بدأت أمس الثلاثاء 25/ يونيو 2013م بمدينة شنغهاي الصينية فعاليات الحوار الإستراتيجي في دورته الثانية، بين السودان والصيّن. يرأس وفد السودان الدكتور نافع علي نافع نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني، ويرأس الجانب الصيني نائب رئيس الجمهورية الصينيّ (لي يونشاو). وكان (لي جين جون) مسؤول العلاقات الخارجية في الحزب الشيوعي الصيني، قد أعلن عن اتخاذ الحزب الشيوعي الصيني قرارًا بترفيع الحوار الصيني السوداني لمستوى نائب الرئيس الصينيّ. كما يشهد اليوم الأربعاء 26/ يونيو 2013م فعالية اللقاء المشترك بين الحزبين الحاكمين في السودان والصيّن، ثمَّ تنتقل الفعاليات إلى العاصمة بكين، لإدارة الحوار الإستراتيجي بين البلدين. جاءت زيارة د. نافع إلى الصين في أعقاب إعلان أمريكا يوم الخميس 20/ يونيو 2013م عن إلغاء زيارته إلى واشنطن. تجدر الإشارة إلى أن وزارة الخارجية الأمريكية كانت قد أعلنت في 22/4/2013م عن قبول حكومة السودان الدعوة الأمريكية لحضور وفد سوداني برئاسة الدكتور نافع علي نافع لإجراء مباحثات صريحة. غير أن الدعوة الأمريكية لزيارة وفد سوداني برئاسة مسؤول رفيع، واجهتها عاصفة من اعتراضات مجموعات اللوبيّ المعادي للسودان. حيث بعد يومين فقط من إعلان الخارجية الأمريكية عن الزيارة، انتقد النائب (فرانك وولف) في رسالة مفتوحة إلى الرئيس أوباما بتاريخ 24/4/2013م خطوة الإدارة الأمريكية في دعوة الوفد السوداني لزيارة واشنطن. وفي 3/ مايو 2013م دافع المتحدّث باسم الخارجية الأمريكية عن موقف الإدارة بدعوة الوفد السوداني إلى واشنطن للتباحث في شأن العلاقات الثنائية بين البلدين. كما أكّد المسؤول الأمريكي أن زيارة الوفد السوداني تشكِّل أرضية مناسبة لحوار متواصل بشأن حلول سلمية مستدامة للصراع. غير أن الضغوط المتصاعدة لجماعات اللوبي ضد زيارة الوفد السّوداني، نجحت في هزيمة الإدارة الأمريكية، لتعلن عن إلغاء زيارة الوفد السوداني، حيث تذرَّعت بأسباب مصطنعة لإلغاء الزيارة. وقد جاء إلغاء زيارة الوفد السوداني في أعقاب الإعلان عن تعيين سوزان رايس في منصب مستشار الأمن القومي الأمريكي. يشار إلى أن سوزان رايس أحد الصقور المعادية للسودان، عندما كانت في عهد الرئيس بيل كلنتون تشغل منصب وكيل وزارة الخارجية الأمريكية، ظلت ترفض مقابلة سفير السودان بواشنطن حتى لحظة مغادرتها المنصب. وقد سبق أن أقرَّ عدو السودان (برندرقاست) في تقريره المنشور على موقع مجموعة (كفاية) بتاريخ 13/ ديسمبر 2012م، بأن جهود سوزان رايس في إنجاز انفصال دولة جنوب السودان لا يقدّر بثمن. وبعد أن أوضح (برندرقاست) جهود سوزان رايس التي أفضت في النهاية إلى انفصال جنوب السودان، أشار أيضًا إلى أن (رايس) قد لعبت الدور الرئيس في قصف مصنع الشفاء للأدوية بالخرطوم بحري في أغسطس 1998م، حيث لم تعتذر الحكومة الأمريكية للسودان حتى اليوم عن خطئها الإستخباري الفاضح. لكن في حين ترفض أمريكا الحوار بينها وبين السودان، وتلغي دعوة الوفد السوداني بذرائع واهية، وتستجيب بلا مقاومة لأدنى ضغط ضد السودان، فقد ظلَّت واشنطن في الإتجاه المعاكس حريصة على أن ترمي بثقلها وراء دولة جنوب السودان. حيث شهدت العاصمة الأمريكية في 16/ أبريل 2013م انعقاد منتدى (الشراكة الإقتصادية لجنوب السودان)، بمشاركة أكثر من (40) دولة ومنظمة عالمية. المؤتمر تمّ تنظيمه بواسطة الولاياتالمتحدة، بالتضامن مع النرويج وبريطانيا والإتحاد الأوربي. حيث تمّ الإعلان في ختام المنتدى عن التزام المانحين بتقديم مبلغ (300) مليون دولار. وبحسب البيان الختامي فإن المانحين كانوا قد قدموا للجنوب فعلياً مبلغًا إجماليًا وصل إلى (1.3) مليار دولار خلال العام. زيارة الدكتور نافع علي نافع المهمة إلى الصيّن، ستكشف بوضوح إن كانت الصيّن حليفًا إستراتيجيًا ترمي بثقلها وراء السودان، كما ترمي أمريكا بثقلها وراء دولة جنوب السودان، أم أن معادلة السياسة الدولية قد نجحت فعليًا في سحب الصين تدريجيًا من جانب السودان، واستدرجت بكين إلى جانب واشنطن، لتصبح الصين لاعبًا جديدًا في قيام (السودان الجديد)!.