مالك الخليفة جاءت اتفاقية أبوجا للسلام تلبية لرغبات وطموحات أهل دارفور في السلام والاستقرار وتبلورت هذه الاتفاقية في ثلاث محاور هي تقسيم السلطة و تقسيم الثروة والترتيبات الأمنية الذي يعتبر الأهم والأساس في إنزال اتفاقية السلام لأرض الواقع. وعلى الصعيد نفسه هل تفلح جهود الحكومة والأطراف الموقعة في دارفور في إنفاذ بند الترتيبات الأمنية ؟ الذي تعترضه بعض العقبات علي الأرض وان مبادرة أهل السودان التي انعقدت مؤخرا بكنانة وضمت كل قيادات الدولة والقوى السياسية الحية في السودان تعد هي الحل الأمثل للقضية فى لجانها السبع التي رفعت توصياتها إلي المقرر العام للجنة بجانب المبادرة العربية الأفريقية المشتركة التي تقودها قطر. ومن هذا الاتجاه أعلنت الحكومة التزامها الكامل بمقررات مبادرة أهل السودان الذي شاركت فيه جميع الأطراف ومثل فيها كل أفراد الشعب السوداني بجميع أشكاله وتوجهاته السياسية واهتمت الحكومة اهتماما زائدا ببند الترتيبات الأمنية منذ الوهلة الأولى للتوقيع إذ شكلت وزارة الدفاع آلية لتنفيذ الاتفاقية وتم تكوين لجنة من القوات المسلحة طافت علي كل ولايات دارفور وعملت علي تنوير العسكريين والتنفيذيين والسياسيين ببنود وموجهات اتفاقية سلام دارفور كما تم القيام بحملة توعية عام 2006م بقيادة الفريق عصمت عبد الرحمن زين العابدين ممثل القوات المسلحة في اتفاقية دارفور وطافت علي ولايات دارفور الثلاث و نجد أن الحكومة بطرحها الواضح والقوي أدي الي انسلاخ بعض الحركات وتم تسميتها(docs). وقامت هذه الحركات بالتوقيع علي وثيقة الألتزام باتفاقية سلام دارفور باديس ابابا وطرابلس والجنينة وهي تتميز عن غيرها من حركات دارفور بأنها تشمل أغلب أثنيات أهل دارفور ولا تحمل أي جهة أو لون قبلي أو سياسي وتمثلت فى حركة تحرير السودان الأم بزعامة أبو القاسم إمام ووقعت بطرابلس وحركة العدل والمساواة جناح السلام بزعامة عبد الرحيم أبو ريشة ووقعت بأديس أبابا وحركة تحرير الإرادة الحرة بزعامة المرحوم البروفيسور عبد الرحمن موسي وخلفه الآن الأستاذ علي مجوك ووقعت بأديس أباباوحركة تحرير السودان بزعامة المهندس إبراهيم موسي مادبو ووقعت بأديس أبابا وحركة القوي الشعبية للحقوق والديمقراطية بزعامة هشام نورين ووقعت بالجنينة وبعد هذا التوقيع عملت مفوضية الترتيبات الأمنية علي تنفيذها وتقديم الدعم اللوجستي غير العسكري علما بأن الدعم اللوجستي حسب نص إتفاقية أبوجا من المفترض أن يشرف عليه الإتحاد الأفريقي بعد إستقطابه من الدول المانحة ولكن نجد أن الدول المانحة تنصلت والحكومة قامت مقام المجتمع الدولي. وإنفاذا لإتفاق سلام دارفور بادرت الحكومة بتشكيل لجنة تحت إشراف السيد نائب رئيس الجمهورية وضمت اللجنة مفوضية الترتيبات الأمنية والشئون الإنسانية ورئاسة الجمهورية بغرض تنظيم الدعم اللوجستي كما تم تكوين لجان لإستلامه بغرض توزيعه. إهتمت الدولة بتقديم الدعم اللوجستي بهدف مساعدة الحركات الموقعة لتجميع قواتهم تمهيدا لعملية إدماجهم بالقوات المسلحة والشرطة ومساعدة الحركات لإعاشة قواتهم بغرض إيقاف الجبايات الغير قانونية من المواطنين بالطرق الرئيسية والأسواق المحلية وكذلك مساعدة الحركات في العمل علي استتباب الأمن والاستقرار بمناطق تواجدهم بالإضافة إلي حماية الحركات من استقطابهم بواسطة الحركات الغير موقعة. تم اعتماد ميزانية الدعم اللوجستي غير العسكري في ميزانية العام 2007م من قبل وزارة المالية الاتحادية جاء علي نحو دعم عيني بمبلغ مئتان وثلاثون ألف جنيه لمقابلة شراء مواد غذائية وتم تسليمه للجان بالفاشرونيالا والجنينة كما تم تقديم دعم عيني من الذرة بواسطة المخزون الاستراتيجي في حدود 1500 جوال شهريا كما تم تقديم دعم مالي في حدود خمسمائة ألف جنيه تم توزيعها كدعم مادي للحركات الموقعة بغرض شراء الأصناف الطازجة الأخرى وشراء أدوية للمقاتلين وإنشاء معسكرات التجميع بالإضافة للأعمال الإدارية الأخرى. بند الترتيبات الأمنية بالرغم من أهميته وهو يشكل العمود الفقري لإتفاق سلام دارفور لكن نجد ان هناك تباطؤ واضح من قبل حركة تحرير السودان جناح مني في التنفيذ وذلك لعدة أسباب منها تأخير حضور السيد مني أركو مناوي رئيس الحركة للخرطوم اذ حضر بعد اربعة شهور من التوقيع نضيف الي ذلك الخلافات داخل حركة تحرير السودان والانقسامات التي شهدتها الحركة بالاضافة الي اللاءات الثلاث التي تعتبرها حركة تحرير السودان شعارا لها وهي( لا للدمج ولا للعمل المشترك ولا للثقة ) مما أدى الي عدم تنفيذبند الترتيبات الامنية فى حينه واستاثرت الحركة بتنفيذ بندي السلطة والثروة وانعكس هذا علي وحدة الحركة وأدت الي هذا الانقسام. وفي هذا الخصوص اوضح التقرير الصادر من مفوضية الترتيبات الامنية ان حركة تحرير السودان أهملت الجانب العسكري وانشغلت بدخول بعض من قواتها العاصمة القومية والمدن الرئيسية بولايات دارفور ومناطق لم يكن بها وجود لقواتهم بدعوى حراسات للسياسيين وتعزيز الثقة مما ادى لاحداث فوضى بالعاصمة (احداث امدرمان 2007م) واحداث اخرى في بعض المدن الرئيسية بولايات دارفور اما بقية القوات اصبحت مهملة وبدأت تمارس أعمال السلب والنهب وفرض الجباية علي الطرق والمحاصيل بالاسواق بينما قياداتهم العسكرية تبحث عن نصيبها في السلطة والثروة وآخرين يتاجرون بالدعم اللوجستي غير العسكري المقدم من قبل الحكومة واهمال القوات أدى الي استقطابهم لصالح الحركات الرافضة لاتفاقية السلام (جبهة الخلاص). واضاف التقرير ان حركة تحرير السودان سعت لعرقلة تكوين مفوضية الترتيبات الأمنية وذلك لرفضها تعيين مفوض الترتيبات الأمنية من قبل الحكومة وموقف الحركة الغير منسجم مع عملية دمح قواتها بالقوات المسلحة والشرطة وادعاء عدم انفاذ بنود الاتفاقية علما بانه تم تجاوز بعض البنود من خلال ورشة عمل مشتركة مع (SLA) لعدم مطابقتها لواقع الحال الزمانى والمكانى لتاخير وصول الحركة.كما نجد ان الحركة رسخت قاعدة المناطق المحررة لدى بعض القادة الميدانيين وفرض سيطرتهم علي السكان (مهاجرية - قريضة - طويلة) وعدم السعي لتهيئة القوات للسلام لعملية الدمج لعدم تنويرهم بالاتفاقية والالتزامات مع الجانب الحكومي لانفاذ الاتفاقية وأثارتهم بان الحكومة لا ترغب في الترتيبات الأمنية مع ملاحظة أن حركة التحرير تجاري الحركة الشعبية بالاحتفاظ بقواتها لمزيد من الضغط علي الحكومة. ومقابل هذا الدعم تم الاتفاق مع جميع الحركات الموقعه لانفاذ برنامج الترتيبات الأمنية يشتمل علي تنفيذ زيارات قوات الحركات بواسطة لجان الحكومية بعد تجميعها - إحصاء القوات ومعرفة امكانياتها - تصنيف القوات للوصول الي مرحلة الدمج بالقوات المسلحة والشرطة علي ان يسلم الدعم بعد الحصر حسب اعداد القوات التي تم حصرها. ولكن نجد انه بالرغم من إيفاء الحكومة بواجبها نحو تقديم الدعم اللوجستي غير العسكري لم تفي الحركات بالبرنامج المتفق عليه علي الرغم من إقرار الحركة علي البرنامج من خلال ورشة العمل المشتركة في ابريل 2007م وبنهاية عام 2007م توقف الدعم اللوجستي غير العسكري لعدم إنفاذ البرنامج المتفق عليه مع الحركات. ومن خلال اجتماع رئيس لجنة إنفاذ اتفاق سلام دارفور د.