E-mail [email protected] في صبيحة يوم الثلاثاء الموافق10/4/2012 شنت قوات الحركة الشعبية التابعة لدولة جنوب السودان هجوما من عدة محاور على هجليج في غرب كردفان أدى في نهاية اليوم إلي سقوط المدينة تحت الإحتلال الجنوبي وإنسحاب القوات المسلحة السودانية وقوى الأمن والشرطة إلي الخرصانة وكيلك إلي الجنوب منها . في هذه المواجهة بين جيوش دولتي السودان أنسحب الجيش الشمالي تحت ضغط الهجوم ولم يقوى على المواجهة والجيش هو رمز السيادة لأي دولة وهو نموذج الفخار والعزة المدافع عن الحمى والحامي للعرض والمال والكرامة ولكن قبل أن نلقي باللائمة على الوحدات المفاتلة في هجليج دعونا نلتمس لها المبرر في ذلك الموقف الذي تعرضت له فهؤلاء الرجال كانو يقاتلون تحت وطأة هجوم من ثلاث محاور مدعوم لوجستيا بخط إمداد كامل من ربكونا وبانتيو في ولاية الوحدة الجنوبية ويتشكل من قوات الجيش الشعبي المدعومة بالمليشيا المفاتلة للجبهة الثورية المعارضة لنظام الحكم في الخرطوم والتي شملت مفاتلين من أبناء غرب كردفان كانو يعملون في شركة النيل الكبرى لعمليات البترول تم فصلهم عن وظائفهم في إطار عملية إعادة هيكلة العمالة في قطاع النفط بعد إنفصال الجنوب وكان هؤلاء يعرفون هجليج معرفة تامة ويعلمون أين تتمركز قوات الجيش والأمن وما هي أضعف نقاط الدفاع فيها كما لهم نفس قتالي أطول من قوات الجيش الشعبي إذ أستمر القتال من السابعة صباحا وحتى الرابعة عصرا وليس هذا من من شيم الجيش الشعبي خصوصا في مواجهاته مع مليشيا المسيرية المقاتلة التي لايقوى الجيش الشعبي على الصمود في مواجهتها لأكثر من ساعتين ثم يولون الدبر لا يلتفتون ورائهم ،وفي مقابل ذلك لم تتلقى هذه القوات المقاتلة أي دعم من المجلد أو كادقلي أو أي جهة أخرى وحتي بعد إنسحاب هذه القوات من هجليج إلي الخرصانة وكيلك لم يكن هنالك أي مستشفى قريب جاهز لإجلاء الجرحى والمصابين أقرب مستشفى كان بالمجلد ولم يكن هنالك طريق مسفلت يربطها بهجليج وعن حالة هذا المستشفى حدث ولا حرج فقد خرج الناس إلي البيوت بحثا عن أسرة لإيواء الجرحى والمصابين ولا يوجد بالمستشفى غير أثنين من الأطباء العموميين وتخلو صيدليته من الأدوية عدا المحاليل الوريدية أضف لكل ذلك تمييز قوي مقاتلة عن أخرى في المرتبات والإمتيازات وحتى التموين والأعاشة والسكن وكل هذ الظروف تجعلنا نمسك عن توجبه أدني ذرة لوم للقوات المسلحة السودانية المقاتلة في هجليج ولكننا لن نتواني بأن نلقي المسؤولية كاملة على قيادة القوات المسلحة والقيادة السياسية الممثلة في حزب المؤتمر الوطني الممسك بتلابيب البلاد والعباد والمهيمن بأحتكار السلطة والمال عند العافية والسلام والمرعوب المستنجد بالجميع عند الملمات والنوائب فهذا الوطن كما له واجب الدفاع عن أراضية وكرامته وحدوده على الجميع فللجميع حق الإستفاده من موارده وإمكاناته والمشاركة في سلطانه وحكمه وإلا فالعدل يقول لاواجبات بلا حقوق ومن هنا جاء إرتباط شرط الحرية بالتكليف في الدين الإسلامي الحنيف وسقوط التكاليف عن العبيد ناقصي الحقوق والإمتيازات ومن هنا جاء مبدأ أخذ الجزية عن أهل الذمة وإعفائهم من القتال .ويحضرني من موروث العرب الثقافي عندما هاجمت قبيلة عربية عبس قبيلة عنتر بن الشداد فقال له عمه أبو عبلة كر يا عنترة لما يعلمه عنه من شدة البأس والقدرة على القتال فقال عنترة ردا على عمه أنا عبد والعبد لا يحسن الكر ويحسن الحلاب والصر فقال له عمه كر وأنت حر فكر عنترة وقاتل وذب بسيفه عن حمى القبيلة عندما أصبح حرا يتمتع بحقوقه فيها . أذن كيف للمؤتمر الوطني الخروج من هذا النفق الذي أقحم البلاد فيه؟ إذا أراد لنفسه وللسودان وحدته وسلامة أراضيه وتماسك ماتبقى من شعبه وسكانه عليه بالأتي :- 1-عليه أولا عدم ممارسة الإتجار السياسي بالموقف الحالي (وهذا ديدنه )وعدم إستغلال بوادر الإجماع الوطني المتحقق بفعل العدوان الخارجي على هجليج في مناورات وتكتيكات قصيرة الأجل تطيل من عمر النظام على المدى القصير وتضاعف من أزماته على المدى البعيد وتجره والبلاد إلي ما لايريد كل حادب على أمنها وسلامتها و خيرها ورفاهها . 