تعتبر صناعة الأسمنت من الصناعات الاستراتيجية المولدة لصناعات أخرى وغالباً ما يكون المنتج مدخل لصناعات أخرى كما أنه يساعد على انتشار العمران الحضرى. وصناعة الأسمنت من الصناعات الأولى التي نالت قصب السبق في خارطة الصناعة السودانية ارتباطاً بقيام أول مشروع إنمائي في مجال الطاقة والري بالسودان حيث أنشيء مصنع أسمنت مكوار خصيصاً لتوفير احتياجات بناء خزان سنار . ثم جاء بعد ذلك قيام مصنع أسمنت عطبرة عام 1947م بطاقة إنتاجة بلغت (400) ألف طن ثم مصنع أسمنت ربك عام 1970م بطاقة إنتاجية (100) ألف طن ،والطاقة الإنتاجية للمصنعين لا تلبي احتياجات البلاد لذا كان الاعتماد شبه كامل على الاستيراد والذي أصبح يغطي حوالي (85%) من احتياجات البلاد. وفي ظل تنامي الطلب على سلعة الأسمنت كان لابد من تنفيذ برامج للتأهيل والتحديث فى مصنع عطبرة تبعه قرار الخصخصة الكامل للمصنع ، وكذلك خصخصة اسهم الحكومة فى مصنع اسمنت ربك والتي تتجاوز ال80% من اسهم المصنع لاتاحة الفرصة للقطاع الخاص لتنفيذ مشروعات التوسع والتحديث. وأصدرت وزارة الصناعة مؤخرا تقريراً حول صناعة الأسمنت بالبلاد ، تناولت فيه جملة من المعطيات بداية من تطور إنتاج الأسمنت في الربع الأخير من عام 2008م حيث كان بالبلاد مصنعين لإنتاج الأسمنت البورتلاندي هما مصنع أسمنت عطبرة وشركة النيل للأسمنت ربك وفي منتصف أكتوبر من العام2008م بدأت الاستثمارات الجديدة تدخل دائرة الإنتاج وكان أولها شركة السلام للأسمنت بإنتاج (16) ألف طن كإنتاج تجريبي للربع الأخير من عام 2008م من بعدها قفز الإنتاج إلى أكثر من الضعف ، وبنهاية عام 2010م اكتملت جميع المصانع التي كانت تحت التشييد ودخلت دائرة الإنتاج وبدأ الإنتاج يتصاعد تدريجياً بالرغم من توقف مصنع عطبرة القديم في يناير من العام 2010م لتهالك آلياته وعدم كفاءة تشغيله وبالمقابل دخل مصنع عطبرة الجديد في فبراير من نفس العام. مصنع النيل للأسمنت (ربك) اكتمل إعادة تأهيله بطاقة قصوى (1000) طن في اليوم وفي مايو دخل مصنع بربر وأعقبه مصنع التكامل في أغسطس وآخر مصنع كان مصنع الشمال للأسمنت في منتصف ديسمبر. وبلغ مجموع إنتاج المصانع الاربعة في الربع الأول من العام 2010(398) ألف طن وهو ما لم يحقق طيلة العشر سنوات السابقة حتى عام 2008م وإنتاج الربع الثاني لوحدة معادلة الإنتاج عام 2009م تقريباً. أما إنتاج نصف العام فقد بلغ (993) ألف طن وهو يزيد عن إنتاج عام 2009م بحوالي (372) ألف أى بنسبة زيادة (60%) ، وهكذا استمر التصاعد والنمو في الإنتاج خلال النصف الثاني حيث بلغ الإنتاج السنوي قرابة المليون طنا مقارنة مع إنتاج 2009م البالغ (621) طن بزيادة (22.2%). الاستثمار في مجال صناعة الأسمنت: السودان قطر يمتلك إمكانيات عالية في مجال الاستثمار خارج قطاع النفط ويحتاج إلى خطوات واسعة في مجال إعمار البنية التحتية حيث النمو المضطرد للاقتصاد الوطني والتوسع في إنشاء البنيات التحتية والخدمية والسكنية ومع وجود المناخ الجاذب للاستثمار وتوفير مدخلات الإنتاج ذات الجودة العالية ووجود السوق والسعر المجزي كل هذه المعطيات اجتمعت وجعلت الإقبال الكبير على صناعة