سونا استخدم النشطاء ثورة المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات بجميع أشكالها في العصر الحالي، كأداة فعالة للتعبير عن الرأي بحرية، واستغلوها للحشد بل والفعل، بما يناصر قضية ما، أو يقف ضد فعل ما. وباعتبارها واحدة من أهم الوسائل المعلوماتية، تمتلك شبكة الإنترنت خصوصية ليس فقط لإمكانياتها، وإنما لطبيعة تنظيمها؛ فالإنترنت شبكة لا مركزية غير خاضعة لسلطة أي مؤسسة، يكاد يتساوى فيها كل المتصلين. وبالتالي يحق لأي متصل أن يضيف لها مواقع جديدة بل وتطبيقات جديدة، كما يجوز له أحيانا حذف وربما تدمير ما يحلو له. وكما كانت الشبكة حاضرة كأداة لتحريك المجتمع نحو التغيير، حيث استخدمتها حركة "السلام الأخضر العالمية Greenpeace كوسيلة فاعلة تمكن الأفراد من الفعل والنشاط الإلكتروني في مجال حماية البيئة، لم يقل دورها في العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، وكانت ساحة حرب للجانبين، الضحية والقاتل، مناصري الفلسطينيين، وأنصار العدو الصهيوني. ليحاول كل جانب استغلال أدواتها وإمكاناتها لكسب الرأي العام في صفه. والإنترنت لم تكن الساحة المعلوماتية الوحيد للحرب حيث دخلت أجهزة المحمول، كميدان آخر، أمكن للاعبين فيه كسب نقاط ليست بالقليلة خاصة في الحرب النفسية. وفى هذا يشير دكتور مجدى سعيد رئيس القسم الثقافي و العلمي بإسلام أون لاين فى مقال حول (الفضاء الإلكتروني.. مساحات واسعة من الفعل) وان "التطوع الإلكتروني" مفهوم جديد يقتحم حياتنا الثقافية والاجتماعية، فما بين التطوع الذي صار عنوانا لكل عمل أهلي إيجابي يستهدف درء مفسدة أو جلب منفعة لقوم أو لجنس أو لأمة أو للبشر جميعا، وما بين الفضاء الإلكتروني حيث الإنترنت والمحمول.. ما بين هذا وذاك تحتاج مفردات المفهوم إلى تفكيك، وتحتاج الآليات إلى فهم، وفي هذا المقال نحاول بلورة بعض الأفكار لتفكيك وفهم الشق الثاني من ذلك المفهوم. "الإنترنت وسيلة إعلام واتصال حَوت كل ما سبقها من وسائل الإعلام والاتصال" وقال دكتور مجدى بان ذلك هو المفتاح السحري لفهم خصائص الإنترنت -والذي يمكننا من خلاله أن نقترب من الإنترنت أو الشبكة أو ساحة "الفضاء الإلكتروني"- من العديد من زوايا النظر التي تضيء لنا مساحات الفعل والعمل الإيجابي المتاحة أمامنا من أجل خير المجتمع والإنسانية، والذي يمكننا أن نطلق عليه مصطلح: "التطوع الإلكتروني"واستعرض ذلك فى انه 1- من متلق إلى صانع للرسالة الإعلامية: لم يعد للتقسيم الكلاسيكي لعناصر العملية الإعلامية مكان على الإنترنت، وهو تقسيم يتضمن مستقبلا ومرسلا للرسالة الإعلامية في عملية ذات اتجاه واحد، فقد أعطت الإنترنت إمكانية أكبر للمواطن لكي يتحول إلى صحفي أو صانع للرسالة الإعلامية يستطيع بسهولة ويسر وبتكاليف قليلة أن يصنع إعلامه البديل والتي يصنع من خلالها الخبر والتقرير والتحقيق والحوار والتقرير الصوتي والمصور والفيديو وسائر أشكال العمل الإعلامي ليضعها على موقعه أو البلوجر الخاص به أو يرسلها عبر مجموعته البريدية فيوفر بها المعلومة ويصنع الوعي. بل ويمكنه أن يصنع وسائل الترفيه البديلة من أغنية وفيلم ومسرحية وموسيقى، والتي يمكنه أن يحولها من أداة للإلهاء وتخدير المشاعر إلى وسيلة لشحذ الهمم ومقاومة الظلم والاستبداد 2- أهلا بك عضوا في مجتمع تخيلي: من أبرز السمات في شبكة الإنترنت بصفة خاصة أنها تمكنك أو تجعلك عضوا في مجتمع أو مجموعة مجتمعات تخيلية Virtual Community مختلفة ومتنوعة في إطار عام وأوسع من مجتمع عالمي يضم كل مستخدمي شبكة الإنترنت، والمجتمع كما هو معروف يضم في العادة عددا من الأعضاء الذين يجمعهم انتماء أو اهتمام واحد والذين يتجمعون في مكان ما وهو هنا مساحة أو جزء من الفضاء الإلكتروني Cyberspace، ومن هنا جاءت صفة التخيلي Virtual، والذين تنشأ من خلال تواجدهم في صعيد واحد مجموعة من العلاقات والتفاعلات فيما بينهم نتيجة لهذا. هذه العلاقات والتفاعلات حول القضية أو الموضوع الذي جعلهم يتجمعون هي بيت القصيد في نشوء تلك "المجتمعات"، والشكل المتعارف عليه من تلك المجتمعات هو المجموعات البريدية، أو ساحات الحوار.. وغيرها، والتي ألفت من أجل الحديث في الأبعاد الفلسفية والتقنية لإنشائها العديد من الدراسات والكتب منها: "بناء المجتمعات على الشبكة" لمؤلفته آمي جو كيم، كما يمكن الاطلاع على نموذج من تلك المجتمعات: المجموعة البريدية ل"رابطة الإعلاميين العلميين العرب". 