خدمة : (smc) لماذا نهتم بالسودان ونعطيه هذا القدر من الأهمية، ولماذا التدخل في شئونه الداخلية في الجنوب سابقاً وفي دارفور حالياً، طالما أن السودان لا يجاورنا جغرافياً، وطالما إن مشاركته في إسرائيل معدومة ..!! طرح هذه الأسئلة وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي في مستهل محاضرة نشرها معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي في سبتمبر من العام الماضي وكذلك بعض الصحف السودانية والتي نقلت الخطوط الإستراتيجية الرئيسية. ويقول أفي ديختر وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي: للإجابة علي هذه الأسئلة يتعين أن نسجل هنا عدة نقاط محورية تكفي لتقديم إجابات علي هذه التساؤلات، أولاً -والحديث لوزير الأمن الإسرائيلي- أن السودان بموارده ومساحاته الشاسعة وعدد سكانه كان من الممكن أن يصبح دولة إقليمية قوية منافسة لدول عربية رئيسية، لكن السودان ونتيجة لأزمات داخلية فوّت الفرصة في تحوله إلي قوة إقليمية. يقول ديختر كانت هنالك تقديرات إسرائيلية حتى مع بداية استقلال السودان في منتصف عقد الخمسينات، أنه لا يجب أن يسمح لهذا البلد رغم بعده عنا أن يصبح قوة مضافة إلي قوة العالم العربي، لأن موارده إن استثمرت في ظل أوضاع مستقرة ستجعل منه قوة يحسب لها ألف حساب، وفي ضوء هذه التقديرات كان علي إسرائيل أو الجهات ذات العلاقة أن تتجه إلي هذه الساحة وتعمل علي مفاقمة الأزمات وإنتاج أزمات جديدة حتى تكون حاصل هذه الأزمات معضلة يصعب معالجتها فيما بعد. ويواصل ديختر: كان لابد أن نعمل علي أضعاف السودان وانتزاع المبادرة منه لبناء دولة قوية موحدة فكانت البداية بجنوب السودان، والآن نحن موجودون في دارفور ولحسن الطالع إن العالم يتفق معنا من أنه لابد من التدخل في دارفور سياسياً واجتماعياً وعسكرياً، وإن صانعوا القرار في إسرائيل كانوا من الأوائل والمبادرين إلي وضع خطة للتدخل الإسرائيلي في دارفور في عام 2003م والفضل يعود إلي رئيس الوزراء السابق أرييل شارون. ويؤكد ديختر بأنه لابد من التركيز مرة أخري بأن قدراً مهماً وكبيراً من أهدافنا في السودان قد تحققت، وينهي ديختر مدير الأمن الداخلي الإسرائيلي تناوله للمحور السوداني في محاضرته: تأكيداً علي أن إستراتيجيتنا التي ترجمت في جنوب السودان سابقاً وفي غربه حالياً استطاعت إن تفيد مجري الأوضاع في السودان نحو التأزم والتدهور والانقسام، وأصبح يتعذر الآن الحديث عن تحول السودان إلي دولة إقليمية كبرى وقوى داعمة للدول العربية التي نطلق عليها دول المواجهة مع إسرائيل. ومن خلال هذه المحاضرة ينكشف الدور الإسرائيلي القديم والسعي المتواصل في التدخل في شئون السودان والمخطط الذي تسعي إسرائيل تنفيذه في دارفور. الدعم المكشوف لحركات التمرد أورد موقع وكالة الأخبار الإسلامية "نبأ" نقلاً عن مجلة العصر أن أجهزة الأمن الأردنية كشفت عن وجود أثنين من مهربي الأسلحة يحملون جوازات سفر إسرائيلية، تبين من التحقيقات التي تمت معهما تورطهما في تهريب أسلحة لمتمردين دارفور، وأن من بين المتهمين رجل يعمل بصورة مباشرة مع "داني ياتوم" الابن الأصغر لمدير الموساد السابق، وهو الذي أدلي بمعلومات مؤكدة تفيد بتورطه و "شيمون نادو" وهو صاحب شركة استيراد وتصدير إسرائيلية في تهريب أسلحة لإقليم دارفور، وأنهم ساعدوا بعض الأفراد من حركات التمرد في الإقليم