الأسبوع الماضي أمام البوابة الجنوبية لمستشفى الخرطوم، كل شيء كان مأساوياً جدّاً، حين أغلق مصابو مرضى الكلى بمركز الخرطوم للغسيل الشارع المقابل للمستشفى أمام حركة المرور ، احتجاجاً على امتناع العاملين بالمركز من إجراء عمليات الغسيل للمرضى بحجة عدم سداد إدارة المستشفى لمستحقاتهم المالية. منظر مؤلم أبكى حتى حجارة الإسفلت التي تمددت عليها أجساد بعض المرضى المنهكة من المرض. أرجل بعضهم متورمة، وصام آخرون عن الطعام خوفا من تراكم السموم على أجسامهم، ليس هناك أقسى من هذا المشهد الذي ترتعد له الفرائص وأنت ترى في هؤلاء نفسك .. ابنك ، أبوك أو أمك .. أخوك أكثر من ثلاث سنوات ومرضى الكلى بين كفي عفريت الحكومة، مرة تعصرهم قضية جودة الدواء وتوفره إذ أنها لا تتوانى في أن تتعامل معهم كفئران تجارب للأدوية متدنية الجودة، ، وأخرى يشكون من تراجع كفاءة الماكينات والمعدات ونقص الكوادر ،، وكثيرون منهم ماتوا بسبب انعدام العلاج أو رداءته حالهم حال معظم المرضي في بلاد يعاني من الفقر المدقع، أطباؤها وبنياتها الصحية أكثر من ثلاثمائة مريض بالفشل الكلوي ، خرجوا للشارع ذاك اليوم احتجاجاً على عدم تمكنهم من إجراء عملية الغسيل الدوري، ومن بينهم مرضى لم تجر لهم عمليات غسيل لأكثر من أسبوعين ، وساءت حالتهم لدرجة خطيرة. خبر قد يهز أعتي عروش الوزارات الخدمية في العالم ، إذ أن تلك المظاهرات قد دللت بما لا يدع مجالا للشك بأن الخدمات الصحية ، تزداد تدهورا مع شروق كل شمس ، وأن تذمر الناس من خدمات وزارة الصحة قد وصل إلى أعلى درجات الغليان لكن هنا في السودان من يهتم لأنين المرضى، وإحساس أهاليهم بالقهر ووقوفهم موقف العاجز بين جشع المستشفيات الخاصه، والإهمال الحكومي، فالوضع الصحي المُزري ضَارب ٌ أوتاده بطمأنينة وثقة ، وقد انقرضت المُسَاءلة ٍ أو المُحَاسبة ِ من قاموس هذه الإدارة .التي هَضمت حقوق المرضى الصحيَّة والإنسانية فلا مُجيبَ لاستغاثاتهم . والانجازات المحدودة والضئيلة لوزارة الصحة وإداراتها المختلفة اتحاديا وولائيا « تستحق أن تطلق عليها بجدارة اسم « وزارة « المرض» بدلا عن «الصحة لقد فشلت الدولة حتى الآن في التعامل مع تلك القضية ،لأنها تضع الصحة في ذيل قائمة اهتماماتها ، إذ لم تتعد ،ميزانيتها على أحسن الفروض 2,9% من ميزانية الدولة كأكبر شاهد على سوء توزيع أموال التسيير المصدقة في الميزانية من قبل وزارة المالية. ناهيك عن قصص الفساد التي تنهش أطراف ادارات الصحة من كل جانب إن لإنهيار هذه الادارة أثرا سالبا على المتعاملين معها، إذ ضُعفت وكادت تغيب خدماتها ،ووصل الأمر إلى حد أن زهقت أرواح، و الجهات الحكومية المعنية بالأمر صمت آذانها عن نداءات الإصلاح ما فاقم المشكلة ، ولم يكن لإبدال المسئولين في الإدارة الطبية والصحية اثر يذكر
والغريب في الامر أن جميع ضمائر أهل الدولة تنام في طمأنينة ، تتجافى جنوبهم عن حقوق المرضى في السودان ، ويتغافلون خطورتهم ، ولكنهم لا يدركون أنهم قد يكونون وقود ثورة إذا ما خرجوا في مسيرات ومظاهرات تشهد على انتهاك أقدس الحقوق وأقدمها، حق الحياة
!! لذا لا تستغربوا أن وجدتم الموتى ذات يوم يتظاهرون في شوارع الخرطوم،فقد حان دورهم للاحتجاج ، بعد أن احتج طوب الأرض من رداءة خدمات الصحة ولا مجيب