نافع علي نافع بممثلي الحركات لاتخاذ تدابير أخرى تفضي لإنفاذ الترتيبات الأمنية توصل الاجتماع الي نقطة التقاء بأن يتم تقديم دعم لوجستي غير عسكري مقابل تجميع القوات بمعسكرات التجميع مباشرة لإجراء عملية التصنيف والدمج واختصار البرنامج السابق (الزيارات - الإحصاء – التصنيف.. الخ) تمهيدا لعملية الدمج - اتفق الجميع لمواصلة البرنامج علي هذه الأسس لعام 2008م ماعدا حركة منى التي تحفظت علي تجميع قواتها لاجراء عمية الدمج. وفى مارس 2008م كانت بداية تجميع قوات ال (S DOC) بمعسكر دومايةبمدينة نيالابجنوب دارفور من حركة التحرير جناح السلام بزعامة مادبو وحركة العدل والمساواة ولحقتها حركة التحرير الارادة الحرة ثم حركة التحرير (الأم ) واخيرا الحركة الشعبية للحقوق والديمقراطية حيث اكتملت احراءات التصنيف والكشف الطبى وتوزيع القوات للتجنيد بالقوات المسلحة والشرطة بعد ترشيح اعداد مقدرة منهم لتصنيفهم كضباط والمجموعة الثالثة لدمجها بالمجتمع المدنى (D.D.R).تفاصيل استيعاب الحركات الموقعة علي إتفاق سلام دارفور جاء علي النحو الآتي:- الحركة القوات المسلحة الضباط الرتب الأخري قوات الشرطة الضباط الرتب الأخري الدمج الإجتماعيDDR حركة التحرير(ابوالقاسم) 17 383 6 194 397 حركة التحريرالإرادة الحرة (علي كوكو) 8 122 3 27 179 حركة التحرير جناح السلام (ماديو) 7 93 3 27 250 العدل والمساواة (أبوريشة) 7 123 3 27 150 الحركة الشعبية للحقوق والديمقراطية 9 154 3 40 847 جملة 48 875 18 315 1824 إجمالي المتطوعين بالقوات النظامية 1256 واوضح التقرير انه تم تخريج الدفعة الأولي من الرتب الأخري من منتسبى الحركات الموقعة على اتفاقية السلام بالقوات المسلحة والشرطة في 25 أكتوبر 2008م بمدينة نيالا بحضور السيد مساعد رئيس الجمهورية د.نافع علي نافع ووزير الدفاع والداخلية ووالي جنوب دارفور وجمع غفير من المواطنين،وجاري التحضير لمواصلة عملية الدمج الإجتماعي الDDR مع مفوضية شمال السودان لنزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج. كل هذا الجهد جاري في صمت وتحت إشراف وتمويل من غرفة إتفاق سلام دارفور برئاسة د. نافع علي نافع مساعد رئيس الجمهورية. وذكر التقرير أن SLA لم تستفيد من برنامج الدعم اللوجستي غير العسكري لانها لم تلتزم بتنفيذ بنود جمع القوات وحصرها وهذا عكس ما يروج له إعلام SLA في هذا الخصوص مما جعل الحكومة تتجه لعقد إجتماعات مكثفة مع السيد مني أركو مناوي بمدينة الفاشر وخرجت هذه الإجتماعات بمصفوفة الفاشر وإلتزام الحركة بتجميع قواتها وحصرها وإلتزام الحكومة بدفع تكاليف ومصروفات الجمع والحصر والدمج.ويشير التقرير بأن الفوائد المرتجاه من دمج قوات الحركات تلخصت في إنخفاض جرائم النهب والسلب بنسبة عالية وإنتهاء روح القبلية والجهوية لدي المنتسبين من الحركات بالإضافة إلي مقابلة المواطن العادي في دارفور ولاسيما النازحين هذا الدمح بارتياح ورضاء تام وسادت روح من الطمأنينة والثقة انعكس علي خلق أرضية ثابتة لعودة النازحين إلي قراهم وممارسة نشاطهم الإقتصادي من زراعة ورعي وهذه الحلقة سوف تكتمل بعد دمج قوات SLA المرتقب في هذه الأيام حسب مصفوفة الفاشر. ويبقى سؤال فى الخاطر هل بعد ما تم انجازه من تنمية وإعمار ودمج للقوات ان تظل المعارضة من اجل المعارضة ام من اجل مصلحة الوطن وتحقيق المطالب.