السوداني بتلقي التدريبات العسكرية في إسرائيل بصفة رسمية. وخلال تطور الأحداث كان الدعم الإسرائيلي عبر الحدود لحركات التمرد في الإقليم وتسلحهم وإغراق الإقليم بالأسلحة حتى أصبحت دارفور مستورداً أساسياً للسلاح في أفريقيا. التحركات الإسرائيلية لاستيعاب لاجئي دارفور كجزء من المخطط الإسرائيلي تجاه قضية دارفور كانت واضحة، فقد كشفت صحيفة لوموند الفرنسية الصادرة في شهر أغسطس من عام 2007م عن وجود تحركات إسرائيلية حثيثة لاستيعاب لاجي دارفور باعتبار أنهم يتعرضون لمذابح تشبه مذابح اليهود. وكشفت الصحيفة الفرنسية أن الأشهر الثلاثة الأخيرة فقط شهدت وصول (1300) سوداني ثلثهم من سكان دارفور، وأضافت لوموند أن هنالك جمعيات إسرائيلية وجمعيات يهودية أمريكية قد ظهرت في الآونة الأخيرة وتهدف إلي (مساعدة سكان دارفور)، بل واستيعاب من يلجأ لإسرائيل منهم. وكشفت الصحيفة أنه تم بالفعل استيعاب نحو (500) لأجي دخلوا إسرائيل بطرق مختلفة. وهذه الخطوة المكشوفة ترمي إسرائيل من وراءها إلي أن يصبح هؤلاء اللاجئين يهود إسرائيليين تقوم إسرائيل باستخدامهم في المخطط المرسوم في دارفور. إسرائيل في ملعب المفاوضات في الوقت الذي كانت تنهمك فيه الحكومة في الوصول إلي سلام في دارفور من خلال مفاوضات أبوجا التي وقع عليها رئيس حركة تحرير السودان اركو مناوي، في هذا الوقت كشفت مواقع علي شبكة الانترنت عن تسلم أحد قادة العدل والمساواة مبلغ (50) ألف جنية إسترليني من أحد موظفي السفارة الإسرائيلية الذي لم ينس أن يذكره أن يلتقيا مرة أخري بعد عودة الأخير من أبوجا..وهذا يكشف الدعم الإسرائيلي للحركات المتمردة وإغرائها بالمال حتى لا تصل إلي سلام أو التوقيع علي وثيقة سلام، فكلما أعلن عن مفاوضات تنشط إسرائيل نحو الحركات المسلحة وتقديم الأموال لها حتى لا تصل إلي اتفاق، ومبلغ ال (50) ألف جنيه إسترليني هو ثمن هذه الحركات لتبيع وطنها وتبيع إنسان دارفور. وكشفت صحيفة الحياة في عام 2006م ومن مصادر خاصة عن لقاء ثم بين خليل إبراهيم ووفد يهودي في لندن أستمر لساعات طويلة وبشكل سري. وكشفت المصادر أن المهمة اليهودية هدفت إلي إبلاغ رسالة للحركات فحواها أن تحالف إنقاذ دارفور يقف في خندق واحد مع الحركات المتمردة لمواصلة نشاطها المناهض لعملية السلام في دارفور. وأن الرسالة طمأنت الحركات بأن القوات الدولية آتية وأنها ستعمل علي إسقاط نظام الإنقاذ وتقديم قادته للمحاكمة الدولية، وهذا ما يفسر رفض بعض حركات دارفور التوقيع علي أبوجا وهو الوعود بالدعم في الوقت الذي يحاول فيه تحالف إنقاذ دارفور نقل المعركة إلي أوربا بناء علي نصائح يهودية. وفي السياق نفسه فإن زيارة عبد الواحد إلي إسرائيل المتكررة تصب في ذات الاتجاه، وهذا ما جعل حركة عبد الواحد ترفض مجرد الجلوس في مفاوضات الدوحة الأخيرة. هذا هو الدور الإسرائيلي في إفشال سلام دارفور ومخططه المرسوم لتقويض أي محاولة للوصول إلي سلام في دارفور. ولعل الأمر قد أصبح مكشوفاً للجميع مهما أدعت هذه الحركات استقلاليتها وترفع شعاراتها التي تكذب الواقع. المشهد السياسي بات الآن أكثر وضوحاً، وما تقوم به الحكومة من مجهودات من أجل السلام والاستقرار في دارفور أمر واضح ً للجميع. ومع أن السلام لن يتحقق من طرف واحد تظل حركات دارفور المتمردة علي الوطن والإنسان تقبع في أحضان إسرائيل لتتحمل مسئولية ما يحدث في دارفور.