3- قدرة هائلة على الحشد والتفعيل: من أبرز سمات وخصائص الإنترنت أيضا هي كونها صارت أداة هائلة للحشد والتفعيل، فيمكنك من خلال عدد من رسائل البريد الإلكتروني أن تحشد أنصارا لقضية ما أو للوقوف موقف ما على أرض الواقع، كما يمكنك أن تتبنى حملة لمناصرة قضية ما أو لترويج فكرة أو سلوك ما.. فدعونا نتعرف على أشكال وألوان ذلك الحشد والتفعيل: * الحملات الإلكترونية: في تلك الحملات يتمازج الفعل الإلكتروني مع الفعل على أرض الواقع وذلك من خلال ما يعرف ب"الحملات الإلكترونية" * التدريب الإلكتروني: فالحملات الإلكترونية ليست هي كل ما يمكن أن يصنف تحت راية "التفعيل" حيث تعاظم شيئا فشيئا دور التعليم و"التدريب الإلكتروني" في إكساب عدد من مهارات الحياة التي تطور من معارف الناس ومهاراتهم من أجل حياة أكثر فعالية ونجاحا * النشاط الإلكتروني: ويمكننا أن نضم ذلك كله فيما يعرف بالنشاط الإلكتروني Cyber-activism والذي سبقنا القوم إليه فوثقوا معارفهم وخبراتهم فيه من خلال تجريدها حتى يسهل نقلها إلى الآخرين في شكل دورات تدريبية متاحة باللغة الإنجليزية ومنها دورة "الناشط الإلكتروني". * الناشط الجوال: هذا عن التفعيل.. أما الحشد فإضافة إلى رسائل البريد الإلكتروني فقد دخلت الرسائل القصيرة عبر أجهزة التليفون المحمول على الخط لتثبت أنها الأسرع والأكثر فعالية، ويمكنكم مطالعة الموقع المتخصص في الحديث حول النشاط المجتمعي والإنساني من خلال التليفون المحمول "الناشط الجوال". 4- إعلان المبادئ من صياغة البرمجيات إلى المواقف السياسية: من بين ما تتيحه الإنترنت والفضاء الإلكتروني بشكل عام إمكانية أن يعلن الإنسان عن مبادئه التي يؤمن بها بل ويعمل على تحقيقها في الواقع "الإلكتروني"، ومن أمثلة ذلك: * حركة البرمجيات الحرة والمصادر المفتوحة: وهي حركة تناهض احتكار الشركات الكبرى لبرمجيات الكمبيوتر والإنترنت وتجعل منها مصدرا متاحا ومفتوحا لمن يستطيع المساهمة في تطويره؛ وهو الأمر الذي تبلور فيما يعرف ب"حركة البرمجيات الحرة" ( * الدفاع عن حرية التعبير والخصوصية: حيث يشمل إعلان المبادئ: المدافعين عن حرية التعبير أو الخصوصية على الإنترنت * الدفاع عن تأميم الإنترنت: كما يشمل المدافعين عن تأميم الإنترنت في مقابل أمركتها * العصيان المدني الإلكتروني: وإذا كان كل ما سبق هو إعلان مواقف ومبادئ في قضايا متعلقة بالإنترنت ذاتها، فإن هناك مساحة أيضا لإعلان المواقف والمبادئ في القضايا السياسية والاجتماعية بشكل عام، وهو ما يأخذ في حده الأقصى شكل إعلان العصيان المدني الإلكتروني إشارات مرور واستعرض دكتور مجدى بعض نماذج الفعل الأهلي الطوعي عبر الإنترنت أن نضيء بعض المساحات المهمة في مسيرتنا عبر الشبكة: - مفاهيم جديدة للزمان والمكان: لعلها من أهم الإشارات التي نلتقطها من تعاملنا مع الإنترنت؛ ففواصل الزمان والمكان لا وجود لها.. وما ينتجه أو يكتبه زائر للشبكة في أقصى الشرق يستطيع في نفس اللحظة أن يقرأه أو يراه آخر في أقصى الغرب.. ومن ثم فإن المنتج الفكري أو الثقافي أو الفقهي يسبح هكذا في الفضاء حيث لا مكان ولا زمان. وهذا ما يجعلنا نحاذر بشدة فيما نرسل وفيما نستقبل من منتجات. وقال انه علينا أن نؤقلم عقلياتنا على الخروج من أسر التفكير المحلي أو العرقي أو القومي المحدود. نحن هنا مجرد كائنات بشرية في مجتمع إنساني، وعلينا أن نتفكر فيما يلقي علينا ذلك من تبعات قد تساهم في تشكيل من نلتقي به على خيوط الشبكة العنكبوتية. واضاف دكتور مجدى انه لا بد أن نتذكر أن الإنترنت ما زالت هي إحدى أدوات وأسلحة العولمة في تجلياتها الثقافية والاقتصادية.. فمن التحكم في الشبكة، إلى صناعة الأجهزة وبرمجياتها، إلى التجارة الإلكترونية، وتدفقات الأموال عبر الشبكة، ومرورا بالمنتجات الثقافية الغربية الطاغية سواء في صياغة ما يقوم على الشبكة من قوالب وأشكال أو ما يتاح على صفحاتها ومواقعها من نواتج تلك الثقافة. واشار بان كل ذلك يعد ما هو إلا لون من ألوان العولمة الاحتكارية الاقتصادية والعولمة الطاغية أو الساعية للطغيان ثقافياً.