الأسمنت وتم إصدار عدد من التراخيص بلغت (40) ترخيص خلال الفترة من 2000م -2010م. حيث بلغت المشروعات غير المنفذة ثلاثون مشروعاً تمثل (75%) من جملة التراخيص المصدقة معظمها بولاية نهر النيل (12) مشروع ، عشرة منها مملوكة لمستثمرين وطنيين وواحد لمستثمر قطري والثاني لمستثمر سعودي، معظم هذه التراخيص مضى عليها أكثر من خمس سنوات مما يبرهن على عدم جدية المستثمر وحيازته للمحاجر بغرض التجارة وليس الإنتاج. أما المصانع المتوقفة فهي مصنعين هما مصنع أسمنت عطبرة القديم ولا يتوقع مزاولة نشاطه قريباً إلا بعد تأهيله وتحديثه نسبة لتقادم وتهالك خطوط إنتاجه والمصنع الآخر موقعه بولاية الخرطوم يقوم بإنتاج الأسمنت من طحن الكلنكر وتوقف عن الإنتاج بسبب التعثر المالي، ويوجد مصنع واحد تحت التشييد المنصع السوداني للأسمنت بولاية نهر النيل وطالت فترة اكتماله للخلاف بين المالك والجهة المنفذة ومن ناحية أخرى عدم توفر التمويل. أما المشروعات الجديدة التي نفذت في قطاع الأسمنت فبلغ عددها سبعة مصانع خمسة منها بولاية نهر النيل وواحد بولاية النيل الأبيض إعادة تأهيل وتحديث والسابع بولاية الجزيرة ينتج الأسمنت بطحن الكلنكر، تم تنفيذ خمسة مصانع استثمار عربي سوداني وواحد تركي وآخر سوداني وقد بلغ حجم الاستثمارات للمصانع العاملة (1.389) مليار دولار بعمالة وطنية بلغت (1809)ألف عامل منها (355) عامل مؤقت. أما العمالة الأجنبية فبلغت (446) عامل بنسبة (25%) ويرجع السبب في ذلك لحداثة المصانع وتدريب العمالة السودانية. وقد بلغت الطاقات القصوى (24773) ألف طن أسمنت في اليوم ما يعادل (7.4) مليون طن في العام. حجم الاستهلاك: حجم الاستهلاك مقارنة ما بين الإنتاج والاستهلاك خلال الخمس سنوات الماضية كانت الكميات المعروضة في العام 2006م (1.858) مليون طن وقفزت إلى (2.3) في العام 2007م وبسبب وقف الاستيراد من جمهورية مصر انخفضت الكميات إلى (2) مليون طن في عام 2008م. وفي عام 2009م عادت الكميات إلى طبيعتها مساوية للكميات التى كانت المعروضة في العام 2007م ، بينما ظل الأسمنت المستورد مهيمن على السوق المحلي بنسبة 85% و 15% لصالح الإنتاج الوطني. وفي العام 2009م ارتفع نصيب الإنتاج الوطني إلى 27% مقابل انخفاض الاستيراد من 85% إلى 73% ، وبعد اكتمال دخول مصانع الأسمنت الجديدة دائرة الإنتاج بدأ الإنتاج الوطني في الازدياد مع انخفاض ملحوظ فى الكميات للأسمنت المستورد ، وبنهاية عام 2010م كانت الكميات المعروضة للاستهلاك في حدود 3 مليون طن. ويمكن تحديد حجم الاستهلاك في حدود اثنين مليون طن في العام 2006م ، و (2.3) في عام 2009م بنسبة زيادة (15%) ، وفي عام 2010م ارتفه الاستهلاك الى ثلاثة مليون طن تقريبا ، ومن المتوقع أن يزداد ليكون في حدود (3.2) مليون طن خلال العام الحالى 2011م.