيث تم تنفيذ مطالبهم كلها. ولا يزال الجيش الشعبي يخفي أرقام عدد الشهداء من أبناء النوبة في جنوب السودان وجبال النوبة، والمعاقين الذين ماتوا من العطش في طريقهم من جبال النوبة إلى فارينق وتوجد أعداد كبيرة من أبناء النوبة تم توزيعهم لغرب الاستوائية يتواجدون فيها إلى الآن دونما أن يشاهدوا ذويهم منذ قدومهم من جبال النوبة في العام 1989م وهذا ما لم يحدث في أي جبهة قتالية أخرى في العالم.