رحب السودان حكومة وشباباً بزيارة ائتلاف شباب ثورة 25 يناير المصرية للبلاد، والتي تأتي في إطار المساعي المصرية الرسمية والشعبية لإعادة العلاقات بين البلدين ووضعها في مسار جديد ببعده الشعبى والشبابي يقوم على التعاون في جميع المجالات. الشباب المصرى مفجر ثورة 25 يناير جعل من الخرطوم أولى محطاته الخارجية تعزيزاً للعلاقات الأزلية بين البلدين، ليس شعارا وإنما ليُحيله الى واقع معاش خلال فترة مابعد مبارك، واقع تدعمه الحقائق والأحداث التي جرت في مراحل مختلفة من تاريخهما، وتعاضدهما مع بعضهما البعض في أحلك الظروف وأصعب المواقف التاريخية المشهودة.
إن ما يجمع بين السودان ومصر على صعيد التحديات الإستراتيجية التي تواجه البلدين، وما يقتضي منحها الأولوية السياسية والاقتصادية، يؤكد أن حاجتهما لبعضهما تتجاوز بكثير ما كان عليه الحال قبيل ثورة 25 يناير. فقد ظل السودان باستمرار في العقل الشعبي المصرى كياناً تاريخياً يستدعي في ذاكرته مايربطه بأشقائه فى السودان من أواصر أخوة ودم. ولم تأت زيارة الدكتور عصام شرف للخرطوم كأول محطة خارجية له بعد توليه رئاسة الوزراء، إلا تعبيراً عن نفس المصريين الدافئ حيال السوان والسودانيين، وحرص القيادة الجديدة على المصالح الحقيقية لمستقبل الشعب المصري في أمنه المائي والغذائي والإستراتيجي، فى إدراك متقدم يختبر المفاعيل الحقيقية لثمرة العلاقة الجادة بين البلدين، ليعكس رؤية أستاذ جامعي وأكاديمي مرموق، أتى به شباب الثورة إلى رئاسة الوزارة، فعرف من خلال وعيه المتقدم أن الإتجاه نحو الجنوب هو بوصلة الطريق الحقيقي إلى مصر الآمنة، والحرة بقوتها وقرارها. الشباب السوداني أكد رغبته في بناء علاقات إستراتيجية متينة ترتكز على مراعاة المصالح المشتركة للشعبين، وإحداث تغيير جذرى بالتنسيق مع شباب الثورة لإزالة كل ما كان يكبل إنطلاق البلدين نحو تحقيق المصالح الإقتصادية والإستراتيجية، مثمنأً التوجه المصري الجاد لإحياء العلاقات السودانية المصرية ضمن أفق استراتيجي تدعمه الإرادة السياسية في أرض الكنانة، وهي تخطو بثبات لإستعادة دورها الريادى فى الأمتين العربية والإسلامية، وفتح صفحة جديدة تتجاوز مرارات فترة مصر مبارك.. صفحة تتم فيها تسويات حقيقية لما كان مسكوتاً عنه في السابق وفق المصالح المشتركة والقوانين الدولية. الحكومة فى أعلى مستوياتها فتحت صدرها وعقلها مرحبة بشباب التغيير والنخبة السياسية الزائرة للبلاد، وأكدت حرصها على إعادة تكامل العلاقات الرسمية بين البلدبن فى كافة المجالات، لبناء مستقبل واعد وأقتصاد قوى يمكن الدولتين من لعب دورهما الريادى في الوطن العربي والإفريقي، وتبنى وتنفيذ أية مبادرة رسمية كانت أو شعبية بما يحقق هذه الريادة، كما أكدت دعمها لمصر الثورة فى المحافل الرياضية وأعادتها للإلتحاق بالإتحاد العربى الأفريقي الذي غابت عنه إبان الرئيس المخلوع، في تأكيد على أن شباب الثورة هم المعول عليهم فى تحقيق نهضة مصر والصحوة والتحرير للعالم العربي والإسلامي. ويأتى هذا متسقاً مع ما أمنت عليه النخبة المصرية على ضرورة مراجعة دور مصر الأفريقي، ويؤكد المسؤولون المصريون في مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير أن إهمال النظام السابق للواقع الجغرافي للدولة المصرية في أفريقيا وحصرها في أنها دولة متوسطية أو عربية فقط ، قاد المفاوضات خلال فترة مبارك مع دول حوض النيل إلى حافة الفشل. من جهتهم أكد الشباب المصرى إن تعزيز العلاقة بين الخرطوموالقاهرة جاء هدفاً رئيسياً وإستراتيجياً من زيارتهم السودان، وأعربوا عن أملهم في مستقبل مشرق للبلدين يقوم على التواصل والتنسيق التام بين شباب السودان ومصر . مؤكدين على أن تفعيل الموروث الثقافى بين الدولتين واستغلال الموارد فيهما هو السبيل للتقدم الاقتصادى لهما . وأتفق الطرفان على بناء أرضية صلبة لاقامة المشروعات والمبادرات التى تخدم مصالح الشعبين، والإستفادة من المساحات المشتركة بين شباب البلدين . الزيارات الرسمية التى قام بها المسئولين بالبلدين، والتي إبتدرها رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير كأول رئيس عربي يصل القاهرة مهنئاً ومباركاً ومؤيداً لخيار الشعب المصرى، وإختيار رئيس الوزراء المصرى الدكتور عصام شرف الخرطوم أول محطة خارجية له بعد توليه مقاليد الأمور بأرض الكنانة، وترحيب السودانيين حكومة وشعباً وشباباً بالشباب الذى فجر ثورة الخامس والعشرين من يناير، وقد قدم نموذجاً فريداً فى رفض الظلم والقهر والإستبداد.. يعكس مدى التقارب بين الشعبين بعد أتجهت مصر حكومة وشباباً جنوباً لأشقائهم الذين كثيراً ما سعوا لإقامة علاقات إستراتيجية ندية، حال القصور في الفكر الإستراتيجى لمبارك دون تحقيقها.. واليوم وفد إندفعت مصر الثورة بكلياتها نحو السودان، وقد أستقبلهم يصدر رحب لن يألو جهداً فى فتح صفحة جديدة مع مصر التاريخ والحضارة والريادة، والدفع بشراكة إستراتيجية بين البلدين، وصولاً إلى تكامل حقيقى يمثل لبنة لتكامل عربي يجعل من الأمة العربية قوة تقف في وجه قوى الإستكبار التي تسعى لإخضاعها والنيل من مقدراتها.