وقد اختفت كل انواع الاسمنت المستورد من السوق تماما وبات الانتاج المحلى هو سيد الموقف . موقف الأسعار: شهدت الاسواق المحلية استقراراً ملحوظاً في أسعار الأسمنت حتى نهاية عام 2007م وفي الربع الأول من عام 2008م قفزت الأسعار بمعدلات عالية ووصل سعر الطن إلى ألف جنيه بسبب وقف صادر الأسمنت المصري للسودان المتحكم الرئيسى في عرض وأسعار هذه السلعة. وفي أواخر عام 2008م بدأ دخول الأسمنت عبر منافذ أخرى إضافة إلى الدخول الجزئي للمصانع الجديدة كل هذا أدى إلى انخفاض تدريجي في الأسعار. وفي الربع الأول من عام 2009م انخفضت الأسعار واستقرت في حدود (575) جنيه للطن تسليم الخرطوم. ومنذ الربع الأخير من عام 2010م أصبح الإنتاج الوطني هو المسيطر على الأسعار الداخلية نسبة لارتفاع مساهمته في تغطية حجم الاستهلاك بنسبة (72%) بدلاً عن (15%) وأكثر عناصر التكاليف المؤثرة في أسعار الأسمنت المحلي تتمثل في القوى المحركة من محروقات وكهرباء وتمثل حوالي (35%) من تكاليف الإنتاج و (15%) لمستلزمات الإنتاج و (6%) لتكلفة التمويل. ونتيجة لاكتمال المصانع الجديدة ودخولها دائرة الإنتاج بنهاية أكتوبر احتدت المنافسة بين هذه المصانع وانخفضت الأسعار بصورة ملحوظة وبوتيرة سريعة من (575) جنيه للطن ، إلى (500) إلى (450) إلى (425) إلى (397) وأخيراً إلى (380) جنيها. المشاكل والحلول: على المستوى الاتحادي في مجال الرسوم الجمركية والضرائبية وبناء على توجيهات مجلس الوزراء تم إزالة التشوهات الجمركية بين الإنتاج الوطني والاجنبى، فقد تم تخفيض رسوم الإنتاج من 20% إلى 5% مع تعديل التكلفة بفرض الرسوم من 140 جنيه للطن إلى التكلفة الفعلية وفق الفواتير المقدمة من مصانع الأسمنت. أما الأسمنت المستورد فقد كانت زيادة الرسوم الجمركية من 25% إلى 40% إضافة إلى ذلك معاملة الكلنكر المستورد ذات معاملة الأسمنت عدا الرسم الإضافي مع اخضاعه لضريبة الإنتاج المقررة على الأسمنت المحلي ويتم تقييم الأسمنت بفرض تحصيل الرسوم والضرائب بواقع80 دولار للطن. وبناءً على هذه المعالجات أصبحت الرسوم المحصلة لطن الأسمنت المستورد 40% رسم وارد و 25% رسم إضافي و 10% رسم تنمية و 15% الضريبة على القيمة المضافة ليصبح المجموع 21807 جنيه للطن. أما المشاكل على المستوى الولائي فهي تتخلص في فرض ولاية نهر النيل رسوم ولائية 30 جنيه على الطن وولاية النيل الأبيض 15 جنيه على الطن وفي هذا الشأن كان قرار مجلس الوزراء بتخفيض هذه الرسوم إلى النصف من 30 جنيه إلى 15 جنيه ، وما نفذ فعليا حتى الآن تخفيض رسوم ولاية نهر النيل من 30 جنيها إلى 25 جنيها مع استمرار ولاية النيل الأبيض في تحصيل نفس رسومها. أيضاً من المشاكل التي تم حلها تخفيض تكاليف النقل وتوفير قطع الغيار ومستلزمات الإنتاج وتوفير مواد التعبئة وأخيراً إمداد المصانع بالكهرباء من الشبكة القومية. أهداف وملامح خطة قطاع الأسمنت لعام 2011م تقوم خطة قطاع الأسمنت للعام 2011م على عدة محاور تتمثل في السعي نحو زيادة حجم الاستهلاك المحلي بأكثر من ثلاثة مليون طن والعمل على تصدير الفائض بإزالة كافة العوائق التي تقف أمام تصدير السلعة وتخفيض حدة الفقر بتوفير فرص عمل مباشرة داخل قطاع الأسمنت وفتح أبواب الاستخدام من خلال انعاش القطاعات المرتبطة بهذه الصناعة وتنمية الريف بما يقلل من الهجرة إلى المدن وإقامة مصانع تعبئة تلبي احتياجات مصانع الأسمنت من أكياس التعبئة ومن المتوقع افتتاح أول مصنع تعبئة بمدينة بربر نهاية الشهر الجاري.