2- العمل على الإهتمام بمشاكل المناطق التي تعاني من التهميش ولا سيما منطقة غرب كردفان فهذه المنطقة ينبغي ان تحتل رأس سلم أولويات الحكومة للأسباب الآتية :- أ-الحقول المنتجة للنفط في السودان الشمالي الآن تقع في هذه المنطقة وتحديدا في هجليج وكنار ودفرة وبليلة ونيم وزرقة أم حديد كلها في غرب كردفان أي أن الموارد المالية للدولة تاتي من هذه المنطقة (المال) . ب- هذه المنطقة تضم منطقة أبيي المتنازع عليها وتضم في جوفها أكبر أحتياطي نفطي بالبلاد . . لاحظ هنا ان أبيي تقع في القلب من كل هذه الأحداث وهي مادفعت دولة الجنوب لإحتلال هجليج وهي تعلم أنها جزء من شمال السودان ولكنها قامت بتلك الخطوة لمقايضتها بأبيي وقد أبان قادة الحركة الشعبية في تصريحاتهم أثناء الأزمة الحالية عن ذلك . ج- هذه المنطقة توجد بها قبائل المسيرية أكبر مدافع عن حدودنا مع دولة الجنوب وهي تتمتع بالتنظيم والروح القتالية العالية فضلا عن كونها يمكن أن تتحول لقوة تهدد أمن الدولة وتشارك في العدوان عليها في حالة إهمال الحقوق ومطلوبات التنمية بالمنطقة كما حدث ويحدث في هجليج الآن( الأمن). د- الإهتمام بالطرق والمستشفيات فضلا عن كونه مطلوب تنموي مهم إلا أنه مطلوب أستراتيجي في هذه المنطقة بالتحديد إذ لا يعقل أن يقاتل الجيش في أبيي أو في هجليج من غير خطوط إمداد آمنه وسريعه تربطها مع المجلد وكادوقلي ولا يعقل أن يتم إخلاء الجرحى ومصابي العمليات إلي المجلد وهي من غير مستشفى ويهاجر سكانها إلي الخرطوم طلبا للخدمة العلاجية المكلفة. د-االتأخر التنموي يدفع بسكان المنطقة لمواصلة نمط حياتهم القائم على التجوال السنوي الذي جعل من إرتباطهم بحنوب السودان ضرورة حيوية لهم ولحيواناتهم ويشكلون بذلك ورقة ضغط بيد حكومة الجنوب تهدد عبره بحرمانهم من دخول أراضيها إذا لم يرضخوا أو حكومتهم لمطالبها ولا فكاك من ذلك إلا بجعل نصيب من عائدات النفط تخصص لخدمات مشاريع إستقرار العرب الرحل وتخصيص نسبة معروفة من العمالة بهذا الفطاع لسكان المنطقة. ه- لا يمكن لعاقل أن يهمل بوابة منها يأتيه المال والأمن ويتركها عرضة لمهب الريح تأخذها أينما تتجه. 3-على الحكومة الجلوس إلي الحركات المسلحة التي تنتمي إلي مختلف المناطق والإستماع لمطالبها ولاسيما الحركات في جنوبي كردفان والنيل الأزرق ولا بأس بإتفاق للترتيبات الأمنية يمنحها حق الإحتفاظ بقواتها العسكرية لحين إنفاذ الإتفاق من حيث شروط التحول الديمقراطي والمشورة الشعبية وقد سنت نيفاشا هذه السنة التي من حق الآخرين التمسك بها ولاسيما أن المؤتمر الوطني قد درج على تعويد الناس على عدم الوفاء بأي إتفاق ما لم يكن لدي الطرف الآخر قوة عسكرية تجبره على الإلتزام به. 4-الشروع في إجراء تحول ديمقراطي والإعداد لمؤتمر دستوري جامع يضمن مشاركة كل القوى السياسية والمجتمعية للتوافق على عقد إجتماعي جديد يضمن الحرية والكرامة للبشر في السودان. 5-ويضمن إعادة هيكلة مؤسسات الدولة والجيش على رأسها على نحو يتجه بها نحو قومية التركيب ولابأس في إستخدام قاعدة التمييز الإيجابي في التعيين لتجاوز مبرارت الغبن والشعور بالمرارة والظلم لدي مكونات الطيف الإجتماعي السوداني المتنوع التركيب متعدد الإثنيات والأعراق. هذه النقاط وغيرها يمكن أن وجدت الشجاعة وتوافرت الإرادة لدي من يملك القرار يمكن لها أن تشكل نقطة تحول تبرهن على أن حسن النوايا وإرادة الخير يمكن أن تفعل ما يعجز عنه حمل السلاح وإلقاء القنابل والصواريخ ويمكن للحب وإحترام حرمة حياة البشر وكرامتهم أن تحقق ما يعجز عنه القتل والدمار. عمر عبدالرحمن عبدالله البشاري e-mail:[email protected] 13/4/2012